توفي ليلة الثلاثاء إلى الأربعاء الفنان الجزائري المغترب رشيد طه بعد تعرضه لأزمة قلبية أثناء نومه، فارق على إثرها الحياة عن عمر ناهز59 سنة، و ذلك بمنزله بالعاصمة الفرنسية باريس، حسبما أعلن عنه ابنه إلياس، و تداولته مواقع إخبارية فرنسية عديدة. رشيد طه الذي أنهى مؤخرا ألبوما جديدا كان من المقرر أن يصدره في بداية 2019، قال يوما في حوار لمجلة « تيليراما» الفرنسية بخصوص موسيقى الراي الجزائرية بأن « الراي يستطيع أن يُولد من رماده، وهذا هو الوقت المناسب، الجيل الثّالث من المغاربيين ينقصه شيء و من الأفضل أن نُسمعهم الرّاي، بدل صوت الكلاشينكوف، أنا أقوم بدور المدرب، أنا زين الدين زيدان الراي، أفكر في مشاريع كثيرة فرقة» كُسكُس كلان» مع رودولف بُرغر، جولة «ترانس راي إكسبرس»، على شاكلة»أفريكا إكسبرس» لدامون ألبرن، فيلم بعنوان «إلفيس النّاصرة»، ومشروع إعادة أغان من أعمال بياف مع أنا موغلاليس، رودولف، إلفيس.. كلّهم يملكون بُعداً رايوياً». كما أعلن في وقت سابق عن مشروع لإعادة أغاني إيديت بياف، و كانت الفنانة فلة عبابسة قد صرحت بأن طه أخبرها بأن الألبوم الجديد هو عبارة عن توليفة من أجمل ما قدم من أغان، لكنه رحل قبل أن يتم مشاريعه. خبر وفاته نزل كالصاعقة على عشاقه و متابعيه و صنع الحدث على موقع تويتر، حيث تصدر الترند الجزائري وحتى المصري، دقائق قليلة بعدما أعلنت وكالة الأنباء الفرنسية عنه، وذلك نقلا عن بيان لابنه إلياس جاء فيه « ببالغ الحزن والأسى نعلن نحن إلياس طه وعائلته و أقاربه و كل أصدقائه عن وفاة الفنان رشيد طه، إثر سكتة قلبية ليلة الثلاثاء إلى الأربعاء داخل منزله «. وبدورها تناقلت الصحف الفرنسية الخبر بشكل واسع، خصوصا وأنه تحصل قبل 3 سنوات على جائزة شرفية من صنف موسيقى العالم، وذلك تزامنا مع الاحتفال بانتصارات الموسيقى بباريس سنة 2015 . وفاته هزت تويتر وعشاقه ينعونه مغردون على تويتر ، من بينهم فنانون و شخصيات معروفة في فرنسا، بالإضافة إلى صحف فرنسية كبرى، نعوا نجم الراي الراحل، بأسمى عبارات التقدير، معتبرين بأنه يعد جزءا من روح الفن في فرنسا، وعادوا للتذكير بمشواره الموسيقي الحافل، فالفنان أحد أبناء أول جيل من المهاجرين الجزائريين إلى فرنسا، ولد بضواحي وهران في 18 سبتمبر1958، ثم هاجر رفقة عائلته إلى منطقة الألزاس وهو في سن العاشرة، قبل أن ينتقل إلى مدينة ليون، أين عمل في المطاعم و المقاهي، ليقرر لاحقا تأسيس فرقته الخاصة « كارت دو سيجور» أي «بطاقة إقامة»، ومن هنا كانت انطلاقته الأولى، حيث برز كواحد من وجوه الروك الفرنسي سنة 1980، و استطاع أن يحقق الشهرة و النجاح، بفضل إعادته لأغاني فرنسية ، أبرزها للفنان شارل ترينيه، وتحديدا أغنية» دوس فرانس» أو «فرنسا الناعمة»، إضافة إلى أغنية «بلد طفولتي العزيز». اعتبر الفقيد «الصوت الوقح للشباب المهاجرين»، حيث ما انفك يجسد نمط البانك روك و العنصر الاستفزازي منذ 20سنة ، مستلهما بذلك ميراث المغني سارج غانزبورغ في الساحة الفنية الجزائرية . انفصل بداية سنة 1990 عن فرقته »كارت دوسيجور»، و شق طريقه بمفرده حيث قدم العديد من الأعمال و الألبومات التي لاقت نجاحا في فرنسا، و اشتهر بإدخال الرقص إلى موسيقاه، ومن أشهر ألبوماته الغنائية «بربر»، في عام 1991، و « أولي أولي» في عام 1995، و» ديوان» إنتاج عام 1998، ثم « مايد إين ميدينا» الصادر في عام 2000، وكلها أعمال صنع من خلالها التفرد بفضل مزجه بين ثقافته الجزائرية و الروك الأنجلوسكسوني، حيث كان من أوائل المؤسسين للموسيقى الإلكترونية ذات الطابع الشرقي. في الجزائر ظل رشيد طه غير معروف إلى غاية، صدور أغنية «عبد القادر يا بوعلام»، التي أداها سنة 1998، رفقة الثنائي الشاب خالد و فضيل، وهي أغنية وصفت آنذاك بالظاهرة و حفرت في ذاكرة الأجيال، حيث استطاع الثلاثي بفضلها، أن يقدم حفلا وصف بالأسطوري بقاعة « بارسي» في العاصمة الفرنسية باريس، ليعود مجددا ويخطف الأضواء بداية من سنة 2000 بعد إعادته لأغنية الراحل دحمان الحراشي « يا رايح وين مسافر» التي صورها كفيديو كليب، فضلا عن إعادة مجموعة من أغاني «روك القصبة» ، ليتحول إلى أحد أهم أصوات موسيقى الراي في بلادنا ، و سفيرا لهذه الأغنية في الخارج، ومن أشهر مقولاته التي لخص فيه تجربته الفنية « الراي هو البارصا و الشعبي ريال مدريد و نحن نجيدهما معا». علاقته بموسيقى الراي ولدت منذ الصغر و كبرت معه، وقد قال عن هذه العلاقة في حوار لمجلة «تيليراما» « الرّاي ولد في منطقة وهران، مثلي عندما كنت صغيرا، أمي كانت تغنيه في المطبخ، كنت أعشق مرافقتها إلى الحمّام، حيث كانت تنشط المداحات، مشكلات أوركسترا نسائية، مرفقة بالبندير والدربوكة، أبي هو أيضا، كان يسمع الراي «الذكوري»، وهو مع رفاقه تحت أشجار الزيتون، كنا في الستينيات في الرّيف، هذا النوع من الرّاي، راي الحقول، كان عبارة عن «بلوز الرّعاة»، يحكي عن الحب والوحدة».