أمير "الترامبيت " مسعود بلمو.. مسيرة فنية تمتد لنصف قرن يسعى أمير «الترامبيت» الفنان مسعود بلمو إلى تكوين جيل من الموسيقيين الشباب على هذه الآلة النفخية التي أدخلت أغنية الرأي إلى العالمية، كما يعكف على إعادة أشهر المقاطع الموسيقية التي أنتجها على مدار نصف قرن في البوم جديد. عملاق الموسيقى الراي مسعود بلمو كما يلقب بغرب البلاد يشرف حاليا على تكوين ما يناهز 30 شابا لهم مؤهلات فنية عالية على الآلات النفخية بمسقط رأسه عين تموشنت وهي المدينة الجميلة التي انطلق منها فن الراي بصفة فعلية بداية ستينات القرن الماضي. الفنان قال للنصر أن مسيرة انخراطه في المجال الفني وتعامله خصوصا مع الآلة النفخية جاء نتيجة صيانته للآلات الموسيقية التي تركها الاستعمار الفرنسي وتكوينه موازاة مع ذلك ضمن فرقة صغيرة تتعامل مع بعض الآلات كالطبل و القرقابو و الآكرديون و الترامبيت و الساكسوفون، وقد ازداد تعلقه بالآلة الترامبيت خصوصا نظرا لصغر حجمها وقدرتها الفائقة على منح عدة نغمات وأصوات لدرجة يطلق عليه أمير الترامبيت باعتباره أول جزائري ينفخ عليها. و عند الحديث مع بلمو عن آلته المفضلة يبهرك بمعرفته الكبيرة بتاريخ و أصل هذه الآلة و يسهب في التحدث عنها و التعريف بها، لأنه يعرف كل جزء منها بدقة و يجيد وصفها كأن يحدثك عن دور صماماتها الثلاثة في الحصول على عدد متغيّر من النغمات، و أن الضغط على صمام واحد يعطي العازف إحدى عشرة نغمة، « أهم ما يميّز آلات الترامبيت عن سواها من آلات النفخ النحاسية، أنها ذات أنابيب مستقيمة متوازية، وغالبية الأنابيب اسطوانية الشكل، وأنبوبتها الأخيرة مخروطية الشكل وتنساب في الاتساع تدريجيا حتى تنتهى بما يشبه الجرس، ومن المفروض على العازف أن يملك نفسا قويا للتعامل معها» يشرح الأستاذ المكوّن المفعم بحيوية العازف المولع بآلته. ويعد مسعود بلمو احد العناصر المجددة لفن الراي بإدخاله الآلات العصرية كما اشتهر بتلحينه لعدد من الفنانين الذين رسم لهم طريق النجومية على غرار الشاب خالد وصحراوي و فضيلة و هواري بن شنات وغيرهم. و قد تمكن الفنان بلمو من تلحين أشهر الأغاني الموجودة من بينها «شوف عشقك «»نديها قاوريا «ومحنة الجار « كاين ربي « دور وهران دور» صحا فيا «ما عندي الزهر « وغيرها من الأغاني الخالدة ذات الخلفية الموسيقية التي يطغى عليها الترامبيت و التي لاتزال تحفظ عن ظهر قلب في مختلف الحفلات و المهرجانات ومعظم أغانيه تم تحميلها على شبكة الانترنت، و يسعى ذات الفنان الذي يحلم بتلقين جيل من الشباب أهم ما تعلمه في مسيرته الفنية كما قال إلى تحضير ألبوم جديد يضم كافة المقاطع الموسيقية التي أنتجها طوال مسيرته الفنية التي تمتد إلى نحو 55 سنة إلى جانب أغنيتين عاطفيتين من كلماته وألحانه وتوزيعه الموسيقي كهدية خاصة لعشاق فنه. ويعزّز المؤلف سعيد خطيبي مسار الفنان مسعود بلمو في كتاب «أعراس النار» الذي يسرد فيه حكاية موسيقى الراي، مسائلا سياقاتها المؤسسة الأولى و مآلاتها المتعددة، وكيف تحوّل "الراي" في النهاية إلى «رايات» متعددة، فيما كان المنعطف الأول لأغنية الراي في النصف الأول من سبعينيات القرن الماضي مع مسعود بلمو، ويونس بن فيسة و بلقاسم بوثلجة... و غيرهم، عندما نشأ مصطلح «البوب راي»الذي كان في الأصل كلمة ارتجالية، سرعان ما تم التقاطها وشقّ هذا النوع من الموسيقى طريقه إلى العالمية بكثير من الثبات رغم الحصار الرسمي الذي ضرب حوله. وعودة إلى النصوص الأولى، فإن هذا النوع الموسيقي نشأ في الأصل في أحضان الأغنية البدوية من جهة والأغنية الوهرانية من جهة ثانية، و كلاهما يستند إلى نصوص تراثية لشعراء معروفين بالناحية الغربية من البلاد.