جسد الشعب الجزائري دعمه اللامشروط للقضية الفلسطينية من خلال توافده بأعداد قياسية على مدرجات ملعب 5 جويلية الأولمبي مساء أمس لمتابعة اللقاء الودي الذي جمع المنتخب الأولمبي الجزائري بنظيره الفلسطيني، لأن تواجد أزيد من 70 ألف متفرج بالمدرجات أكبر دليل على موقف الجزائر حكومة و شعبا تجاه القضية الفلسطينية و نضال التحرر من قبضة الإحتلال الصهيوني. «أوركيسترا» المدرجات خطفت الأضواء من آداء اللاعبين فوق المستطيل الأخضر، لأن الصور التي صنعها الجمهور الجزائري أبهرت لاعبي المنتخب الفلسطيني، الذين يخوضون لأول مرة في تاريخهم مقابلة أمام جمهور قياسي، و بمدرجات مكتظة عن آخرها، و لو أن الرايات العملاقة التي علقت في كل أركان الملعب، و كذا الشعارات و الأغاني التي رددتها الجماهير، و من أبرزها « كلنا مع فلسطين ظالمة أو مظلومة» كانت بمثابة رسالة واضحة المضمون لكل العالم بأن الجزائر تبقى متمسكة بموقفها المساند للشعب الفلسطيني و نضاله ضد المستعمر الإسرائيلي، و هذا منذ سنوات طويلة. المباراة كانت تاريخية، على إعتبار أنها الأولى التي تجمع بين المنتخبين، و قد سارت في بدايتها لصالح النخبة الوطنية، كون المدرب شورمان عمد إلى المراهنة على نفس التشكيلة التي شاركت في «كان السنغال» و نجحت في تحقيق التأهل التاريخي إلى «أولمبياد ريو»، في صورة صالحي، عبداللاوي، كنيش، بن خماسة، فرحات، شيتة و غيرهم، و قد أتيحت للنخبة الوطنية فرصة إفتتاح باب التسجيل في الدقيقة الثانية بعد عمل هجومي منسق ختمه فرحات بفتحة صوب بن خماسة، لكن هذا الأخير لم يحسن إستغلال الفرصة. و مع مرور الدقائق تبين بأن المنتخب الفلسطيني هو الأكثر نضجا تكتيكيا، لأن الطريقة التي إنتهجها التقني الجزائري نورالدين ولد علي إمتصت الفرديات الجزائرية، و ذلك من خلال فرض رقابة لصيقة على حامل الكرة، مع الإعتماد على جدارين للدفاع إنطلاقا من وسط الميدان، و ترك المناورة الهجومية للثنائي سامح المراعبة و أحمد أبو ماهية. هذه الإستراتيجية في اللعب شلت من فعالية العناصر الوطنية، بدليل أنها لم تشكل خطورة كبيرة على مرمى الحارس توفيق أبو حمد، في الوقت الذي إنتظر فيه منتخب «الفدائيين» إلى غاية اللحظات الأخيرة من المرحلة الأولى لإشهار أسلحته الهجومية، و ذلك بنقل الخطر إلى منطقة «الخضر» و تهديد مرمى صالحي في 3 مناسبات، عن طريق سامح المراعبة. «فيزيونومية» المباراة تغيرت كلية خلال الشوط الثاني، لأن خروج منتخب فلسطين من منطقته جعله يفرض ضغطا مكثفا على النخبة الوطنية في منطقتها، و قد عجز فرحات و زملاءه في صنع اللعب، لأن الرقابة اللصيقة المفروضة عليهم حالت دون تمرير الكرة فيما بينهم، الأمر الذي جعل «الفدائي» يتحكم في زمام الأمور، بعد النجاح في بسط سيطرته على منطقة وسط الميدان، لتعرف الدقيقة 62 هز الفلسطينيين للشباك و إمضائهم هدف التفوق، إثر عمل جماعي منسق إنطلاقا من وسط الميدان، أنهاه الظهير الأيسر جابر صيام بتمريرة داخل منطقة الجزاء صوب زميله محمد أبو ماهية الذي أسكن الكرة بكل سهولة في شباك الحارس البديل شعال، مستغلا سوء تموقع محور الدفاع الجزائري. هذا و قد تجاوب الجمهور الجزائري كثيرا مع هذا الهدف، لأن المدرجات إهتزت، على إعتبار أن المتفرجين كانوا يؤازرون المنتخبين معا، و بعد هذا الهدف تحولت الجماهير لتشجيع المنتخب الفلسطيني، و كأن المقابلة تجري في الأراضي المحتلة. باقي الدقائق كانت عبارة عن صراع على الكرة في حدود منطقة وسط الميدان، و لو أن أول رد فعل جاد من المنتخب الوطني كان في الدقيقة 82، بعد رأسية من أمقران جانبت القائم الأيسر للمرمى، في حين فوت عماد سالم فرصة مضاعفة النتيجة على «الفدائي»، لما وجد نفسه في الدقيقة 87 وجها لوجه مع الحارس شعال إلا أن قذفته مرت جانبية بقليل، لتنتهي المقابلة بفوز شرفي للمنتخب الفلسطيني على نظيره الجزائري وسط أجواء جسدت أواصر الأخوة و التآزر بين الشعبين، في ملحمة كروية ستبقى راسخة في الأذهان، و كانت خاتمتها بصورة تذكارية بين جميع لاعبي المنتخبين.