حسابات بنكية في عدة ولايات ووسيط تجاري لعدة شركات أجنبية أمر قاضي التحقيق لدى محكمة سكيكدة، نهاية الأسبوع الماضي، بوضع 10 متهمين تورطوا في تحويل مبالغ مالية ضخمة بالعملة الصعبة من وإلى الخارج، بالبنك الخارجي الجزائري في سكيكدة، تحت الرقابة القضائية وحجز ممتلكاتهم، من بينهم إطارات في البنك، بعضهم أحيل على التقاعد منذ سنة 2008، ومديرون جهويون، في حين استفاد 5 آخرون من الإفراج المشروط. تعود تفاصيل هذه القضية التي اكتشفتها مصالح البحث والتحري التابعة للدرك الوطني بسكيكدة، إلى سنة 2005 وامتدت إلى 2012، تورطت فيها امرأة في العقد الخامس من العمر، تعرف باسم ''مدام دليلة السكيكدية ''، والتي قامت بتحويلات بالعملة الصعبة من وإلى الخارج، بلغت قيمتها أكثر من 5,1 مليون أورو، ما يعادل حوالي 18 مليار سنتيم، بتواطؤ من إطارات ومسؤولين بالبنك الخارجي الجزائري بسكيكدة وكذا مديرين جهويين، بعدما تلقوا رشاوى بمئات الملايين. وكان حساب ''مدام دليلة'' بذات الوكالة، يتلقى، منذ سنة 2005، مبالغ مالية ضخمة بالعملة الصعبة من حسابات شركات أجنبية، حيث توصل المحققون إلى اكتشاف 27 عملية تحويل للأموال الصعبة بطريقة غير قانونية، منها 19 عملية تحويل استفادت منها المرأة من شركة إيطالية، و8 تحويلات أخرى لم يصل المحققون إلى دليل يثبت مصدرها. وبالرغم من إيفاد لجنة تفتيش من المديرية العامة إلى البنك الخارجي الجزائري في سكيكدة سنة 2008، قصد النظر في عمليات التحويل غير القانونية التي تمت منذ سنة 2005، بعد إيداع شكوى على مستوى محكمة سكيكدة، إلا أنه تم التستر على القضية بتواطؤ مسؤولين من داخل البنك، حيث استغلوا قانون التقادم في القضايا المالية والجنح المتعلقة بأحكام مخالفة الصرف وتحويل الأموال والمقدر ب3سنوات، لطمس القضية. وفي بداية جانفي 2013، أعادت المحكمة فتح الملف بعد ورود تقارير من فرقة البحث والتحري التابعة للدرك بسكيكدة، حيث توصلت التحريات إلى اكتشاف أن المرأة قامت بفتح حسابات أخرى على مستوى ولايات قسنطينة وعنابة والعاصمة، قصد التمويه، خصوصا بعدما تلقت تحذيرات بأنها محل متابعة من طرف الدرك، كما أنها تلقت مبلغ 130 ألف أورو حوّل إليها من أمريكا اللاتينية في حساب بنكي بالعملة الصعبة على مستوى وكالة عميروش بالعاصمة، لتقوم بعدها بتحويل المبلغ من العاصمة نحو سكيكدة، وتلقت عدة تحويلات من نفس الشركة عدة مرات خلال السنة. وبررت المتهمة عند سماعها من طرف محققي الدرك، التحويلات المالية على أنها موجهة لاقتناء مساكنبفرنسا، ودخلت في اتصالات متقدمة مع بنك ''سوسييتي جنرال'' بالعاصمة، قصد تحويل الأموال بالعملة الصعبة نحو فرنسا، إلا أن البنك رفض ذلك لعدم توفر الشروط القانونية، إلا أنها أعادت المحاولة مرة أخرى، تضيف المتهمة، عن طريق تخفيض المبلغ، لتتمكن في الأخير من تبييض الأموال التي يجهل مصدرها وتحوّل 130 ألف أورو نحو فرنسا. كما كشف تحقيق الدرك قيام المتهمة بشراء عدة عقارات تمثلت في مساكن وشقق فاخرة، بالإضافة إلى محلات تجارية بسكيكدة، وكذا فيلتين بالعاصمة، الأولى في سيدى يحيى بحيدرة والثانية بسعيد حمدين، كما أنها استخرجت عدة سجلات تجارية بأسماء عائلتها وأقاربها، وكانت تنشط على أساس أنها وسيط تجاري لعدة شركات أجنبية، ولديها علاقات بعدد من الأشخاص في فرنسا وإسبانيا، حتى أنها كانت كثيرة السفر إلى هناك. وأثناء مواصلة مصالح الدرك التحقيق، تم تفتيش مساكن المتهمة في مارس 2013، حيث عثر على عدة ملفات ووثائق تخص شركات أجنبية اتضح بعد التدقيق فيها أنها مزوّرة، كما تم حجز مبلغ 12 ألف أورو و300 مليون سنتيم كانت مخبأة في بيتها، علما أن المعنية لا تمارس أي نشاط يتيح لها الاستفادة من أموال ضخمة. وتوصل المحققون إلى تحديد هوية 13 إطارا بالبنك الخارجي بسكيكدة متورطا في القضية، من بينهم من أحيل على التقاعد في 2008 وتم استدعاؤه، على غرار المدير السابق للبنك ونوابه ورئيس مصلحة مراقبة العمليات المالية ورئيس مصلحة الاعتمادات المالية ورئيس مصلحة القروض والمكلف بالدراسات ورئيس مصلحة التجارة الخارجية وكذا المفتشين الذين كلفوا بالتحقيق في 2008 والمدير الجهوي لقسنطينة والمدير الجهوي بعنابة، قاموا بالتسهيل ل''مدام دليلة'' بتحصيل الأموال من الخارج وتوطينها بنكيا بالعملة الصعبة وعلى شكل سيولة، وإعادة إخراجها، مقابل تلقيهم رشاوى قدرت بمئات الملايين. وتم تقديم المتهمين ال13 رفقة المتهمة وشقيقتها أمام العدالة، يوم الخميس الفارط، ليقرر القاضي إبقاء 10 منهم تحت الرقابة القضائية وحجز ممتلكاتهم، ووجّهت لهم تهم سوء استغلال الوظيفة والاستفادة من مزايا غير مشروعة والتصريح الكاذب وتلقى الرشوة. أما المتهمة الرئيسية، فنسبت إليها تهم تحويل أموال بطريقة غير شرعية وتبييض الأموال وتزوير الوثائق واستعمال المزور وتقديم رشاوى. كما أمر القاضي باستكمال التحقيق ليشمل عائلتها وأقاربها وأملاكها الثابتة والمنقولة وكذا مسؤولي وكالة عميروش بالعاصمة، في حين يتم التنسيق مع ''الأنتربول'' لمعرفة الشركات الأجنبية التي كانت تحوّل إليها المبالغ المالية ومعرفة مصدرها.