لا تزال عائلة حيرش قدور بقرية تيفران ببلدية سفيان، دائرة نقاوس، جنوب غربي ولاية باتنة، تعيش على حلم لقاء ابنها حليم المختطف ذات الثالث عشر سبتمبر من سنة 2009، حينما كان في الخامسة ، ليبقى اختطافه الحالة الوحيدة في الجزائر التي ظلت لغزا ولم يتم فك خيوطها، ما جعل عائلته تعيش الألم والأمل في آن واحد خاصة الأم التي اكتوت بفقدان فلذة كبدها فهي لا تعلم إن كان حيا ام ميتا. ربورتاج وتصوير: ياسين عبوبو تنقلنا مساء أول أمس الجمعة، إلى قرية تيفران التي تبعد بحوالي 70 كلم عن عاصمة الولاية باتنةجنوبا، بدعوة من شباب القرية الذين بادروا إلى تنظيم دورة رياضية في كرة القدم تحمل اسم الطفل حليم حيرش تحت شعار «لا للعنف ولا لاختطاف الأطفال»، حيث أراد شباب القرية تذكر ابنهم المختطف وتجديد تضامنهم مع عائلته، مطالبين في الوقت نفسه بمواصلة الجهود للبحث عنه وفك لغز اختطافه. وحسب الشاب عادل شوحة 32 سنة أحد سكان القرية ، فإن المبادرة أريد لها أن تكون تضامنية مع عائلة حيرش رغم الإمكانيات البسيطة وانعدام مرفق رياضي بعد أن اختاروا أرضية فلاحية لم يتم حرثها هذا الموسم بمنطقة أمسدور ليس ببعيد عن التجمع السكني تيفران، لإقامة الدورة الكروية التي ضمت 13 فريقا والتي ستدور فعالياتها على مدار شهر، وقال لنا عادل، إن المنطقة ومنذ اختطاف الطفل حليم سنة 2009 تعيش على وقع تلك الحادثة رغم مرور سبع سنوات ، وأشار لمساهمة كافة المشاركين في الدورة الرياضية بقدر من المال كل حسب استطاعته لإعانة العائلة والتعبير عن تضامنهم معها. شباب ينظمون دورة كروية تضامنا مع عائلة حليم وروى لنا بألم أحد المنظمين للدورة الكروية من أبناء القرية، وهو عبد الكريم شوحة 43 سنة والذي يشتغل في النشاط الفلاحي تفاصيل عن حادثة الاختطاف عايشها ، وقال بأن الطفل حليم المختطف كان صديق ابنه، وقد دخلا معا للطور التحضيري بمدرسة لبرارة علي بقرية تيفران لتشاء الأقدار يضيف عبد الكريم أن يعود ابنه إلى المنزل بعد أول يوم يقضيه بالمدرسة رفقة صديقه حليم، في حين تعرض حليم للاختطاف، مؤكدا بأن تلك الحادثة زرعت الرعب في نفوس سكان القرية وأن الألم الذي تعيشه عائلة الطفل يسكن قلوب كافة سكان القرية أيضا، خصوصا وأن القضية لا تزال لغزا، لأن حليم لم يعثر عليه لا حيا ولا ميتا يضيف المتحدث، مشيرا إلى أن ابنه اليوم يدرس في المتوسط في حين لا يعرف إلى غاية اليوم مصير حليم. وأكد أحد سكان القرية من جيران عائلة المختفي، يدعى توفيق شوحة بأن الغموض الذي يلف الحادثة جعلهم لا ينسون الطفل ودفعهم لتجديد تضامنهم مع عائلته والمطالبة بإعادة فتح تحقيق حول سر اختفائه الغامض، مؤكدا بأن كافة السكان بمعية مصالح الدرك الوطني لم يتركوا مكانا من أودية وغابات إلا و بحثوا فيه قبل أن ييئسوا بعد تأكد اختطافه وتضارب روايات عن مشاهدة مجهولين على متن سيارة سوداء في ذلك اليوم قاموا بإختطافه. وتحدث الجيران عن تنقلهم إلى الجزائر العاصمة قبل شهرين إلى مقر قناة تلفزيونية عرضت على شاشة التلفزيون صورة طفل يشبه حليم والذي يعيش لدى سيدة بولاية البليدة، غير أنهم لم يتمكنوا من رؤيته بعد أن قيل لهم بأن تواريخ الاختفاء بين حليم والطفل الذي يشبهه لا تتطابقان، في حين يصر بعضهم ومعهم شقيق حليم البكر كمال على رؤية الطفل على وجود شبه كبير. إختفى في أول يوم له بالمدرسة التقينا شقيق حليم البكر ويدعى كمال والذي يبلغ من العمر اليوم 22 سنة بعد أن كان خلال وقوع الحادثة ، طفلا لا يتعدى عمره 15 سنة ، وقد بدا متأثرا بتضامن سكان القرية مع عائلته، وقال لنا بأن عائلته بسيطة ووالده لا يعمل، أما هو فليس له عمل قار ويحاول كسب قوته في ممارسة الفلاحة لدى الفلاحين بالمنطقة، معتبرا وضع عائلته المادي الصعب عائقا يحول دون توسيع البحث عن شقيقه المختطف منذ سبع سنوات، وقال كمال قبل أن نلتقي بوالديه وباقي أفراد عائلته بأن أمه تعيش على أمل لقاء ابنها مجددا مؤكدا بأن كافة أفراد عائلته لم ييئسوا من لقاء ابنهم مجددا. وقال كمال إلى جانب عدد من سكان قرية تيفران ممن تحدثنا إليهم بأن شكوكا باتت تراودهم عن الاختطاف الغامض للطفل حليم لعدم ظهور أي أثر له . تنقلنا إلى مسكن والدي الطفل ، ومررنا عبر مدرسة لبرارة علي التي اختطف من أمامها قبل سبع سنوات وهي تبعد بمسافة تقدر بحوالي كيلومترين ونصف عن المسكن ، كان يقطعها الطفل هو وعديد التلاميذ سيرا على الأقدام، ويتطلب الوصول إلى بيت عائلة حليم المرور بمسلك ريفي. المنطقة التي تعيش فيها عائلة ضحية الحادثة اللغز بسيطة ،حيث وقفنا على معالم حياة بدائية لبعض العائلات في كسب قوتها عن طريق الحرث بالبغال والدواب، وأثناء وصولنا لمسكن عمي قدور حيرش والد حليم الذي لم يكتمل إنجازه، سارع مرافقنا ليخبره بأن مرافقه صحفي، حتى لا يتبادر إلى ذهنه أن الأمر يتعلق بناقل لنبأ عن أبنه، كون الأب يتوقع في كل وقت من يأتي له بأخبار سارة . الأم «أشعر أن ابني لا يزال على قيد الحياة» عمي قدور والد حليم البالغ من العمر 48 سنة يعيش حياة صعبة كونه بدون عمل ولا تأمين اجتماعي وهو الذي يعيل عائلة مكونة من زوجته وأربعة أولاد بعد أن فقد حليم الخامس والرابع في ترتيب أولاده، وحتى مسكنه الذي استفاد من إعانة السكن الريفي لتشييده لم يقدر على استكماله ، حيث يقطن به رفقة أفراد عائلته وسط ظروف صعبة، و يلجؤون لجلب المازوت أو قارورات البوتان وفي كثير من الأحيان للاحتطاب من أجل التدفئة ، ورغم صعوبة العيش إلا أنه أكد بأن همه الوحيد هو العثور على ابنه حليم، وقال بأن اختطافه أنساه كل شيء ليظهر لنا صور ابنه على الجرائد والتي يحملها معه دائما عله يجده يوما ما.عمي قدور قال لنا بأنه أصبح مهووسا بعد حادثة اختطاف ابنه حليم لدرجة أن ابنه الذي يصغر حليم والبالغ من العمر حاليا 12 سنة بات يخاف أن يمسه سوء ويصطحبه معه إلى المدرسة على متن دراجته النارية دائما. وما قد يقال ويوصف عن حال والد اختطف ابنه، لا يمكن التعبير عنه و عن حالة أم لا تعرف أين هو فلذة كبدها، هي لا تعلم إن كان على قيد الحياة أو ميت ومع ذلك أكدت الوالدة رشيدة في حديثها إلينا بالقول أن إحساسها قوي بأن ابنها حليم على قيد الحياة وأنها لا تريد شيئا سوى إعادة ابنها إلى حضنها مؤكدة بأنها تعيش على أمل واحد هو إستعادة ابنها إلى حضها حتى تعود لها الروح.