تجار ينافسون القروض الإستهلاكية لتجنب الكساد دفعت عودة القروض الاستهلاكية الكثير من التجار الذين لم يشملهم القانون لعدم تعاملهم مع البنوك، إلى اعتماد صيغة البيع بالتقسيط، بإجراءات بسيطة كانت مرفوضة سابقا، خوفا من كساد سلعهم لاسيّما في مجال الأدوات الكهرومنزلية و الأجهزة الإلكترونية و حتى الأثاث، و هي الطريقة التي اعتبرها البعض مثلى لمواجهة منافسة وصفوها بغير العادلة، فيما حذرت مصالح مديرية التجارة من الغش وعدم احترام الاتفاق المسبق بين الزبون و التاجر. زرنا محلات لبيع المواد الكهرومنزلية والالكترونية بوسط مدينة قسنطينة، و بمدينة الخروب،بعد أن لفت انتباهنا تزايد عروض البيع بالتقسيط، مع تأكيد تسهيل شروط وإجراءات التسديد، وكذا تقليص ملف الاستفادة من هذه الصيغة واقتصارها على نسخة من بطاقة التعريف وصك ضمان يحمل المبلغ المتبقي عن الدفعة الأولى المفروضة على الزبون قبل استلام مقتنياته، فيما كانت العملية في السابق أكثر تعقيدا و تتطلّب الكثير من الوثائق لتكوين ملف الاستفادة، لا تكاد تختلف في شيء عن تلك المفروضة في البنوك، منها نسخ عن كشف راتب الأشهر الثلاثة الأخيرة، و نسخة عن بطاقة التعريف و شهادة ميلاد..و غيرها من الوثائق التي بسببها يتراجع الكثيرون عن قرار الشراء بصيغة التقسيط. الملفت أيضا، تزايد الإقبال على شراء أجهزة الإعلام الآلي و الطابعات و اللوحات الالكترونية و الهواتف الذكية، و هذا عكس ما كان شائعا في السنوات الماضية، حيث كان التقسيط سلوكا مقتصرا على شراء الأدوات الكهرومنزلية و بعض الأثاث الضروري، مثلما أكد عدد من أصحاب محلات بيع الأجهزة الالكترونية، الذي لم ينف بعضهم اضطرارهم لاعتماد طريقة البيع بالتقسيط رغما عنهم، بعد تسجيل تراجع كبير في المبيعات أرجعوا أسبابه للأزمة الاقتصادية و تراجع القدرة الشرائية من جهة و تضاعف عدد المحلات المعتمدة لهذا الأسلوب في التسويق، مما فرض منافسة أخرى، اقتضت حسبهم ركوب الموجة للبقاء في السوق و تجنب الخسارة، لأجهزة تتطلب سرعة التسويق، بسبب التجديد و التطوّر التكنولوجي المتسارع الذي يشهده مجال الالكترونيات و الأجهزة الذكية. القروض الاستهلاكية تمتص الطلب وبرّر ثلاثة تجار ينشطون في مجال الأدوات الكهرومنزلية بحي تجاري واحد، لجوءهم للبيع بصيغة البيع بالتقسيط، ببعث القروض الاستهلاكية التي قالوا أنها ضيّقت عليهم، وتسببت في تراجع هامش الربح الذي كانوا يحققونه شهريا، وساهمت في تراجع عدد الزبائن في رأيهم، لتفضيلهم التعامل مع البنوك بسبب مدة التسديد التي تتجاوز السنة، وبالتالي تقليص قيمة الأقساط المطالبين بتسديدها شهريا، و هي المحفزات التي يعجز أغلب التجار عن توفيرها، لأنها لا تخدمهم، مما يضطرهم لتمديد مدة التسديد من ستة أشهر إلى 12شهرا كأقصى حد، مثلما ذكر صاحب محل لبيع أجهزة الإعلام الآلي و لواحقها و الذي بدأ عملية البيع بالتقسيط منذ شهرين فقط، تحسبا لما ستعرفه السوق من منافسة بين باعة الأجهزة ذات الصنع و التركيب المحلي و باعة المنتوج المستورد على حد تعبيره. وأجمع الباعة الذين تحدثنا إليهم، بأنهم رغم تخوفاتهم من التسهيلات التي اعتمدوها لأجل استقطاب الزبائن والتخفيف من شروط الاستفادة من البيع بالتقسيط، إلا أنهم لم يترددوا أو بالأحرى لم يجدوا حلا أفضل لضمان الاستمرار في نشاطهم التجاري، بعد أن أثبت الواقع تضاعف عدد الراغبين في الشراء بالتقسيط بسبب سهولة وملاءمة الشروط التعاقدية، وإن وصف بعضهم طلب نسخة من بطاقة التعريف وصك واحد بالقيمة المتبقية عن سعر الغرض الذي يقتنيه الزبون بالمغامرة، خشية مواجهة ما واجهه بعض زملائهم الذين خاضوا التجربة قبلهم، من مشاكل مع بعض الزبائن الذين يتأخرون في التسديد وعند محاولتهم أخذ مستحقاتهم يتفاجأون بأن الشيك بدون رصيد، مما يدفعهم لانتقاء الزبائن، و تحبيذ التعامل مع أشخاص يعرفونهم أو يقصدونهم بتوصية من أقارب أو معارف لهم. وأكد تجار تزايد الطلب على لواحق أجهزة الإعلام الآلي من ناسخات وطابعات ورقية بمختلف الأحجام بعد توفيرهم عرض البيع بالتقسيط، سواء من قبل المواطنين العاديين أو من قبل أصحاب المكاتب ومحلات «الطاكسي فون» و «السيبركافي» وكذا الوراقات. في جولة بين عدد من محلات بيع الأجهزة الكهرومنزلية، عرفنا من بعض الباعة بأن صيغة البيع بالتقسيط تعرف تباينا في الطلب، حيث ترتفع أكثر في موسم الصيف حسبهم لأسباب أعزوها إلى تفضيل الجزائريين إعادة تجهيز منازلهم في المناسبات والأعياد، وأشار بعضهم إلى تنامي ثقافة الشراء بالتقسيط في المجتمع في الآونة الأخيرة بدرجة كبيرة، مؤكدين بأنها لم تعد مقتصرة على شراء السلع الضرورية،بل امتدت إلى السلع والخدمات الكمالية. مديرية التجارة تحذر من خرق شروط التعاقد و حذر مدير التجارة بالنيابة بولاية قسنطينة من عدم احترام التجار للشروط التعاقدية كمحاولة المطالبة بمبلغ إضافي بحجة ارتفاع سعر السلع بالسوق أو إجبار الزبون على دفع المبلغ المتبقي مرة واحدة، ناهيك عن محاولة التخلّص من سلع مغشوشة أو مقلّدة، و لا يقبلون تعويض الزبون باستبدال ما اقتناه بغرض آخر بجودة تليق بالسعر المدفوع ، في حال اكتشاف و تأكد حالة الغش، و هي تجاوزات يعاقب عليها القانون و بإمكان الزبون التقدّم بشكوى ضد التاجر في حال عدم تقيّده بالاتفاقية التي تمت بينهما قبل تسليم السلعة، مشيرا إلى عدم تلقي مصالحه لشكاوي بهذا الخصوص، كما أكد خضوع هذه المحلات للمراقبة كغيرها من المحلات التجارية الأخرى.