20 سنة سجنا لقاتل قريبه بسبب نظرة بقالمة أصدرت محكمة الجنايات بمجلس قضاء قالمة أمس الثلاثاء حكما بالسجن لمدة 20 سنة و غرامة مالية ثقيلة و حرمان من الحقوق المدنية في حق المسمى (ق.ع) البالغ من العمر 50 سنة المتابع بجناية قتل جاره و قريبه (د.س) بعين رقادة الواقعة جنوبقالمة في الفاتح جويلية الماضي، بسبب نظرة لم يتقبلها، في واحدة من أبشع جرائم القتل التي تحدث بالمنطقة في السنوات الأخيرة بعد ارتفاع مؤشر العنف و الخلافات العائلية الحادة و سوء الجوار. و حسب ما دار خلال مجريات المحاكمة التي تابعتها النصر فإن سبب الجريمة التي تركت ردود فعل منددة بالمنطقة الريفية الهادئة يعود إلى خلافات عائلية بسيطة بين المتهم و صهره و جاره الضحية الذي فارق الحياة متأثرا بطعنات قاتلة في يوم رمضاني ساده الحزن و التوتر بعد الإعلان عن وفاة الضحية في طريقه إلى المستشفى الجامعي بقسنطينة. الوقائع بدأت بملاسنات و نظرات مثيرة للأعصاب تختزن رصيدا كبيرا من الذكريات السيئة بين القاتل و المقتول بلا مبرر يدعو للقتل و يثير كل هذه الضغائن و الأحقاد، حتى وصل الأمر إلى عدم القدرة على أن تبقى الوجوه ناظرة لبعضها البعض. في ذلك اليوم خرج المتهم من منزله حاملا معه سكينا لشحذه حتى يقطع اللحم في رمضان، و على الجهة الأخرى من الشارع كان الضحية على متن سيارته و عندما رأى غريمه حدق فيه بشكل مستفز و مثير للأعصاب فاشتعلت المعكرة الساخنة بين الغريمين و استعملت فيها السكاكين و العصي، و كادت الدائرة أن تدور على المتهم الذي صرح بأن خصمه كان أشد منه قوة و فتكا، فاستعمل الحيلة للإطاحة به و الإفلات منه و اضطر إلى استعمال سكين للدفاع عن نفسه و توجيه ضربات خفيفة في أنحاء متفرقة من الجسم حتى يبعده عنه، لكن إحدى الضربات كانت غائرة و قاتلة أصابت القفص الصدري و القلب و سببت نزيفا حادا للضحية. انتهت المعركة بتدخل الجيران و سالت الدماء و أحس الضحية بأن حروقا و آلاما بدأت تنال منه فتشجع و ركب سيارته و توجه إلى فرقة الدرك الوطني القريبة من مسرح الجريمة لتقديم شكوى ضد خصمه، و لكنه عندما اقترب من بوابة مقر الدرك انهارت قواه و فقد الوعي تاركا السيارة تسير وحدها حتى ارتطمت بالأشجار و توقفت أمام دهشة حارس مقر فرقة الدرك بعين رقادة الذي أخطر رئيسه و طلب تدخل الحماية المدنية لنقل المصاب إلى المستشفى، و ظن الجميع في البداية بأن الأمر يتعلق بحادث سير عادي. وضع الجسد المنهك داخل سيارة الحماية المدنية التي أطلقت العنان لصفاراتها حتى يفسح أمامها الطريق إلى مستشفى وادي الزناتي أين تجمع الأطباء حول الضحية و هو ينزف، و صدر قرار بتحويله فورا إلى المستشفى الجامعي بقسنطينة، لكنه توفي قبل وصوله إلى هناك متأثرا بنزيف داخلي حاد لم يتمكن المسعفون من وقفه. و في هذه الأثناء وصلت المحققين معلومات تفيد بأن صاحب السيارة التي ارتطمت بالأشجار أمام مقر الدرك قد تعرض للطعن في معركة ساخنة مع جاره و قريبه فقبض على الجاني، و بدأت التحقيقات الجنائية بمعاينة مسرح الجريمة و الاستماع إلى شهود الواقعة و تبين في النهاية بأن جريمة القتل كانت لأسباب تافهة و أن الدماء سالت في شوارع البلدة الريفية الصغيرة بسبب نظرات استفزاز و ربما خلافات عائلية بسيطة و معاملات مالية لا تسمن و لا تغني من جوع. المتهم وقف أمام قضاة محكمة الجنايات أمس بجسد منهك، حيث كان قد دخل في إضراب عن الطعام داخل السجن، و أجاب على أسئلة القضاة بصعوبة و هو يدافع عن نفسه، مؤكدا بأنه لم يكن ينوي قتل الضحية و إنما كان يدافع عن نفسه و يصد ضربات السكين و العصا و قال أنه اضطر إلى انتزاع السكين من خصمه و توجيه ضربات سطحية له حتى يبتعد عنه، و لم يكن يدري بأن إحدى الطعنات كانت قاتلة، محملا الطاقم الطبي مسؤولية وفاة الضحية. و زعم المتهم في تصريحاته أمام المحكمة أن تأخر الإسعافات هو السبب الذي أودى بحياة الضحية و ليست الطعنة الغائرة في الصدر، لكن تقرير الطبيب الشرعي دحض مزاعمه و ذكر بأن الوفاة كانت نتيجة نزيف داخلي حاد بموقع الطعنة، و هو ما أكدت عليه النيابة العامة ملتمسة عقوبة المؤبد في حق المتهم الذي يرى بأنه بريء من تهمة القتل العمدي، و اعتبر أن الحادثة لم تكن مدبرة و لم يخطط لها من قبل. و بدا القاتل نادما على الواقعة و مصرا على مواصلة الإضراب عن الطعام الذي نال منه و أنهك قواه الجسدية، رغم محاولات ثنيه من قبل محاميه و إدارة السجن و قضاة النيابة العامة.