آثار رومانية هامة مهملة على الحدود تتوفر بلدية أم علي الحدودية بولاية تبسة (45كلم جنوب عاصمة الولاية) على أكثر من 50 موقعا أثريا مما يدل على أنها كانت موطن حضارات قديمة صنعها إنسان هذه المنطقة، وتتمثل هذه الآثار في مدن تحت الردم ومقابر ومعاصر زيوت وآبار قائمة بذاتها وسواق مائية وما يعرف محليا ب(الهناشير) التي هي عبارة عن مجموعات كبيرة من الصخور المماثلة لتلك التي بنيت بها أسوار تبسة وبقايا جرار(بكسر الجيم وفتح الراء) وقطع فخارية. و قد مكنت بعض الأشغال العمومية من الكشف عن العديد من هذه الآثار حيث عثر شباب الخدمة الوطنية المكلفين بإنجاز السد الأخضر خلال السبعينيات من القرن الماضي على مدينة أثرية بالمكان المسمى ب(الكدية) بالشريط الحدودي لإقليم البلدية وكانت جريدة النصر قد تطرقت للموضوع في حينه. كما تم اكتشاف مقبرة في ذات المكان من طرف مستثمر في استغلال الرمل وعوض الحفاظ على القبور المصنوعة من الحجارة الملساء والمصقولة تم إتلافها على آخرها ولم تسلم حتى الهياكل العظمية التي غالبا ما يعثر عليها داخل جرار كبيرة. وقد تعرضت مقبرة أخرى للتخريب أيضا من قبل صاحب مصنع الآجر أثناء عملية استخراج المادة الأولية المتمثلة في مادة الطين التي تستغلها ثلاثة مصانع بالمنطقة. وخلال ألفية القرن كشفت سيول الأمطار المتدفقة من أعالي جبل بوقافر عن حمام أثري عبارة عن أحواض مبنية بهشيم الطين والجبس يتوسط أرضية مفروشة بمادة الفسيفساء وذلك بالمكان المسمى هنشير لزهاريتحوالي 5كلم شمال عاصمة البلدية وحوله جدار من صخور وحجارة.أما بخصوص المجاري المائية المتمثلة في السواقي والآبار فتم العثور على العديد منها كساقية البخايرية وساقية أولاد نصر وساقية عثر عليها أحد فلاحي البلدية لما كان بصدد حفر بئر عميقة استفاد بها في إطار برنامج الدعم ألفلاحي ، بالإضافة إلى تلك الساقية العملاقة التي اكتشفت خلال التسعينيات على إثر أشغال مد قنوات الصرف الصحي , وهي ساقية ذات شكل اسطواني يقدر قطرها بحوالي 1.5م مبنية بالحجارة وبمادة الجبس و بها مياه عذبة وغزيرة حيث استعملت عدة مضخات قصد اختبار طاقة استيعابها ولكن هذه المحركات لم تقو على إفراغها مما جعل كمية المياه المستخرجة والمضخة تصل إلى التراب التونسي عبر وادي السارق على مسافة حوالي 2كلم .هذه الساقية التي كانت محل زيارة من قبل مجموعة خبراء من الوكالة الوطنية للآثار بالعاصمة وأكد أحدهم أن مدينة بجاية تتمون من ساقية بذات المواصفات، وعوض أن يستغل هذا المعلم الأثري كمعلم سياحي أو فلاحي ليسهم في ميزانية البلدية المصنفة ضمن البلديات العاجزة بفعل انعدام الموارد الجبائية والمالية تم دفنها تحت التراب وبني بمحيطها مقر الدائرة ومجموعة سكنات تابعة لديوان الترقية و التسيير العقاري .وفي الأيام القليلة الماضية فقط عثرعلى ساقية أخرى بمنطقة القرعة على إثر أشغال مشروع حماية المدينة من الفيضانات، وقد قيل لنا بأن المقاول أقدم على ردمها أيضا لأن ثقافة الردم والطمس يبدو أنها هي السائدة بهذه البلدية . ومن المعالم المكتشفة كذلك بئر قائمة بذاتها عثر عليها فلاح لما احتكت مسحته بشيء صلب فلما تتبع هذا الشيء الصلب تأكد بأنه محيط بئر فواصل الحفر واستخراج الأتربة منه إلى غاية العثور على كمية معتبرة من المياه مما أدخل الفرحة إلى قلبه لأن تكاليف حفر بئر وبناءها مكلفة للغاية.وحسب رأي شيوخ المنطقة أن كل هذه السواقي مصدرها واحد وهو منطقة(البحير) القريبة من جبل بوقافر، والبحير مشتقة من البحر مما يدل على توفر هذه المنطقة على مياه جوفية كبيرة وحسب ذات المتحدثين فان المقنبلات الفرنسية التي كانت تلقي بالقنابل على المجاهدين تجعل المكان يتفجر ماء بمجرد سقوط هذه القنابل.ومما لا شك فيه أن تتبع هذه السواقي بواسطة حفريات مدروسة علميا سيقود إلى أمرين اثنين يعدان أكثر أهمية من الاكتشافات نفسها : أولهما الوقوف على النبع الذي هو بطبيعة الحال ضخم مما سيعود بالخير والنفع على الجهة باستغلال هذه المياه في ميدان الري وثانيهما الوقوف على نهاية المصب والأكيد أنه مدينة أو مدن تحت الردم، ولا يخفى على أحد أهمية ذلك في الميدان السياحي وتحريك عجلة التنمية الراكدة .وفيما يتعلق بالمعاصر الزيتونية فان معصرة منطقة برز قال الواقعة بإقليم ذات البلدية ما زالت تشكل معلما أثريا هاما بحكم صمود جدرانها أمام العوامل الطبيعية وحوادث الدهر قرونا عديدة ولم تسقط سوى منذ حوالي ثلاث سنوات بسبب رياح عاتية وما ركام الصخور إلا شاهدا على هذا المعلم الأثري الذي يؤكد بشأنه بعض الخبراء أنه يمثل إحدى كبريات المعاصر الرومانية على مستوى الشمال الإفريقي إن لم تكن هي الأولى ويقال بأن مدينة روما التاريخية كانت تتزود بزيت هذه المعصرة استهلاكا وإنارة.