زيتون المنطقة يوجه إلى ولايات أخرى تسيير عشوائي قضى على المواد الطبيعية والحمامات المعدنية يرفض العديد من سكان ولاية تبسة، سيما بعاصمة الولاية، تهمة الإنخراط الطوعي في جريمة التهريب ومختلف التناقضات والخروقات القانونية، ويعتبرون بأن الوضعية نتيجة لقلة المشاريع التنموية بالمنطقة وارتفاع معدل البطالة، متمسكين بالوجه الآخر للمنطقة بإعتبارها مهدا لحضارات ضاربة في أعماق التاريخ. كل من يقرأ مقالات صحفية عن مدينة تبسة، تهزه أخبار الجرائم البشعة وأنباء الحوادث المتنوعة. وقد يتصور كل من يفكر في زيارتها أنه بصدد الدخول إلى ولاية لا تسمع فيها سوى عن خرق القانون بجرائم الدم اليومية أو تزوير العملة ووثائق السيارات والتهريب، بالرغم من أن هذه المنطقة تتميز بتاريخ غني وحافل بالمحطات التاريخية، التي خلفتها الحضارات القديمة كسمة تتزين بها ''تيفاست''، بالرغم من شبهة إتهامها بعاصمة الجريمة والتهريب وهي التي ذكرها العلامة والمؤرخ ''إبن خلدون'' في المجلد السابع لكتاب العبر . وجاء ذكرها في كتاب ''نزهة المشتاق في اختراق الآفاق'' للشريف الإدريسي وقال عنها ''أبو عبيد البكري'' ...إنها مدينة كبيرة وكثيرة الفواكه، مبنية بالصخر الجليل على نهر كبير كثير الفواكه والأشجار، سيما الجوز الذي يضرب به المثل هناك ....'' وعموما تبسة هي مدينة نوميدية أصلها في التسمية ''بيت أبيست'' وتعني ''بيت الجفاف'' ويستفاد من الكتب التاريخية أنها أسست سنة 814 قبل الميلاد كما عرفت بإسم ''تيفست'' في العهد الروماني. ووقعت مدينة تبسة تحت الإحتلال القرطاجي سنة 247 ق.م وجددت المدينة بعد احتلالها من طرف الرومان لتصبح قلعة عسكرية قوية، حيث أقام القائد الروماني ''صولومون'' سنة 534 سور مدينة تبسة يضم 14 برجا مربعا في شكل مستطيل بعرض 230 م وطول ب 280 م ويصل علوه إلى سقف ال 10 أمتار ويضم 4 أبواب هي ''باب كركلا''، ''باب قسنطينة''، ''باب صولومون'' وباب غير مسماة. داخل سور المدينة العتيقة بني متحف مينارف ''إلهة الحكمة عند الرومان'' في العهد الروماني على شكل مستطيل يقارب معالم المنزل المربع في مدينة ''نيم'' الفرنسية، كما تقع على بعد 3 كلم من المدينة العتيقة معالم أثرية مسابح ومدافن بمدينة تبسة الخالية بالقرب من حي الميزاب. وتعرف الآثار الرومانية إرتفاع عدد زوارها من طرف السواح الأجانب والذين يصل عددهم سنويا إلى أكثر من 750 شخصا من جنسيات مختلفة ''إيطالية، فرنسية أمريكية وبولندية'' منهم 600 سائح جاءوا إلى مدينة تبسة في مجموعات منظمة. غير أن هذه الجولات السياحية تبقى دون فعالية اقتصادية في ظل غياب المرشدين السياحيين وثقافة لدى وكالات السياحة بتنظيم رحلات إلى مواقع أثرية مصنفة تغرق يوميا في أكوام القمامة ومختلف النفايات التجارية. وهي الوضعية التي يعيشها المسرح الروماني وأثار الكنيسة المسيحية القديمة لبازيليك التي أصبحت الوكر المفضل لتناول الخمور والمخدرات، بدلا من أن تكون أحد مقومات لإقتصاد سياحي منتج بالمنطقة. الرومان أقام أكثر من 200 معصرة للزيتون والبنوك ترفض اليوم تمويل مشاريع المعاصر أثبتت التجارب العلمية الحديثة أن منطقة تبسة تتميز بتربة تعطي آفاقا واسعة للإستثمار في غراسة أشجار الزيتون، حيث عرفت انتشارها منذ عهود غابرة. فقد ذكر المؤرخون أن الرومان أنجزوا أكثر من 200 معصرة تمتد من بحيرة الأرنب إلى عاصمة الولاية. كما أعطت تحاليل المصالح المخبرية العلمية بوزارة الفلاحة نتائج رائعة صنف على إثرها الزيت الفركاني وطنيا لما يتميز به من انعدام نسبة الكليسترول، وأثبت نجاعته في عدة استعمالات استشفائية. ويذكر أن أشهر معاصر الزيتون القديمة هي معصرة برزقان التي تقع على الطريق الوطني بين تبسة وبئر العاتر، على بعد حوالي 35 كلم جنوبالمدينة، بنيت في الفترة ما بين 98 و 117 م من طرف الرومان، وتتربع على مساحة 800 متر مربع كانت تحتوي على 3 طوابق. وقال المؤرخون في كتاباتهم العديدة أن ضخامة حجمها كان يدل على ارتفاع كمية الإنتاج الذي كان يصدر إلى روما إنطلاقا من تبسة. في مقابل ذلك، وبالرغم من اتساع الإستثمار الفلاحي في غراسة هذه النوعية من الأشجار المثمرة، حيث قفز العدد في ظرف أقل من5 سنوات من 1000 إلى أكثر من 30 ألف شجرة، بحثا عن الإقتداء بالتجربة الإسبانية في الغراسة المكثفة. ودخلت بعض المستثمرات بالعفلة المالحة وصفصاف الوسرى مرحلة الإنتاج، حيث يوجه الزيتون لمعاصر ولايتي فالمة، سوق أهراس والطارف، إلا أن البنوك ترفض مشاريع الوحدات الصناعية لزيت الزيتون بمبرر نقص هامش الربح المتوقع، وعدم مردودية هذه المشاريع، حيث توجد أكثر من خمسة ملفات للمستثمرين الشباب في أدراج مديرية المصالح الفلاحية بولاية تبسة منذ 5 سنوات تنتظر الموافقة من قبل المؤسسات البنكية. 3 مناطق للتوسع السياحي دون إقبال ومنابع طبيعية يتهددها خطر الجفاف وفي إطار السعي لإقامة وخلق هياكل الترفيه واللعب وفضاءات السياحة، تتوفر ولاية تبسة على مقومات إقتصاد سياحي ناجح، وذلك من خلال توفر منابع طبيعية وحمامات معدنية كانت إلى وقت قريب قبلة للعائلات التبسية. غير أن الحمام المعدني ببلدية الحمامات إنقطع مورده الطبيعي، وذلك على خلفية حفر بئر عميقة على مسافة غير بعيدة من موقعه. ويرجع بعض السكان جفافه إلى التسيير العشوائي للموارد المائية. وعن المحاولات الرسمية للتخلص من ركود الإقتصاد السياحي، قال المدير المعين مؤخرا على رأس القطاع أن الولاية تعرض حاليا مساحة 33 هكتارا لثلاثة مناطق للتوسع السياحي ''الحمامات، نفرين، غابات بكارية الخلابة''، بحيث أنه وفي إطار المخطط الوطني التوجيهي للسياحة يستفيد المستثمرون بإمتيازات جبائية بنص قانون المالية التكميلي بتخفيض نسبة الرسم على القيمة المضافة، وكذا تخفيضات في الرسوم الجمركية للمعدات المستوردة. وقد يستفيد أي متعامل أجنبي أو وطني يرغب في الإستثمار بتخفيضات للمتر المربع الواحد، يصل إلى 80 بالمئة من أسعار التقييم المعمول بها. وأضاف أن حمام سيدي يحي بن طالب بالمريج شمال الولاية المسير حاليا بطريقة تقليدية استفاد من عملية جديدة سنة 2011 لدارسة التهيئة وإمتيازات المياه المعدنية الخاصة به، تحسبا لتطوير السياحة الحموية بالمنطقة. ويركز المسؤولون في الولاية على إقناع المستثمرين لإقتحام مشاريع فضاءات اللعب والترفيه والحدائق العائلية، سيما وأن منطقتي بكارية والحمامات تعدان قطبا مناسبا من حيث المناخ والمناظر الطبيعية التي تجلب السواح المحليين أو الأجانب. وعلنا إذا ما تغاضينا عن ذكر آثار ومعالم أخرى تزخر بها تبسة من الشمال بعين الزرقاء ''قسطل'' مرسط، الكويف إلى الجنوب بواحتي نفرين وفركان على الحدود مع ولاية وادي سوف، سنكون قد قصرنا في إحصاء جعلناه على سبيل التذكير لمحاولة يدفعها أمل الخروج من طي النسيان وسلة المهملات. وعلى أمل أن يستفيق مستثمرونا في مجالات المستودعات والمقاهي ومحلات الأكل الخفيف ويغيرون وجهتهم إلى المساهمة في تطوير الإقتصاد السياحي، يفجرون رغبة الإقدام شجاعة المخاطرة والإستثمار في قطاع اتخذت منه الجارة والشقيقة تونس بترولا أزليا لا ينفذ ومردا رئيسيا للعملة الصعبة. وهي استفاقة قد تخض نسبة البطالة إلى أدنى المستويات وتستقطب شبابا إنخرط في أنشطة التهريب وشكل مجموعات إجرامية شوهت الوجه الآخر لتبسة التاريخ والحضارة. إمتيازات أسعار التنازل على الأراضي وتخفيض نسبة الفائدة لم تجلب المستثمرين وبالرغم من توفر الولاية على 19 مؤسسة فندقية غير مصنفة بطاقة إستيعاب 465 غرفة و 985 سريرا تتوزع على بلديات تبسة، بئر العاتر، الونزة، بكارية والحمامات في مقابل أن 25 بالمئة من هذه المؤسسات تتوفر على مقاييس لائقة للتصنيف في نمط النجمة فما فوق، في انتظار فصل اللجنة المختصة بالوزارة. ناهيك على 5 وكالات سياحية، إضافة إلى منح الدولة عن طريق قانون المالية إمتيازات في خفض قيمة الأراضي التي تحتضن مشاريع ترفيهية أو سياحية إلى سقف 50 بالمئة وتراجع الرسم على القيمة المضافة من 17 إلى 7 بالمئة بالنسبة للمؤسسات الفندقية المصنفة وخفض نسبة فوائد القروض البنكية إلى 3 بالمئة. إلا أن إقبال المستثمرين الأجانب أو الوطنين يظل ضعيفا على الإستثمار في السياحة وتسعى مصالح ولاية تبسة في إطار مخططات التنمية للهضاب العليا والنمو والمخطط الخماسي الجديد 2010/2014 لإستكمال مشاريع التوسع السياحي. كما أعلن عن تسجيل دراسة المخطط التوجيهي للتهيئة السياحية للولاية لآفاق 2030 ودارسة إنجاز مشاريع مخيمات مصنفة بكل من الصفصاف، بوخضرة، قسطل ببلدية عين الزرقاء وفركان بجنوب الولاية وتهيئة المنبع الطبيعي بالقعقاع بلدية بئر مقدم ولم تقدم من جهتها غرفة التجارة والصناعة بتبسة بإعتبارها فضاء تشاوري وتبادل للخبرات على تنظيم أي نشاط أو لقاء إقتصادي أو إعلامي بالتنسيق مع الجهات المسؤولة في هذا المجال قصد إعطاء الفرصة لربط علاقات مع دول تمتلك الخبرة في مجال الإقتصاد السياحي.