‘شرعت صبيحة أمس الاثنين لجنة وزارية مشكلة من ثلاثة مدراء مركزيين من مديرية الصحة والوقاية التابعة لوزارة الصحة وإصلاح المستشفيات في إجراء تحقيق ميداني للوقوف على الأسباب الحقيقية لظهور داء التيفوئيد ببعض الأحياء الكائنة بالجهة الغربية من مدينة عنابة· كما استقبلت أمس مصلحة الأمراض بمستشفى ضربان 11 حالة جديدة من المشتبه بإصابتهم بحمى التيفوئيد بين سكان حي حجر الديس وحي سيدي سالم ببلديتي البوني وسيدي عمار بشكل يعزز فرضية تلوث المياه التي توزعها مؤسسة ”سياتا” على المواطنين· وحسب مصادر استشفائية، فإن العدد الإجمالي للمصابين بالداء الذي ظهر بأحياء الضاحية الغربية لبلدية عنابة، بلغ 17 حالة مؤكدة إلى غاية أمس فيما يوجد 21 شخصا تحت العناية الطبية المركزة· وذكر مصدر مسؤول من مديرية الصحة أنه منذ ظهور الداء في 16 جويلية الماضي سجلت حالة وفاة واحدة تتعلق بالشاب سمار سفيان، 27 سنة، يشتغل بحي الريم، فيما خضع للتحاليل 77 شخصا بينهم أربعة رضع يرقدون بمستشفى ”القديسة تيريزا” لطب الأطفال وسط مدينة عنابة· قفز عدد الحالات المؤكدة للإصابة بداء التيفوئيد على مستوى ولاية عنابة إلى 17 حالة، وفقا لتصريحات مصدر مؤكد من مديرية الصحة ل”البلاد”، والذي أوضح أن هذا الارتفاع كان عقب اتساع بؤرة انتشار الفيروس إلى كافة السكنات المتواجدة بحي الريم إلى الضاحية الغربية من عاصمة الولاية، الأمر الذي جعل مديرية الصحة بالولاية تعلن حالة طوارئ قصوى، بعد العجز عن اتخاذ الإجراءات الكفيلة بحصر دائرة انتشار الوباء، لاسيما أن المعاينة الميدانية التي قامت بها فرق التفتيش التابعة لخلية الأزمة التي تم تشكيلها، أثبتت وجود تسرب المياه القذرة، واختلاطها بالماء الشروب بسبب كسر في قنوات الصرف الصحي المتواجدة على مقربة من القناة الرئيسية للحي، وهو ما اكدته التحاليل الميكروبيولوجية على عينات المياه· وتابع المصدر أنئعشرات من المواطنين القاطنين على مستوى حي الريم ظهرت عليهم أعراض التقيؤ والإسهال الحاد، نهاية الأسبوع الفارط، مما استدعى نقلهم على جناح السرعة سهرة إلى مستشفى ابن رشد الجامعي، قبل أن يقرر الطاقم الطبي نقلهم إلى مصلحة الأمراض المعدية بمستشفى ضربان، حيث تم وضعهم تحت العناية الطبية المركزة، مع إخضاعهم لتحاليل بينت نتائجها إصابة 13 شخصا بصفة مؤكدة بداء التيفوئيد، مما استدعى عزلهم عن بقية المرضى· وهي حالات تضاف إلى الحالات الأربع الأولى التي تم اكتشافها منذ نحو أسبوعين ، ولو أن أحد المصابين بهذا الداء توفي يوم الثلاثاء الفارط بمستشفى الحكيم ضربان، لكن سبب الوفاة، حسب تقرير الطاقم الطبي، لم يكن بسبب تطورات الإصابة بالتيفوئيد، وإنما تعرضه لأزمة حادة نتج عنها جفاف جسم الضحية من الماء، قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة متأثرا بنوبة قلبية مفاجئة· وقد أكد مصدر ”البلاد” في هذا السياق أن الضحية (سمار سفيان)، شاب يبلغ من العمر 27 سنة، يقيم بحي خرازة التابع إداريا لبلدية وادي العنب، كان يعمل بإحدى ورشات البناء بحي الريم، وقد ظل تحت العناية الطبية المركزة لمدة 10 أيام· اللجنة الوزارية تعاين إجراءات التكفل بالمرضى هذا وقامت اللجنة الوزارية بمعاينة نتائج التحاليل التي خضع لها كل الأشخاص الذين تم تحويلهم إلى مختلف المؤسسات الاستشفائية منذ اكتشاف أولى حالات التيفوئيد بالولاية، سواء تعلق الأمر بالحالات المؤكدة التي بلغ عددها 17 حالة، أو تلك المشتبه فيها، لأن ”هيستريا” التيفوئيد تبقى تصنع يوميات السكان بمدينة عنابة، خاصة أحياء الجهة الغربية من عاصمة الولاية، ومخاوف اتساع بؤرة انتشار الداء جعلت العديد من المواطنين يسارعون إلى الالتحاق بالمؤسسات الاستشفائية والمراكز الصحية للخضوع لتحاليل مخبرية من أجل الاطمئنان على الحالة الصحية، ولو أن عدد الحالات المشبه فيها ارتفع ظهيرة أمس الاثنين إلى 77 حالة· واللجنة الوزارية وقفت على وضعية الأشخاص الذين أثبتت التحاليل إصابتهم بداء التيفوئيد، لأن 21 شخصا لايزالون تحت المراقبة الطبية المركزة بمصلحة الأمراض المعدية بمستشفى ضربان، في حين تم تحويل أربعة رضع على جناح السرعة إلى مستشفى ”القديسة تيريزا” للأطفال، حيث يخضعون لمتابعة تحت العناية الطبية المركزة بعد أن أكدت التحاليل الطبية إصابتهم بالداء· وفي السياق نفسه شرعت اللجنة الوزارية في التحقيق لكشف الأسباب الحقيقية التي أدت إلى وفاة شاب كان على مدار 10 أيام ضمن قائمة الحالات المؤكدة التي ظلت تحت المراقبة الطبية بالمستشفى قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة يوم الثلاثاء الفارط، حيث إن التقرير الأولي الذي كان قد أعده الطاقم الطبي لمصلحة الأمراض المعدية بمستشفى الحكيم ضربان أشار إلى أن الضحية (س سفيان) الذي يبلغ منن العمر 27 سنة، لم يتوف نتيجة تطورات الإصابة بالتيفوئيد، وإنما بسبب تعرضه لأزمة حادة نتج عنها جفاف جسم الضحية من الماء، لتتطور حالته ويلفظ أنفاسه الأخيرة متأثرا بنوبة قلبية مفاجئة· ومع ذلك فقد ارتأت اللجنة الوزارية فتح تحقيق في هذه الحالة، لاسيما وأن الضحية كان قد ثبتت إصابته بداء التيفوئيد، وكان من بين أولى الحالات التي تم اكتشافها على مستوى حي الريم، على اعتبار أنه يعمل في إحدى ورشات البناء بهذا الحي، ويقيم بقرية خرازة التابع إداريا لبلدية وادي العنب· رضع في قائمة المصابين وحسب المصدر ذاته، يوجد من بين الحالات المؤكدة أربعة رضع دون سن 18 شهرا، أثبتت التحاليل الطبية إصابتهم بداء التيفوئيد، مما استدعى تحويلهم على جناح السرعة إلى مستشفى ”القديسة تيريزا” للأطفال، حيث يخضعون لمتابعة تحت العناية الطبية المركزة، في حين وضعت مجموعة أخرى تتشكل من 13 شخصا تتراوح أعمارهم بين 16 و59 سنة تحت الرقابة الطبية بمصلحة الأمراض المعدية بمستشفى الحكيم ضربان، بعدما أظهرت نتائج التحاليل التي خضعوا لها إصابتهم بفيروس ”سالمونيلا تيفي”، المسبب لحمى التيفوئيد· وقالت المصادر إن حالتين تم اكتشافهما بمصلحة الطب الباطني وأمراض الجهاز الهضمي بمستشفى ابن سينا بعدما قدما للعلاج من آلام في البطن والإسهال· كما أن داء التيفوئيد لم يحصد إلى حد الآن أرواحا بشرية من الحالات التي تم تسجيلها بعنابة على مدار الأسبوعين الأخيرين، لكن المصالح الطبية أعلنت حالة طوارئ قصوى، لأن 50 شخصا يقطنون جميعا بحي الريم مازالوا تحت المراقبة الطبية، بعد أن تم استقبالهم على دفعات منذ الخميس المنصرم، لأن أعراض التقيؤ والإسهال الحاد وآلام الرأس تبقي احتمال الإصابة بحمى التيفوئيد واردا، لاسيما بعد اكتشاف بعض الحالات المؤكدة، لكن نتائج التحاليل أجبرت مصالح المؤسسة الاستشفائية على تشديد الرقابة على 21 شخصا من بين الحالات المشتبه في إصابتها· ”البلاد” تزور بؤر الإصابة يزود سكان ولاية عنابة منذ أسابيع قليلة بمياه تحمل تركيزات كبيرة من المواد المضرة أو المشعة أو الفيروسات والجراثيم عبر الحنفيات في منازلهم قادمة من محطات الضخ· وعلى الرغم من أن سلطات الرقابة تلقت بلاغات عن وقائع كثيرة خاصة بهذا الأمر أدى إلى وقوع إصابات عديدة بالتيفوئيد في أوساط المواطنين، فإنها لم تتخذ أي إجراء حيال ذلك· ورجحت مصادر أن المياه الملوثة قد تكون السبب في تفشي العديد من ”موجات” مرض التيفوئيد خلال الأيام الماضية، في حين استبعدت مصادر أخرى الشبهة عن المياه التي تزود منازل وبيوت سكان عنابة· وهدد أهالي مدينة عنابة بالاعتصام أمام شركة التطهير والمياه وكذا قبالة مقر الولاية احتجاجا على تزويدهم بمياه ملوثة منذ أسابيع دون أن تحرك السلطات ساكنا إزاء هذا الوضع الكارثي· ويشتكي سكان عدة بلديات في ولاية عنابة من رائحة الماء الشروب ولونه الأسود المتدفق من حنفيات منازلهم، الأمر الذي أثار الشكوك في نوعية الماء وسرب معلومات من خلال هذه الظاهرة بأن الماء ملوث ولا يصلح للشرب· ويلجأ بسبب هذا الوضع المواطنون إلى شراء الماء المعدني أو الخوض في رحلة بحث عن مياه الينابيع المنتشرة في أعلى جبال الإيدوغ· ئوالاعتقاد حتى لو كان خاطئا، أقوي من أي حقيقة· هذا ما تؤكده حكاية آلاف المواطنين البسطاء مع مياه حنفياتهم الملوثة بمياه الصرف الصحي، والذين تحدثوا إلى ”البلاد” خلال الجولة التي قامت بها ببعض الأحياء المتضررة بالضاحية الغربية· وفي هذا الشأن قال ناصر موظف بسيط بإحدى الشركات العمومية ”إن أحياء عديدة بالولاية من دون مياه نقية حيث تقدمنا أكثر من مرة إلى الجهات المختصة لتزويدنا بمياه صالحة للشرب ولكن من دون فائدة· عائلاتنا في خطر في ظل تفشي مرض التيفوئيد ولا أحد من المسؤولين المحليين يحرك ساكنا حيال ذلك”· النبرة نفسها لمسناها في الحاجة الجمعة التي أكدت أن الماء ملون غالبا بالأسود وتصدر منه رائحة غريبة وكريهة أثارت الشكوك والمخاوف في أوساط الناس، مضيفة ”أعيش وحدي في المنزل وسني لا يسمح لي بالتنقل إلى الأحياء المجاورة لجلب الماء الصالح للشرب· كما أن منحة تقاعدي لا تسمح لي بشراء المياه المعدنية ولا حتى حملها من المحل إلى المنزل· لقد احترت في أمري وخضعت للأمر الواقع بشكل أقوم يوميا بملء ماء الحنفية وغليه في درجة حرارة عالية لقتل الجراثيم التي يحتويها ومن تم أستعمله للشرب”· قطع التزويد بمياه الشرب كإجراء وقائي أكد مسؤول من مديرية الصحة أن مصالح المديرية بعنابة سارعت الى إشعار سكان الجهة الغربية من عاصمة الولاية بعدم صلاحية المياه، في حين قامت مؤسسة ”سياتا” لتطهير وتوزيع المياه بقطع عملية تزويد السكان بالماء الشروب إلى حين التحكم كلية في الوضع، لأن الإشكال ظل مطروحا منذ أسابيع عديدة، جراء تواجد قنوات التزود بالماء الشروب وسط بركة من المياه الراكدة، والمتسربة من شبكة الصرف الصحي· وفور صدور التحاليل الطبية شرعت مصالح المستشفى في توزيع دواء ”دوكسي سيكلين” على سكان الحي لمحاربة هذه الجرثومة القاتلة· الأطباء يتحدثون عن التيفوئيد يحدث مرض التيفوئيد حسب البروفسور لعور، من مصلحة الأمراض المعدية بمستشفى الحكيم ضربان بعنابة، بسبب بكتيريا تسمى ”السالمونيلا تيفي”، وتنتقل هذه البكتيريا مباشرة من شخص إلى آخر عن طريق المياه أو الأطعمة الملوثة· وحاملو جرثومة المرض هؤلاء، حسب البروفسور لعور، لا تظهر عليهم أعراض حمى التيفوئيد، ولكنهم يحملون الجرثومة في أجسامهم ويخرجونها مع الغائط، ويمكن لفضلات الجسم البشري التي تحتوي على الجرثومة أن تلوث الأطعمة والمياه بعدة طرق، إذ يقوم الذباب بنقل الجرثومة من الغائط إلى الأطعمة· كما أن الطعام الذي يلمسه حاملو المرض يمثل وسيلة أخرى لنقل العدوى· وتظهر أعراض التيفوئيد خلال فترة تتراوح بين أسبوع وثلاثة أسابيع بعد أن تدخل الجرثومة جسم الشخص، وخلال الأسبوع الأول يشعر المصاب بحمى مرتفعة وصداع وآلام في البطن، وتصل الحمى إلى ذروتها وتبقى كذلك خلال الأسبوع الثاني، وفي أحيان كثيرة تظهر بقع وردية اللون على الصدر والبطن، ويصبح المصاب ضعيفا، ويصاب بالهذيان في الحالات الشديدة، ومع بداية الأسبوع الثالث يبدأ ظهور إسهال (أخضر اللون) في معظم الحالات، وهنا يصل المرض إلى أقصى درجاته، وما لم تحدث مضاعفات فإن حالة المريض تبدأ في التحسن تدريجيا خلال نهاية الأسبوع الثالث والأسبوع الرابع· ويقول المصدر إنه يمكن أحيانا حدوث مضاعفات خطيرة ومميتة، إذ يمكن للجرثومة أن تحدث تقرحات في الأمعاء، وإذا أصبحت التقرحات حادة يمكنها أن تحدث ثقوبا في جدار الأمعاء، وفي مثل هذه الحالات تتدفق محتويات الأمعاء في البطن مما يؤدي إلى حدوث تلوث خطير، وفي حالات أخرى يمكن إصابة الأمعاء بنزيف شديد مما يستدعي نقل الدم إلى المريض للحيلولة دون وفاته! وأشار البروفسور لعور إلى أن أشخاصا آخرين من المرضى بحمى التيفوئيد في عنابة يكونون قد عالجوا بمنشآت صحية خاصة مؤكدا على أهمية التصريح الإجباري لهذا النوع من الأمراض· كما أكد على وفرة الأدوية بهياكل الصحة العمومية لعلاج هذا المرض قبل أن يلح على ضرورة ”اتباع واحترام بروتوكول علاج صارم ودقيق للتحكم في الداء”· أين نتائج لجنة التحقيق المشتركة؟ كان من المفترض أن تقوم لجنة التحقيق المشتركة، مديرية الصحة، مصالح حفظ الصحة بالبلدية وشركة ”سياتا”، برفع تقريرها إلى السلطات الولائية، منذ أيام، لمعرفة النتائج حول هذا الأمر· كما كان متوقعا أن تعلن الجهات المعنية عن مصدر وسبب الإصابة بالداء· غير أن تماطل هذه المصالح والتأخير في الإعلان عن النتائج زاد من مخاوف السكان· وكانت مصادر مقربة من اللجنة المشتركة قد أشارت في وقت سابق إلى أن النتائج الأولية للتحقيق أوضحت أن المياه الملوثة ليست السبب الرئيسي وراء الإصابة بمرض التيفوئيد، حيث يجري البحث والتحري عن مصدر الداء· 4 إصابات مؤكدة بداء التيفوئيد بالعلمة كشف مصدر استشفائي ل”البلاد” عن تسجيل أربع حالات مؤكدة بداء التيفوئيد بحي-بوخبلة- بالمدخل الشمالي لمدينة العلمة مساء أمس الأول وهذا إثر استهلاك عائلة لمياه ملوثة مجهولة المصدر· وحسب المعلومات الأولية، فإن هذه العائلة اضطرت في الآونة الأخيرة إلى استهلاك مياه الصهاريج وكذا مياه بعض الآبار بذات الحي وهذا إثر قطع عملية تموينها بالمياه بسبب عدم دفع المستحقات لمصالح الجزائرية للمياه· وكانت المصالح الطبية الوقائية للعلمة، قد أكدت بعد إجراء التحاليل اللازمة أن العديد من الآبار الموجودة بالحي المذكور قد طالتها عملية التلوث الأمر الذي يرشح تأزم الوضع وظهور حالات أخرى من الإصابة بداء التيفوئيد الذي يعد من الأمراض الخطيرة والقابلة للانتشار· وحسب مصلحة الأمراض المعدية بالمستشفى، فإن الإصابات الأربع مازالت تحت الرقابة الطبية وأنها في وضعية صحية غير مستقرة·