أسماء أزقة قسنطينة القديمة لتنشيط التجارة بالمدينة الجديدة تغازل أسماء الأزقة القديمة أشهر الماركات العالمية و التسميات العصرية بمحلات المدينة الجديدة علي منجلي بقسنطينة، أين حرص بعض التجار على انتقاء أسماء مستوحاة من أشهر الأحياء بقلب المدينة العتيقة، يقودهم الحنين إلى الأماكن التي كبروا و ترعرعوا فيها تارة، و كعامل جذب للزبائن، سيّما السكان المرّحلين من هناك، الذين لا تزال صور الماضي و ذكريات الطفولة بالأزقة القديمة تأسرهم. المتجوّل بين شوارع المدينة الجديدة، خاصة بالوحدة الجوارية 8 ، يشعر و كأن المكان امتداد للمدينة القديمة، لكثرة استعمال تسميات أزقة المدينة القديمة و نذكر منها على سبيل المثال «رحبة الصوف»،» سوق العاصر»، « السويقة»، «البطحة» و «سيدي بوعنابة»..و غيرها من الأسماء التي تظهر على لافتات محلات تجارية، تجاور أخرى تحمل أسماء عصرية لماركات عالمية، أو أسماء دول أوروبية، يقصدها عادة تجار الملابس الرجالية و النسائية الجاهزة. لا مكان للدهشة عند رؤية محل روما أو اسطنبول أو باريس، يتوّسط محلات رحبة الصوف لبيع المجوهرات أو بيتزيريا السويقة و قهوة سيدي بوعنابة، لأن الأمر يكاد يكون سائدا في كل الوحدات التي تكثر بها التجارة و بشكل خاص الوحدة الثامنة التي تحوّلت بمرور الوقت إلى مركز منطقة تمركز تجاري، لا تختلف في فوضاها عن تلك المسجلة بالمدينة القديمة، لأن التجار رفضوا تغيير عاداتهم و كذلك الزبائن الذين يفضل بعضهم التنقل لمسافات طويلة من الأحياء المجاورة، لأجل شراء بيتزا عمي كروم، تماما مثلما كانوا يفعلون سابقا، عندما كانوا يقطنون بقلب المدينة العتيقة، أين لا يترددون في المشي من نهج رحماني عاشور، أو أي حي آخر إلى السويقة، دون أن يأبهوا لبهرجة محلات الأكل السريع و البيتزا العصرية، المنتشرة كالفطريات بكل مكان، لوفائهم للبيتزا التقليدية، سيّما بيتزا السويقة، مثلما قال زبون في العقد الرابع الذي أخبرنا عن الطابور الطويل الذي يتشكل يوميا أمام محل بيتزيريا السويقة، الذي تحوّل كالحي المتواجد فيه إلى نقطة لقاء الجيران القدامى الذين لم يتأقلم الكثيرون منهم مع حيهم الجديد، و يجعلهم يبحثون عن أي شيء يذكرهم بحيهم القديم و لو كان ذلك مجرّد اسم على لافتة محل تجاري. تحدثنا إلى عدد من التجار عن سر استعمالهم لتلك التسميات القديمة، فكانت عبارة الحنين إلى الماضي تطبع حديث الأغلبية، حيث ذكر محمد زبيلة، صاحب محل «رحبة الصوف لبيع المجوهرات»، بأن الكثير من الزبائن يقصدون محله لمجرّد قراءة اسم رحبة الصوف، لأن لهم ذكريات عن هذا الحي القديم، سواء كانوا يقطنون فيه أو بالأحياء المجاورة له، مثلما أضاف صديقه الذي كان معه بالمحل و الذي كان يعمل بحي السويقة و يقطن ب»الشط»، أحد فروع هذا الحي الضاربة جذوره في عمق قسنطينة، مؤكدا بأنه كلما لمح اسما من أسماء الأحياء القديمة يزّين لافتات المحلات، يتذكر الأجواء المتميّزة التي كانت تطبع المدينة العتيقة بأزقتها الضيقة و طيبة و تضامن أهلها، و يحمله الحنين إلى لمات الأصدقاء و الجيران، و قال بأن الأسماء المستوحاة من الأحياء العتيقة تجذبه أكثر من غيرها، و يجدها طريقة جيّدة للتذكر و الحفاظ على ذكريات الماضي، لأن الاسم قد ينبض بالحقب التاريخية و الذكريات الجميلة. توجهنا إلى محل ثان يحمل اسم «سوق العصر»، فأكد لنا بائع في العقد الخامس من عمره، أن صاحب المحل تمسك بهذه التسمية، لأنه احترف نشاط إعداد و بيع الزلابية منذ سنوات طويلة بالحي المذكور، و كان له زبائن ظلوا أوفياء له حتى بعد انتقاله للإقامة و العمل بالمدينة الجديدة. و تحدث بعض المواطنين عن حنينهم إلى قهوة سيدي بوعنابة و رائحة مطحنة البطحة، و أكدوا استحسانهم لفكرة استعمال أسماء الأحياء العبقة برائحة التاريخ و الأصالة ، لأنها ستساهم، حسبهم، في ترسيخ جزء من ذاكرة المدينة القديمة، ضمن هذا التوسع العمراني الحديث و المتشعب.