ضربات موجعة تلقتها في الأيام الأخيرة قناة " الجزيرة " القطرية، وأخبار نجومها الكبار يتساقطون كأوراق الخريف في ذروة تغطيتها ل " ربيع الثورات العربية " التي زادت من شكوك المشاهدين في مصداقيتها في هذا الظرف العصيب الذي تمر به المنطقة العربية بعد سقوط نظام بن علي ومبارك في انتظار مصير الأسد و القذافي و صالح. فالفضائية العربية التي ظهرت كحلم كبير ارتبط بحرية التعبير و الإحترافية والمهنية وغيرها من القيم المتعارف عليها، ونافست قنوات عالمية مشهورة في تتبع الأحداث على مدار الساعة، ولقبها المعارضون والثوار والمناصرين ب" الكبيرة " وهي تعري حقيقة بعض الأنظمة العربية الفاسدة ، وتقدم بالصوت والصورة ما يجري في ساحات تحريرها في مواجهة إعلام رسمي معلب ، فشلت في الوقوف صامدة أمام قوة الإعصار الذي يواصل زحفه على مكاتبها ، ويقلع في طريقه العديد من كوادرها من الإعلاميين من صف النجوم ، الذين تفجر غضبهم على غرار الشعوب الثائرة التي تقوم بتغطية أحداثها في مفارقة غريبة تؤكد الشكوك حول مصداقية تتعامل بمكيالين مع غضب الشارع العربي،فهل انقلب السحر على الساحر كما يقال؟ . فقد وجهت استقالة الإعلامي التونسي غسان بن جدو بداية هذا الأسبوع صفعة أخرى لقناة " الجزيرة " التي مازالت تلهث خلف الأشرطة المسربة على مواقع " اليوتيب " والتواصل الإجتماعي " الفايسبوك" لمنع عرض فضائحها ، وهو يتهمها بتحولها إلى " غرفة عمليات للتعبئة والتحريض " فيما كان إلى وقت قريب من الممتنين للدور الكبير الذي قامت به من أجل إسقاط نظام بن علي وعودته إلى أرض الوطن بعد سنوات طويلة قضاها في المنفى . ولم يكن غسان بن جدو وحده من احتج ضد سياسة المحطة في تغطية الأحداث العربية، والأنباء تتردد عن استقالة فيصل القاسم أيضا بعد تغييب برنامجه الشهير " الإتجاه المعاكس " منذ بدء " ثورة الياسمين " ووقف جميع البرامج الحوارية التي صنعت شهرتها على غرار " بلا حدود " لأحمد منصور صاحب السبق الصحفي في إجراء أول حوار مع مسرب وثائق " ويكيليكس "الذي تؤكد مصادر مطلعة بأنها تضم أسرار تورط قطر وفضائيتها في خدمة أجندة أمريكية وإسرائلية ، وأخبار أخرى تتحدث عن نية محمد كريشان الإنسحاب أيضا من شاشتها، لينضموا إلى مجموعة المستقيلين من محطتها وعلى رأسهم حافظ الميزاري مدير مكتب واشنطن ويسري فودة مقدم برنامج " سري للغاية " ومراسليها في القاهرة واسطنبول والخرطوم وموسكو ، دون أن ننسى الهزة العنيفة التي ضربت معقلها الآمن بعد الإستقالة الجماعية لخمسة من مذيعاتها المشهورات على خلفية ما وصف ب " المعاملة السيئة " المتعلقة ب " المظهر المحتشم " . وهذه الهزات العنيفة التي تتعرض لها " الجزيرة"، تفسر لجوءها في الفترة الأخيرة إلى وجوه جديدة ، يقال بأنها مجرد أصوات لقراءة نشرات أخبارها فقط ، بعد أن قررت إلغاء ظاهرة "الصحفي النجم" الذي تحول إلى غصة في حلقها ، وهو يرفض الظهور على شاشة لا تحتمل الرأي الآخر .