تسجيل 27 حالة جديدة غير مؤكدة للتيفوئيد ببلديات عنابة السلطات توقف توزيع المياه إلى غاية التحكم في الوضع كشف مصدر طبي أمس للنصر، أن المؤسسات الإستشفائية بعنابة استقبلت حالات جديدة للتيفوئيد من بلديات أخرى غير عاصمة الولاية، ما يعني انتشار بؤرة الفيروس المسبب لحمى التيفوئيد، في انتظار الوقوف على نتائج التحاليل التي خضع لها مواطنون التحقوا بمستشفى ضربان. وحسب ذات المصدر، فإن 19 حالة جديدة غير مؤكدة تم تسجيلها على مستوى قرية حجار الديس التابعة إداريا لبلدية سيدي عمار، في حين تبقى ثمانية (08) حالات من حي سيدي سالم التابع لبلدية البوني، ليرتفع بذلك عدد الحالات المشتبه فيها إلى 77 حالة، في ظل مخاوف كبيرة من اتساع دائرة انتشار الفيروس، مادامت كل المعطيات قد أرجعت السبب الرئيسي إلى تلوث الماء الشروب، رغم أن إشكالية نوعية المياه ظلت مطروحة بحدّة في كل بلديات الولاية منذ نحو ستة أشهر، ولو أن المصدر ذاته أشار إلى إمكانية وجود حالات عدوى بحي سيدي سالم، لأن إمراة كانت قد قدمت من ولاية أم البواقي وقضت أياما بضاحية بوخميرة بسيدي سالم، كانت ضمن الحالات الأربع الأولى التي تم اكتشافها، واستقبال ثمانية حالات مشتبه في إصابتها جعل فرضية انتقال الفيروس بين أشخاص العائلة الواحدة واردة، سيما وأن الأشخاص ال 17 الذين استقبلتهم المؤسسة الإستشفائية (الحكيم ضربان) على مدار الساعات القليلة الماضية، ظهرت عليهم أعراض التقيؤ والإسهال الحاد مما استدعى نقلهم على جناح السرعة سهرة أول أمس إلى مستشفى ابن رشد الجامعي، قبل أن يقرّر الطاقم الطبي نقلهم إلى مصلحة الأمراض المعدية بمستشفى ضربان، حيث تم وضعهم تحت المراقبة الطبية في انتظار الوقوف على نتائج التحاليل. من جهة أخرى باشرت صبيحة أمس الاثنين لجنة وزارية مشكلة من ثلاثة مدراء مركزيين من مديرية الوقاية التابعة لوزارة الصحة وإصلاح المستشفيات، سلسلة من تحقيقاتها الميدانية في أسباب ظهور داء التيفوئيد ببعض الأحياء الكائنة بالجهة الغربية من مدينة عنابة، وقد حلت هذه اللجنة بالولاية في ساعة متأخرة من سهرة أول أمس الأحد، بعد الإعلان عن تسجيل 17 حالة مؤكدة للإصابة بالداء، مع بقاء عشرات المواطنين تحت العناية الطبية المركزة بمصلحة الأمراض المعدية بمستشفى الحكيم ضربان. و أكد مصدر طبي للنصر أن اللجنة الوزارية قامت في أولى خطواتها بزيارة إلى حي الريم الذي تم تصنيفه في خانة "بؤرة " انتشار فيروس "سالامونيل" المسبّب لحمى التيفوئيد، لأن سكان هذا الحي الكائن بالضاحية الغربية لعاصمة الولاية طالما اشتكوا من نوعية المياه التي يشربونها، مما جعل كل المعطيات تؤكد بأن سبب ظهور هذا الداء يعود بالدرجة الأولى إلى الماء الشروب الذي تناوله الضحايا، خاصة وأن خلية الأزمة الثلاثية التي تم تشكيلها عقب ظهور أولى الحالات قبل أسبوعين أشارت في التقرير الأولي الذي كانت قد أعدته إثر سلسلة الخرجات الميدانية التي قادتها إلى أحياء الريم، السهل الغربي، الصفصاف و 5 جويلية بأن سبب هذه الكارثة الوبائية يعود إلى وجود تسرب للمياه القذرة، واختلاطها بالماء الشروب بسبب كسر في قنوات الصرف الصحي المتواجدة على مقربة من القناة الرئيسية التي يتزود منها سكان حي الريم. وقامت اللجنة الوزارية بمعاينة نتائج التحاليل التي خضع لها كل الأشخاص الذين تم تحويلهم إلى مختلف المؤسسات الإستشفائية منذ اكتشاف أولى حالات التيفوئيد بالولاية، سواء تعلق الأمر بالحالات المؤكدة، والتي بلغ عددها 17 حالة أو تلك المشتبه فيها، لأن " هيستيريا " التيفوئيد تبقى تصنع يوميات السكان بمدينة عنابة، خاصة أحياء الجهة الغربية من عاصمة الولاية، و مخاوف اتساع بؤرة انتشار الداء جعلت العديد من المواطنين يسارعون إلى الالتحاق بالمؤسسات الإستشفائية والمراكز الصحية للخضوع لتحاليل مخبرية من أجل الاطمئنان على صحتهم، ولو أن عدد الحالات المشتبه فيها ارتفع ظهيرة أمس الاثنين إلى 77 حالة، واللجنة الوزارية وقفت على وضعية الأشخاص الذين أثبتت التحاليل إصابتهم بداء التيفوئيد، لأن 13 شخصا لازالوا تحت المراقبة الطبية المركزة بمصلحة الأمراض المعدية بمستشفى ضربان، في حين تم تحويل أربعة رضع على جناح السرعة إلى مستشفى " القديسة تيريزا " للأطفال، أين يخضعون لمتابعة تحت العناية الطبية المركزة ، بعد أن أكدت التحاليل الطبية إصابتهم بالداء، و قد وقف موفدو الوزارة على اجتياز معظم الحالات المؤكدة لمرحلة الخطر، باستثناء 3 حالات تبقى وضعيتها خطيرة نسبيا، من بينها رضيع لا يتجاوز عمره 14 شهرا . و في ذات السياق شرعت اللجنة الوزارية في التحقيق لكشف الأسباب الحقيقية التي أدت إلى وفاة شاب كان على مدار 10 أيام ضمن قائمة الحالات المؤكدة التي ظلت تحت المراقبة الطبية بالمستشفى قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة يوم الثلاثاء الفارط، حيث أن التقرير الأولي الذي كان قد أعده الطاقم الطبي لمصلحة الأمراض المعدية بمستشفى الحكيم ضربان أشار إلى أن الضحية ( س سفيان )، الذي يبلغ منن العمر 27 سنة، لم يتوف نتيجة تطورات الإصابة بالتيفوئيد، وإنما بسبب تعرضه لأزمة حادة نتج عنها جفاف جسم الضحية من الماء، لتتطور حالته ويلفظ أنفاسه الأخيرة متأثرا بنوبة قلبية مفاجئة، ومع ذلك فقد ارتأت اللجنة الوزارية فتح تحقيق في هذه الحالة، سيما وأن الضحية كان قد ثبت إصابته بداء التيفوئيد، وكان من بين أولى الحالات التي تم اكتشافها على مستوى حي الريم، على اعتبار أنه يعمل في إحدى ورشات البناء بهذا الحي، ويقيم بقرية خرازة التابع إداريا لبلدية وادي العنب. بالموازاة مع ذلك فقد وقفت اللجنة الوزارية على الإجراءات الوقائية التي اتخذتها مصالح مديرية الصحة لولاية عنابة بالتنسيق مع مختلف الهيئات، و في مقدمتها مؤسسة "سياتا " لتوزيع وتطهير المياه، و كذا مكتب حفظ الصحة لبلدية عنابة، لأن الجهات المعنية كانت قد أعلنت حالة طوارئ قصوى منذ اكتشاف أولى الحالات قبل أسبوعين، لكن اتساع بؤرة انتشار الفيروس إلى كافة السكنات المتواجدة بحي الريم دفع بمصالح مديرية الصحة إلى التكثيف من التدابير الوقائية لحصر دائرة تواجد الفيروس، ومنعه من الامتداد إلى باقي أرجاء الولاية، وذلك بعد العجز عن اتخاذ الإجراءات الكفيلة بحصر دائرة انتشار الوباء عند ظهوره، وعليه فقد أعطت اللجنة الوزارية توصيات تقضي بضرورة التحكم في الوضع، ومنع إنتشار الفيروس إلى مناطق أخرى، سيما وأن المعاينة الميدانية التي قامت بها فرق التفتيش التابعة لخلية الأزمة التي تم تشكيلها، أثبتت أن سبب الإصابة بفيروس "سالامونيل"، يعود بالدرجة الأولى إلى الإنكسارات العديدة التي تشهدها قنوات التزّود بالماء الشروب، واختلاطها بمياه قنوات الصرف الصحي على مستوى الضاحية الغربية من مدينة عنابة وخاصة حي الريم، حيث تم الوقوف على كارثة وبائية، على اعتبار أن قنوات الماء الشروب تتواجد وسط بركة من المياه الراكدة المتسربة من شبكة الصرف الصحي جرّاء انكسارها، مما أدى إلى اختلاط الماء الموجه للاستهلاك بالمياه القذرة، وهي وضعية أجبرت مؤسسة "سياتا" لتطهير وتوزيع المياه على توقيف عملية تزويد السكان بالماء الشروب إلى غاية التحكم كلية في الوضعية. " هيستيريا " التيفوئيد تتسبب في ندرة حادة في المياه المعدنية من جهة أخرى، ومع تزايد مخاوف المواطنين من إنتشار الداء، وإقدام مديرية الصحة بالولاية على تقديم تطمينات بقدرتها على التحكم التام في الوضعية، ومنع " الفيروس" من الانتشار، يبقى سكان ولاية عنابة يعيشون على وقع حالة من الذعر والفزع، مقابل تسجيل ندرة في المياه المعدنية التي اختفت بشكل ملحوظ عن رفوف الدكاكين والمساحات التجارية، وذلك بسبب كثرة الطلب خلال هذه الفترة وقلة العرض مقارنة بحاجيات المواطنين والتي تزايدت أكثر في الآونة الأخيرة، لأن تخوّف السكان من انتشار وباء التيفوئيد زاد من حدة الطلب على المياه المعدنية، هذا فضلا عن مشكل التذبذب الكبير الذي تشهده عملية توزيع الماء الشروب منذ حلول فصل الصيف، بسبب الانكسارات التي سجلت على مستوى القناة الرئيسية للضخ، وكذا قرار مؤسسة "سياتا " القاضي بوقف عملية التوزيع كإجراء وقائي إلى غاية التخلص نهائيا من كابوس التيفوئيد الذي زرع الرعب في نفوس العنابيين.