كشفت محاكمة المعروفة باسم "مدام دليلة" وشقيقتها وإطارات من البنك الخارجي الجزائريبسكيكدة عن تفاصيل جديدة ومثيرة تتعلق بنشاط المتهمة وعلاقاتها بأشخاص من الخارج وحقيقة تمثيلها للشركات الأجنبية بالجزائر وفحوى برقيات "سويفت" ورفض فرنساوايطاليا الرد على الانابات القضائية وغيرها من التفاصيل ، التي نسجت ملفا شغل الرأي العام المحلي والوطني منذ بدايته . حيثيات القضية تعود إلى 23 جانفي 2012، عندما راسل وكيل الجمهورية بمحكمة سكيكدة الضبطية القضائية للدرك الوطني فرقة الأبحاث طالبا بفتح تحقيق ضد المسمى (ب.خ) مدير سابق للبنك الخارجي الجزائري بخصوص المعاملات المصرفية لسنوات 2007، 2008، 2009 ضد المسماة (ش.ل) بخصوص المعاملات المصرفية ما بين 2005 إلى 2009 وأيضا بخصوص جرائم مخالفة لقانون الصرف وحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج وذلك على خلفية تقديم المسماة (ر.س) عون حجز بمصلحة التجارة الخارجية بنفس الوكالة البنكية في 2009 بعد إبلاغ المدير الجديد للوكالة (د.ر) بوجود ملف بنكي يتعلق بالمتهمة (ش.ل) يحتوي على عمليات مصرفية غير قانونية مع الخارج. وبعد دراسة المسؤول للملف استخلص عدة عمليات مشبوهة فقام بتاريخ 18 مارس 2010 بتحرير إخطار بالشبهة وجه إلى المديرية العامة للبنك الخارجي (خلية مكافحة تبييض الأموال ) عن التحويلات المتعلقة بالعملة الصعبة من الخارج لفائدة حساب الزبونة لدى البنك المتهمة (ش.ل) بصفتها شخص طبيعي وليس له صفة تاجر وبدون مبرر يذكر، كمقابل لعمليات التحويل المقدر بمبلغ 1.118.312.00 أورو مجزأة إلى 21 عملية تحويل على سنوات 2005، 2006، 2008، 2009 لتقرر المديرية العامة للبنك إرسال لجنة تفتيش في أفريل 2010 تلتها شكوى تقدم بها نائب رئيس المدير العام للبنك بالمكلف بالتجارة الخارجية بالعاصمة لدى وكيل الجمهورية. اتصالات مع متورطين في قضايا مخدرات وقد تبين وجود حسابين بنكيين للعملة الصعبة خاصين بشخص طبيعي باسم المتهمة (ش.ل) تم تغذيته ب 17 عملية من سنة 2004 إلى 2009 ، على أساس أنها شخص معنوي (استيراد وتصدير) وفق ما بينته برقية "سويفت" وذلك من طرف شركة من ايطاليا بالبنك التجاري بايطاليا وعملية أخرى من شركة "أشرال" من دولة الأورغواي بتاريخ 11 جانفي 2011 بحسابها البنكي بالوكالة رقم 12 بالعقيد عميروش بالعاصمة، بالإضافة إلى 18 عملية إيداع حساب، ما تبينه المكشوفات، وحددت القيمة الإجمالية لجميع العمليات بمبلغ يفوق 1.5 مليون أورو وهذا يتنافى مع النظام رقم 07/01 المؤرخ في 3 فيفري 2007 المتعلق بالقواعد المطبقة على المعاملات المالية الجارية في الخارج و حسابات العملة الصعبة، وهناك حساب بنكي ثاني باسم المتهمة بصفتها شخص طبيعي، بالعملة الصعبة تم استغلاله من أجل إجراء تحويلات مالية ، وتحوز المتهمة على حسابين بنكيين آخرين لدى نفس الوكالة بالعملة الوطنية. وتوصل المحققون بأن الأموال الباهظة التي كانت تدخل المتهمة من الخارج تسببت في حرمان البنك الخارجي من أخذ حقوقه ومراقبة تلك الأموال ومعرفة مصدرها. وتبين بأن المعنية قامت بتحويل مبلغين بالعملة الصعبة يقدران ب 400 ألف أور و200 ألف أورو لحسابها الخاص في حسابها المفتوح على مستوى وكالة البنك الخارجي رقم 12 بالعاصمة، انطلاقا من حسابها المفتوح بالعملة الصعبة على مستوى وكالة بنك سكيكدة، ثم قامت بسحب 300 ألف أورو نقدا وحولتها إلى حسابها البنكي المفتوح تحت غطاء شراء منزل من طرف المعنية بفرنسا وغياب مبرر اقتصادي لهذا التحويل، ورغم اعتراض مديرية العمليات مع الخارج، بسبب أهمية المبلغ وغياب مبرر اقتصادي لهذا التحويل إلا أنه بتاريخ 4 جوان 2007 تم تحويل المبلغ المذكور أي 300 ألف أورو عن طريق برقية سويفت إلى حسابها بفرنسا. وبعد استغلال الكشوفات في الحساب المفتوح بالعملة الصعبة للمعنية لدى وكالة البنك بسكيكدة، تم اكتشاف 19 عملية تحويل من البنوك الأجنبية، منها شركة أجنبية ايطالية بقيمة إجمالية تقدر بمليون و56 ألف و383 أورو، كما أن برقية سويفت أدرج فيها أن نشاط المتهمة يتمثل في استيراد وتصدير منتوجات البحر (أسماك مجمدة)، وبذلك وجب أن يكون الحساب البنكي خاص بشخص معنوي وليس باسم شخص طبيعي، إلا أن القائمين على البنك الخارجي الجزائري وكالة سكيكدة تغاضوا على تطبيق القوانين الخاصة بالبنك الخارجي الجزائري فعوض أن يلغوا العملية قاموا بتسهيل عملية الصرف للمتهمة لسحب أموالها. وأسفرت التحريات عن غياب ملفات التوطين البنكي المتعلقة بعمليات التجارة الخارجية بالتصدير والاستيراد خلال سنوات 2005 ،2006 وكذا سنوات 2004، 2008، 2009 و2011 ، التي لم تذكر أساسا في محتوى الشكوى إذ تعمد محررو الشكوى من مسؤولي البنك حصر العمليات المصرفية لسنتي 2005 و2006 قصد التغليط والاستفادة من التقادم. المتهمة عضوة في شبكة الجزائر للحوار شمال جنوب وبعد تسخيرة مكتب التسجيل بسكيكدة تم الرد بتاريخ 30 جانفي 2013 بأن المتهمة لا تملك سجلا تجاريا باسمها، وإنما هي شركة ذات مسؤولية محدودة تسمى «ايطالفيش» الكائن مقرها الاجتماعي بالمنطقة الصناعية حمروش حمودي ببلدية حمادي كرومة والتي تمارس نشاط استيراد وتصدير منتجات البحر، وبعد تفتيش ال5 منازل التابعة للمتهمة الكائنة بولاية سكيكدة تم حجز أزيد من 11 ألف و100 درهم مغربي و339.5 مليون سنتيم، بالإضافة إلى أجهزة إعلام آلي وطابعة وأختام مستطيلة تحمل عبارة «مخالب»، 8 أقراص مضغوطة وحاملين مغناطيسين وهواتف نقالة، بطاقة اعتماد للبنك «سوسيتي جينيرال» ستراسبورغ بفرنسا وغيرها من الأشياء المحجوزة. وقد أفضت التحريات حينها إلى اكتشاف استفادة المتهمة من مبالغ مالية ضخمة بالعملة الصعبة تقدر إجمالا بأزيد من مليون ونصف أورو، دون أي مبرر اقتصادي وقد استظهرت المتهمة ب 4 وكالات مزورة للادعاء بحصولها على تفويضات من الشركات الأجنبية والبحث عن زبائن لاقتناء منتجاتها البحرية مقابل تحويلات بنكية في حسابها. برقيات «سويفت» لم تثبت وجود شركات أجنبية تمثلها المتهمة وقد تم حجز 5 أختام وعقود مزورة عند تفتيش منزلها ، وهي تقوم باستنساخ العلامات التجارية لتلك الشركات ولإخفاء الأموال الضخمة وتمويهها من خلال إضفاء طابع الشرعية عليها ، حيث عمدت التهمة إلى اقتناء أو شراء أملاك عقارية في مدينة سكيكدة تتمثل في فيلا و 3 شقق من نوع ف4، و4 محلات تجارية وشقتين صغيرتين ف2 ، سيارة رباعية الدفع من نوع مرسيدس وأخرى طويوطا، بالإضافة إلى شرائها لمنزل بفرنسا بقيمة 400 ألف أرور وحسابين بنكيين لها بفرنسا على مستوى وكالة سوسييتي جينرال بستراسبورغ وحساب آخر بايطاليا على مستوى بنك «ميديولا نيم» بمدينة ميلانو، وبذلك يكون عدد الحسابات البنكية المفتوحة باسم المتهمة ، 4 بالجزائر ومثلها بالخارج عبر 3 بلدان مختلفة. وبتعمق التحقيقات تم اكتشاف اتصال المتهمة هاتفيا 7 مرات برقم من اسبانيا و9 اتصالات على رقم ثان من فرنسا ، وقد كانت اتصالات طويلة المدة، قبل أن تبين التحريات أن هذين الرقمين المتصل بهما ظهرا في عدة قضايا لمكافحة الاتجار غير الشرعي بالمخدرات تم معالجتها من طرف وحدات الدرك الوطني على غرار حجز 187 كلغ من المخدرات من طرف فصيلة الأبحاث للدرك بعنابة، وقضية حجز 40 قنطارا من قبل المجموعة الإقليمية للدرك بالنعامة، كما خلصت التحريات إلى إرسال المتهمة (ش.ل) لرسائل نصية مع الرقم الاسباني المتواجد صاحبه في حالة فرار والمبحوث عنه في قضايا الاتجار غير الشرعي للمخدرات، و بأن المبالغ المالية الكبيرة بالعملة الصعبة كانت تدخل للجزائر عبر المطار بصفة غير قانونية دون التصريح بها لدى الجمارك، علاوة على أن المتهمة تبين من خلال تفحص البيانات المفتوحة بالأنترنت بأنها عضوة في شبكة الجزائر للحوار جنوب شمال، وجاء في المحاكمة بأن الإنابات القضائية لكل من ايطاليا و فرنسا لم تتلق الجهات القضائية بسكيكدة أي إجابة لحد الآن بشأنها، بينما جواب الدولة الاسبانية جاء بناء على معطيات جمعتها الشرطة الدولية «انتربول» والاستخبارات الجنائية للشرطة الاسبانية ، وتفيد أنه لا توجد معلومات عن المتهمة (ش.ل) كما أن إنابة الأورغواي لم تسجل بدورها أي حساب للمتهمة على أراضيها بالرغم من التحويلات المالية البنكية التي قام بها البنك التليغرافي «سويفت» من شركات اروغوانية موجه لحسابها في سكيكدة وهذا ما حير المحققين. كما أن برقيات «السويفت» كانت تأتي من الخارج باسم المتهمة لحسابها الشخصي، ولم تبين مصدر تلك الأموال ولا توجد أي شركة أجنبية تمثلها قانونا داخل الجزائر ما يؤكد وجود تواطؤ كبير ومحاباة من عمال البنك الخارجي الجزائري بالعاصمة و سكيكدة لفائدة المتهمة. المتهمة أنكرت التهم الموجهة لها وصرحت بأنها تعمل ممثلة تجارية لشركات أجنبية (ببنا باسكا وميديقين الايطاليتين، مجموعة آر الالمانية، مجموعة آشورال اليزور من الأرغواي) وذلك في الفترة الممتدة بين سنتي 2002 و2003 وكللت أعمالها بالخارج بالنجاح في إبرام عقود وصفقات بين الشركات، منها شركات عمومية وخاصة بالجزائر، منها مخازن سكيكدة، إذ تعاملت مع شركة «بنا باسكا» بكمية 6000 طن من السمك المجمد ومع «ماق صومام» في بجاية بكمية 2800 طن من السمك المجمد ومع شركة «آر» بحوالي 6000 طن من الخضر نصف المطهوة، ومع مجموعة سيرتاد ب 5 طن من الزبدة، 900 طن من مسحوق البطاطا، وخلال 2010 مع شركة آشرال اليزور بكمية 5400 طن من السمك المجمد وأخذت عمولات على نشاطها من قبل الشركات الممونة ويتم حصولها على المستحقات عن طريق تحويل بنكي على رقم حسابها بالعملة الصعبة المفتوح على مستوى البنك الجزائري الخارجي وكالة سكيكدة، وكانت كلما تحتاج لسحب المبالغ من البنك تقوم بذلك دون اعتراض ، نافية أن تكون قد تلقت تفضيلا و تسهيلات من مدير وموظفي البنك في سحب أموالها. « لم أكن أعلم أن التصدير والإستيراد دون سجل أمر غير قانوني» كما أشارت المتهمة بأنها لم تكن تعلم بأن ممارسة نشاطها في التصدير والاستيراد بدون حيازة سجل تجاري يعد مخالفا للقانون، كما نفت إجراءها اتصالات بالأرقام الأجنبية المذكورة في التحقيق، وقالت أنه لا علاقة لها ببارونات المخدرات والاتجار بها، مشيرة أن معرفتها بالمسمى «بابي» كانت في ألمانيا وهو يقيم بهولندا ولا علم لها بالمسمى «بابي» الذي يقيم في اسبانيا، نافية معرفتها بتجار المخدرات، كما أن المبالغ المالية الكبيرة بالأورو كانت تدخلها عبر المطار بصفة عادية بتصريح من الجمارك، لتؤكد بأن القضية مكيدة دبرتها لها أطراف لم تسمها لم يعجبها تحقيقها لهذا النجاح. كما نفت شقيقتها (ش.إ) تهمة تبييض الأموال بالمشاركة والتواطؤ مؤكدة بأنها قامت بإنشاء سجل تجاري لشركة تصدير واستيراد تسمى «زاقروباش» في 2004 رفقة شقيقتها (ش.ل) وقامت بعمليتين لكنها لم تحقق الأرباح فقامت بتوقيف نشاط الشركة ونفس الأمر ذهب إليه بقية المتهمين من مدير وموظفي البنك الخارجي، الذين أكدوا بأن العمليات المصرفية كانت تتم بصفة قانونية دون أي محاباة أو تفضيل للمتهمة . بينما أرجع المدير عدم قيامه بتحرير الإخطار بالشبهة للمديرة العامة للبنك بالعاصمة بكون الأمر لم يشرع في تطبيقه وقت الوقائع وإنما شرع في العمل به في 2009. وهذا ما ذهب إليه الشهود من موظفي البنك بالعاصمة و عنابة، وجاء في مرافعة المحامين بأن المدير العام لمؤسسة المتوسطية للتبريد بأنه تعامل مع المتهمة وكانت عملياتها قانونية، بينما أكدت محامية المتهمة الرئيسية بأن موكلتها بريئة من التهم المنسوبة إليها والقضية مكيدة مشيرة أن موكلتها انطلقت من العدم لتصبح سيدة أعمال مرموقة ، بعد أن عملت في بيع الحمص وتزيين العرائس وتجارة الملابس ووصلت لسيدة مرموقة بتعبها وجهدها. علما أن ممثل الحق العام كان قد التمس للمتهمة الرئيسية عقوبة 7 سنوات حبسا نافذة و 5 سنوات لكل من المدير السابق للبنك الخارجي بسكيكدة رفقة 5 موظفين وكذا شقيقتها وبسنة حبسا لموظفة بالبنك.