قانون المالية لسنة 2017 سيعتمد إلى حدّ كبير على تعزيز الجباية المحلية اعتبر الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد طرطار ، اعتماد الحكومة على فرض ضرائب جديدة لتعزيز الجباية المحلية في إطار قانون المالية لسنة2017 ضرورة حتمية وذلك من أجل تعويض عائدات الجباية البترولية والتي عرفت تراجعا كبيرا على خلفية انهيار أسعار النفط في الأسواق الدولية وتوقع في هذا الصدد أن يبقى معدل الأسعار يتراوح بين 46 إلى 50 دولارا للبرميل، مبرزا في هذا السياق استمرار تراجع احتياطات الصرف و موارد صندوق ضبط الإيرادات خلال العام الجاري، مضيفا أن المؤشرات الحالية تنبئ بانعكاسات ثقيلة على الاقتصاد الوطني. ودعا في السياق ذاته، إلى ضرورة تبني نموذج جديد للتنمية والتركيز على الاستثمارات المنتجة و الضغط على النفقات وترشيدها. وأوضح الخبير الاقتصادي، أن لجوء الحكومة إلى فرض ضرائب جديدة في قانون المالية للعام المقبل، يعتبر ضرورة حتمية أملتها الظروف الناجمة عن تراجع قيمة الواردات من الجباية البترولية إلى معدل أقل من النصف، إضافة إلى العجز المسجل في الموازنة خلال العام الحالي والمرتقب في السنة القادمة. وأضاف في تصريح للنصر، أن مداخيل الجزائر تمثل 97 بالمئة من المحروقات وبالنظر إلى الفترة العصيبة التي يمر بها هذا القطاع ، فإنه يتم تعويض عائدات الجباية البترولية بعائدات الجباية المحلية، مضيفا بأنه من المرجح أن يتم اللجوء إلى فرض ضريبة على السيارات المستعملة، بالإضافة إلى الرفع من ضريبة الرسم على القيمة المضافة في بعض القطاعات وضرائب أخرى في عدد من القطاعات التي ليس لها تأثير على المواطن ، موضحا أن هذه العملية تعتبر وعاء تعويضيا على المدى القصير والحكومة ليس لها خيار إلا الجباية المحلية. وحول واقع الاستثمار والمعوقات التي ترهن بعث وتيرة الاستثمارات، أشار المتحدث إلى القاعدة 49 - 51 والبيروقراطية المتفشية في الأوساط الإدارية و آلية عرض وتتويج الصفقات، موضحا أن دفع وتنمية الاستثمارات كان يشكل ولا يزال هاجسا لدى الحكومات المتعاقبة، معتبرا أن بعض الظروف لم تسمح ولم تعط الفرصة لتنمية الاستثمارات الأجنبية، وبالتالي - يضيف نفس المتحدث- يجب التركيز على الاستثمار الداخلي، الخاص والعمومي، معتبرا أن تجميع الصناديق الخاصة في صندوق واحد يكون به حوالي 22 مليار دينار، حسب بعض المؤشرات، سيساهم في تنمية الاستثمار العمومي، مشيرا من جهة أخرى، إلى تقلص احتياطات الصرف و تراجع موارد صندوق ضبط الإيرادات وذلك في ظل استمرار انخفاض أسعار النفط في السوق الدولية، معتبرا أن هذه المؤشرات تنبئ بخطورة على الوضع الاقتصادي، ما يستوجب تبني نموذج جديد للتنمية واعتماد استراتيجية جديدة والرفع من الكفاءة الإنتاجية الاقتصادية المختلفة والمنتجة للثروة. وأضاف الخبير، أنه من بين أولويات الحكومة في ظل الظروف الراهنة، حسن التدبير ورسم استراتيجية من شأنها دفعة عجلة الاقتصاد الوطني على المدى الطويل وتبني استراتيجية التخطيط على المدى المتوسط والبعيد، وذلك من خلال إنشاء وزارة للاستشراف أو وزارة للاقتصاد قائمة بذاتها والتركيز على الاستثمارات المنتجة ومحاولة رد الاعتبار للقطاعات المنتجة للثروة مثل القطاع الفلاحي والسياحي والبناء وكذا الضغط على النفقات وترشيدها في القطاعات الأخرى غير المنتجة للثروة لكنها ضرورية مثل التعليم والصحة. الاستدانة الخارجية ليست عيبا إذا أمكن التحكم فيها ويرى الدكتور أحمد طرطار، أن اللجوء إلى الاستدانة الخارجية ليس عيبا. وقال في هذا الصدد، بأنه يمكننا اللجوء إليها إذا كان اقتصادنا مرشدا ونموذجنا للتنمية واضح المعالم، مضيفا في السياق ذاته، أن الاستدانة الخارجية تعتبر مكملا لا أكثر ولا أقل وليست عيبا إذا أمكن التحكم فيها. وبالنسبة للصدمة البترولية أفاد الخبير الاقتصادي أن المؤشرات الحالية لا تعطي تحفيزا لتسجيل تغيير في الأسعار، فكل هذه المؤشرات حسب المتحدث تبيّن أنه لا يوجد تغيير في الميكانيزمات التي فرضت السعر الحالي والتي أدت إلى الأزمة الحالية، موضحا في هذا الإطار، أن العوامل القديمة مازالت قائمة ومنها المشكلة الأوكرانية بين أوروبا وروسيا، إضافة إلى مشكلة اليمن والتي تخص دول الخليج والسعودية. ومعلوم أن سوق النفط تتحكم فيه دول الخليج وروسيا، كما أشار إلى خروج إيران من أزمتها مع الغرب وعودتها للإنتاج النفطي وهو ما من شأنه أن يبقي الأسعار على حالها أو تتدهور وتوقع أن تبقى بين معدل 46 إلى 50 دولارا للبرميل، مضيفا في السياق ذاته أن عوامل جيوستراتيجية تتحكم في أسعار البترول، ملفتا إلى الحروب الناشئة في المناطق المختلفة، والدور المنوط بدول الخليج في المنطقة وفي منظمة «الأوبك»، كما أن الصورة لم تتضح بعد -يضيف نفس المتحدث- فيما يخص الانتخابات الرئاسية الأمريكية . وبخصوص اجتماع الجزائر المقرر بين 26 و28 سبتمبر المقبل والذي يجمع دولا منتجة للنفط من داخل» أوبك» وخارجها، قال الخبير الاقتصادي، أن اجتماع الجزائر مسعى واعد وجيّد وقد يأتي بثماره نتيجة لإحساس جميع الدول المعنية بخطورة الموقف، ولم يستبعد أيضا في السياق ذاته عدم تأثير هذا الاجتماع على الأسعار، كون العوامل الجيوسياسية التي جاءت بالأزمة لا زالت تتحكم في الأسعار.