300 دار نشر فقط من أصل 1200 تزود السوق الوطنية بالكتب كشف مدير الكتاب و المطالعة العمومية بوزارة الثقافة، قانة ياسر عرفات بأن 300 دار نشر فقط ،من أصل 1200 يحصيها القطاع، تنتج كتبا و تسوقها، أما باقي الدور فهي عبارة عن سجلات تجارية لا يتعدى وجودها الأرقام، و لا تمارس أي نشاط فعلي يذكر ، واقع قال بأنه يعجز عن وصفه بشكل دقيق بسبب صعوبة تصنيف الدور ،حسب تخصصها و طبيعة نشاطها، وهو ما ينعكس على وضعية الكتاب عموما ،نظرا لصعوبة ضبط نشاط هذه المؤسسات. المسؤول أوضح في افتتاح الملتقى الذي انطلق أمس و تختتم فعالياته اليوم بقصر الثقافة محمد العيد آل خليفة، بأن تجربة النشر في الجزائر لا تزال فتية لا يتعدى عمرها 50 سنة، لذلك فإن الحديث عن تحكم مطلق في واقع الكتاب لا يزال صعب المنال، بالرغم من الجهود التي تقوم بها الدولة و بعض دور النشر الوطنية و الخاصة و عددها يناهز 1200، من بينها 300 دار هي عبارة عن مؤسسات ناشرة تابعة للمعاهد و الجامعات، بالمقابل يتعدى عدد الناشرين الخواص 900 مؤسسة تحوز على رمز التصنيف كمؤسسة ناشرة و موزعة، مسجلة لدى الوكالة الوطنية للرقم الوطني الموحد. و أضاف المتحدث بأن دور النشر الفاعلة ميدانيا، تنتج كتابا إلى كتابين كل سنة إلى ثلاث سنوات، ما يعد غير كاف ، و تختلف حسب تخصصاتها و أدائها فمنها من تتوفر على مطابع و تعمل في النشر و التوزيع و الاستيراد، و عددها جد ضئيل، أما غالبية الدور الأخرى فتختص في النشر أو التوزيع، علما بأن معظمها تعتمد على دعم الدولة، مشيرا الى أن كل دور النشر الجزائرية تتبنى اللغتين العربية و الفرنسية، مع التركيز بشكل أكبر على اللغة العربية. وعن واقع القطاع في الجزائر مقارنة بالدول العربية الأخرى، أوضح بأن بلادنا لا تزال في بداية الطريق لكنها تسير وفق منهج صحيح ،كما عبر، محملا مسؤولية النهوض بمستوى الكتاب لمختلف الفاعلين في عملية صناعته بما في ذلك الكتاب الناشرين و الموزعين، الذين أعاب على بعضهم غيابهم التام عن المعرض الدولي للكتاب الذي نظم مؤخرا بالعاصمة، على غرار دور المتخصص في نشر الكتب الفاخرة. و بالحديث عن قانون الكتاب الجديد، أكد المتحدث، بأنه يعد أقل شمولية من مشروع قانون تنظيم سوق الكتاب في الجزائر الذي عرض على البرلمان سنة 2008، لكنه لم يمرر بسبب غياب تشريع قانوني واضح يفصل سبل التعامل مع قضايا النشر و الكتاب، ما عدا المادة 122 التي تتناول الموضوع بشكل قانوني مقتضب، وهو ما استدعى إدراج مرسوم رئاسي خاص لتأسيس مشروع المركز الوطني للكتاب سنة 2009، الذي شكل أحد فصول القانون الأول، وقد تطلب تفعيله ميدانيا أزيد من أربع سنوات، لتنصيب لجان متخصصة تعمل على تسييره، أما لقانون الجديد فيضم ،كما قال، 18 نصا تنظيميا لضبط و تنظيم قطاع النشر و المكتبات و البيع. نوارة حسين مديرة النشر بالمؤسسة الوطنية للفنون المطبعية مبدأ العرض و الطلب فرض الرداءة على سوق الكتاب في الجزائر اعتبرت مديرة النشر بالمؤسسة الوطنية للفنون المطبعية نوارة حسين، الواقع الحالي لقطاع النشر و التوزيع و الكتاب عموما في الجزائر وليد مرحلة تاريخية معينة، فالنشر في الجزائر تجربة ولدت بعد الاستقلال ،أي في مرحلة لم تكن بلادنا تملك خلالها أشخاصا مؤهلين ذوي تصور علمي لهذا المجال، حيث احترف النشر أنذاك كل من كان يملك مطبعة، واستمر الوضع على حاله، بسبب تصنيف هذا القطاع كنشاط اقتصادي و تجاري يخضع لمبدأ العرض و الطلب. و أضافت الصحفية السابقة، بأن تراجع مستوى الكتاب و سطحية العناوين و المضامين، هي نتاج لاحتكام واقع النشر لمتطلبات السوق، مشيرة إلى أن الكتب شبه المدرسية و التطبيقية ككتب الطبخ و التنمية البشرية و الكتب الدينية، تهيمن على واقع النشر حاليا، بسبب ما تفرضه عقلية الربح المطلق، ما يصعب مع الحديث حاليا عن إمكانية وجود نقد أدبي يؤسس لفكر راق و يهذب الذوق العام للقراء. فضلا عن ذلك،فإن غالبية الناشرين لا يلتزمون بدورهم كمثقفين، بقدر ما يركزون على نشاطهم كتجار، وهو ما انتهى بالعديد من دور النشر الى الغلق بسبب غياب التوازن بين المعايير الثقافية و التجارية، فالناشر ،حسبها، لا يلبي احتياجات القارئ بل يقترح عليه ما يقرأه، لأن بعض دور النشر تنشر فقط، ما هو مدعم من طرف الدولة و لا تتبنى مبدأ المبادرة. أما عن السبب وراء هيمنة الرواية و القصة و كتاب الطفل على سوق المنشورات، على حساب الكتاب الأكاديمي و الفلسفي، فقد أوضحت بأنه راجع لغياب ثقافة النشر عند الأكاديميين، وهو واقع ،قالت المتحدثة، بأنه ناتج عن تداخل مسؤوليات جميع الفاعلين في العملية الثقافية، خصوصا وأن مقارنة بسيطة بين مستوى الكتاب في الجزائر، خلال الستينات إلى غاية الثمانينات من القرن الماضي و مستواه حاليا، تبرز أن حاله كان أفضل رغم ضعف الإمكانيات. المتحدثة ختمت مداخلتها بالاعتراف بأن قانون الكتاب الجديد الذي نوقش مبدئيا في شهر جويلية المنصرم، قد لا يكون كافيا لتصحيح الوضع بسبب ما يحويه من ثغرات لكنه مع ذلك يعد لبنة أولى لوضع قوانين أخرى مكملة. الدكتورة بوفجلين زهرة عضو لجنة مراجعة قانون الكتاب القانون الجديد تكريس لاحتكار الدولة وسيدفع الناشرين للإفلاس و مغادرة القطاع ترى الدكتورة بوفجلين زهرة، أستاذة بجامعة الجزائر 2 و عضو اللجنة الاستشارية التي أسندت إليها في ديسمبر 2014، مهمة مراجعة نص مشروع القانون المتعلق بأنشطة سوق الكتاب في الجزائر، بأن القانون الجديد يتضمن تمييزا كبيرا بين القطاعين العمومي و الخاص، و يعد بمثابة رجوع لفرض هيمنة الدولة على نشاط التوزيع و النشر، و بالأخص التوزيع، خصوصا فيما تعلق بشق إلزام المؤسسات الأكاديمية و الثقافية ،كالمكتبات العمومية و حتى مكتبات البيع بشراء الكتب فقط من الموزعين المتواجدين على مستوى نفس الرقعة الجغرافية، ما اعتبرته الباحثة تكريسا لاحتكار القطاع العمومي، معلقة بأن الثغرات الكثيرة التي تضمنها نص القانون النهائي ستؤدي لإفلاس الكثيرين من الناشرين الخواص أو مغادرتهم للقطاع نهائيا. الباحثة علقت بأن موقفها من نص القانون مبني على أساس قراءة نقدية من وجهة نظر أكاديمية، أخذت بعين الاعتبار مجموعة من الأخطاء و النقائص التي طالبت اللجنة بتصحيحه و إتمامها لكن دون جدوى، على غرار تجاهل القانون للبيبليوغرافيا الجزائرية و غياب مصطلح المكتبة المدرسية ، فضلا عن تجاهل مطلب استبدال تعريف الرقم الدولي للكتاب بتعريف اليونيسكو، و إلغاء إخضاع تحديد سعر الكتاب للناشر رغم استفادته من الدعم . كما أضافت بأن المادة الخامسة لم تشر إلى شبكية المكتبات العمومية، و تطوير شبكة مكتبات البيع، التي تناقص عددها في السنوات الأخيرة مقارنة بعدد الناشرين. بالإضافة إلى إغفال دور القطاع الخاص في ترقية النشر و التوزيع في ظل احتكار الدولة، في وقت تفرض المادة 10، على الناشرين إلزامية الحصول على ترخيص مسبق من وزارة الثقافة لممارسة النشاط بالرغم من امتلاكهم لسجلات تجارية قانونية مصرحة. أما المادة 13، فتخضع الكتب المستوردة من قبل الهيئات الثقافية و الدبلوماسية كالمراكز الثقافية الأجنبية و حتى السفارات، لشرط الترخيص المسبق من وزارتي الثقافة و الخارجية، بالمقابل فإن القانون تضمن 14 مادة عقابية. و أشارت المتحدثة إلى وجود عراقيل أخرى متعلقة بالنشر و الترجمة، كنص المادة 18 الذي يجبر كل ناشر على توزيع ما ينشره بنفسه، إلى جانب إغفال القانون للشق المتعلق بالكتاب الرقمي،و عدم الإشارة لدور لجان القراءة، و عدم إشراك النقابة و اتحاد الكتاب في عملية صياغة القانون، و كذا تجاوز مسألة تخفيض الضرائب المفروضة على الفاعلين في القطاع، و كذا احتكار المؤسسات العمومية لحق التكوين في مجال الكتاب و المطالعة العمومية، رغم عدم توفرها على الكفاءات اللازمة و الكافية. و ختمت الباحثة مداخلتها بالقول بأن القانون الذي جاء بعد قانون 1982، لم يأخذ بعين الاعتبار إشكالية الكتاب لأنه لم يفتح نقاشا حقيقيا بين الجهاز التنفيذي و التشريعي لضبط إستراتيجية تتضمن رؤية جادة لتطوير القطاع بعيدا عن احتكار الدولة.