هل تعيد جبهة العدالة والتنمية الروح للتيار الإسلامي؟ بإعلان عبد الله جاب الله أول أمس تأسيس حزب جديد يكون التيار الإسلامي في الجزائر قد خطا خطوة نحو محاولة إعادة الهيكلة والتموقع استعدادا للاستحقاقات السياسية والانتخابية المقبلة. بدون شك فإن تأسيس جبهة العدالة والتنمية التي سيقودها عبد الله جاب الله سيشكل دعما إضافيا للتيار الإسلامي في المستقبل، هذا التيار الذي تآكل نوعا ما في السنوات الأخيرة خاصة بعد أن كشفت الانتخابات التشريعية لسنة 2007 انه لم يعد ذا تمثيل كبير على الساحة السياسية. فمنذ أن طفا الصراع بين جاب الله وخصومه في حركة الإصلاح تقهقر التيار الإسلامي الذي كان وعاؤه محسوبا ومعروفا في كل موعد انتخابي منذ سنة 1997، فجناح الإصلاح الذي فاز على جاب الله واستطاع نزع الحزب منه لم يستطع تحقيق أي فوز يذكر في المواعيد الانتخابية لسنة 2007، حتى ظهر وكأن الإصلاح اندثرت بذهاب الشيخ جاب الله، أما حركة مجتمع السلم التي يعرف الجميع حجمها منذ 15 سنة فقد دخلت هي الأخرى في متاهات مباشرة بعد المؤتمر الذي عقد سنة 2008 والذي انتهى إلى تشطير الحزب إلى نصفين. ومن يقف اليوم ونحن في منتصف سنة 2011 ليحاول رؤية قامة هذا التيار لن يشاهد سوى تشتت في كل الاتجاهات، بداية من الإصلاح مرورا بحركة مجتمع السلم إلى النهضة التي ظل مردودها ضعيفا منذ سنة 2002 ولم تستطع ملأ الفراغ، وبدون شك فإن دخول الانتخابات التشريعية للسنة المقبلة على هذا الوضع سيكون كارثة على التيار الإسلامي الذي حافظ على وعائه منذ سنة 1997، لأن حركة مجتمع السلم ستفقد بدون شك الكثير من المواقع على خلفية الصراع القائم داخلها. وبناء على ما ذكر سابقا يرى متتبعون للشأن السياسي أن تأسيس جبهة العدالة والتنمية جاء في الوقت المناسب، فهي بإمكانها استقطاب إسلاميين من كل التيارات في الاستحقاقات المقبلة، خاصة وأنها "جبهة" ما يعني أنها تضم العديد من التيارات ليس فقط داخل التيار الإسلامي بل من التيار الوطني أيضا. وحسب هؤلاء المتتبعين دائما فإن الجبهة الجديدة التي شكلها عبد الله جاب الله ورفقاؤه يمكنها أن تصبح ملاذا حقيقيا لكل غاضب داخل حزبه ليس فقط من التيار الإسلامي بل من تيارات أخرى قد لا نتصورها، وعليه فإنه يتوقع في حال منح الحزب الجديد الاعتماد لممارسة نشاطه أن يحصد أصواتا محترمة في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، بالنظر للوضعية التي توجد عليها الآن اغلب الأحزاب الإسلامية وأحزاب أخرى أيضا. وقد بدا عبد الله جاب الله في أول كلمة له عند تأسيس جبهة العدالة والتنمية أكثر اعتدالا مما عرف عنه في السابق، وفضلا عن هذا فإنه لا يمكن لأحد أن ينكر أن رئيس حركة الإصلاح سابقا يتمتع بنوع من الكاريزمية لدى جزء من أنصار التيار الإسلامي، وان اسمه يمكن أن يجلب في بورصة الانتخابات بحكم التجربة. فعندما طرد جاب الله من حركة النهضة دخلت هذه الأخيرة الانتخابات وهو بعيد عنها منيت بهزيمة نكراء ولم يستطع حتى رئيسها آنذاك محمد آدمي الفوز بمقعده في المجلس الشعبي الوطني، ونفس الشيء أيضا بالنسبة لحركة الإصلاح الوطني، حيث وبعد أن فُصل لصالح خصومه في الحركة لم تتمكن هذه الأخيرة من تحقيق أي نتائج تذكر في انتخابات سنة 2007، لكن وبالمقابل فإن جاب الله حقق نتائج لابأس بها سنة 1997 عندما كان على رأس حركة النهضة، وسنة 2002 عندما أسس حركة الإصلاح الوطني وقد فاز في ذلك الوقت ب 43 مقعدا في المجلس الشعبي الوطني. وبناء على ما سبق ذكره يمكن القول أن "جبهة التنمية والعدالة" يمكنها أن تشكل البديل للأحزاب الإسلامية في استحقاقات السنة المقبلة وقد تشهد إقبالا من مناضلين إسلاميين من كل الجهات بحكم الظروف المذكورة سلفا، أما كم سيبقى جاب الله على رأسها؟ فتلك مسألة سيكشف عنها المستقبل. م- عدنان