« قسنطينة ذاكرة و تراث و شغف»..الصخر العتيق بعيون أدباء و رحالة يقدم الصحفي و الكاتب نور الدين نصروش، من خلال مؤلفه الأول « قسنطينة ذاكرة، تراث و شغف» الذي صدر مؤخرا عن دار النشر الشهاب، مدينة نعرفها جميعا لكن لم يسبق لنا وأن نظرنا إليها بعين أديب و رحالة، فالكتاب المكون من 220صفحة، يتيح لمتصفحه جولة خاصة عبر الزمان و المكان، ليعيد من خلالها اكتشاف تاريخ قسنطينة و حاضرها، و يرى جانبا ساحرا تعكسه الصورة و يقرأ ما لم يعلمه يوما عن أماكن و شخصيات حفرت عميقا بين ثنايا الصخر العتيق لتصبح جزءا من هوية المكان. الصحفي بجريدة الوطن، التقى أول أمس، جمهور القراء خلال جلسة بيع بالإهداء نظمتها مكتبة « ميديا بلوس» بوسط مدينة قسنطينة، و ذلك في إطار برنامج ترويجي خاص بالكتاب الذي شارك في إعداده المصور قيس جيلالي، و الذي أعاد تقديم قسنطينة من خلال مجموعة من الصور عالية الجودة، استعرضت جمال المدينة بشكل فني و التقطت لحظات تختزل الحياة فيها. علما بأن هذا المؤلف يعد الثاني من نوعه الذي تصدره دار الشهاب، إذ سبق لها تجسيد مشروع مماثل تناول منطقة الأوراس، وكان من المفروض أن يتزامن صدوره مع صدور الطبعة الخاصة بقسنطينة، وذلك خلال فعاليات تظاهرة عاصمة الثقافة العربية، غير أن المشروع تأجل لأسباب تتعلق بأشغال التهيئة التي شوهت نوعا ما واجهة المدينة خلال سنة 2015و حالت دون تصويرها بشكل لائق. الكتاب حسب صاحبه، ولد من رحم حوار شغوف حول المدينة جمع الصحفي بالفنان التشكيلي أحمد بن يحيى و الناشر عز الدين قرفي، لتتطور الفكرة إلى مشروع تطلب إنجازه سنة كاملة من البحث و التمحيص، رغم قلة المراجع، و ذلك على اعتبار أن العمل هو مزيج بين الصورة و النص، كما قال كاتبه، مشيرا إلى أنه يهدف ليكون بمثابة إضافة نوعية تخدم تاريخ المدينة و تلمع صورة حاضرها، فالمؤلف، حسبه، هو عصارة جولة عبر مسار محدد يتضمن محطات اختيرت بعناية أعاد نور الدين نصروش من خلالها، اكتشاف المدينة التاريخية التي تأسست فوق الصخر العتيق من منظور الباحث و الكاتب، حيث وقف خلال رحلته على حقائق كان يجهلها و حصل على معلومات نادرة يعلمها القليلون، كقصة تلك النقطة التي تتوسط زنقة الجزارين بالمدينة القديمة و تسمى « شق باذنجالة» والتي اكتشف لأول مرة وجودها و حقيقة كونها مركز جاذبية الصخر العتيق. يغوص الكتاب أيضا في تاريخ بعض المواقع والأحياء و يتعمق في سرد تفاصيل تخص نشأتها و تاريخها بشكل دقيق، و يذكر بأسماء من سكنوها و يقدم حقائق حول التغيرات التي شهدتها على مر الأزمنة، في محاولة للإلمام بكل الجوانب التاريخية و تقديم نظرة شاملة نسبيا ، تُعرف بقسنطينة فيما يشبه دليلا اجتماعيا و اقتصاديا و تاريخيا و فنيا و حضاريا جامعا. و يتضمن العمل أيضا مجموعة من النصوص الوصفية و البحثية، و حوارين يتناول أولهما موسيقى المدينة، أما الثاني فيتطرق لكل الكتابات الأدبية التي تحدثت يوما عن قسنطينة، و يبحث في بعض نصوص الرحالة الذين أسهبوا في وصف سحر المدينة، على غرار ليون الإفريقي و ابن بطوطة، و غيرهما من الشخصيات التي كانت محط دراسة وبحث من قبل الدكتورة نجمة بن عاشور، و يحتوي الإصدار كذلك على نصوص لكتاب فرنسيين كبار تحدثوا عن قسنطينة، كتيوفيل غوتيي و أليكسندر دوما، كما يقتبس الكاتب من نصوص مالك حداد الكثير، ليدعم حديثه عن الأماكن و المعالم و يصف نمط الحياة على طريقة المثقف العاشق. هذا و سيجد المتصفح للكتاب، بين ثناياه توليفة متنوعة من البورتريهات تجمع بين شخصيات تاريخية كيوغورطا و ماسينيسا، و بين أسماء معاصرة تمثل شخصيات من أبناء و بنات المدينة الذين خدموا و يخدمون صورتها إيجابا من خلال عطائهم في مجالات مختلفة كالرياضة و الفن و التعليم و الصحافة، في مقدمتهم الإعلامي بوبكر حميدشي، بالإضافة إلى المدربة الدولية و بطلة العالم في الشطرنج أمينة مزيود، و أسماء عديدة على غرار السيدة باجيست و أحمد زمولي و آخرين. هدى طابي