تقليص ساعات العمل لتفادي الشجارات، و تجنب كابوس اختناق حركة المرور لا يواجه سائقو سيارات الأجرة قساوة المناخ الحار فحسب في شهر رمضان، بل يعانون السلوكيات السلبية التي ارتبطت بهذه المناسبة الفضيلة من نرفزة و توتر بين الزبائن الذين غالبا ما يتشاجرون من أجل المكان و هو ما يضع السائق عموما في مواقف يصعب عليه التحكم فيها. كما لا ينجو الكثير من السائقين أيضا من السب و الإهانة من قبل المارة الذين يجتازون الطريق تارة و من الزبائن الذين لا يقبلون رؤية شخص واحد داخل السيارة»كورسا»تارة أخرى... و غيرها من المواقف المتنوعة التي تعيشها هذه الفئة يوميا، و التي تتراوح بين الحوادث و الضجر من الزحام، مما يجعلهم عرضة للتوتر المتواصل و بالتالي سهولة الوقوع في شجارات عنيفة كما أوضح لنا بعض السائقين الذين تقربنا منهم لمعرفة كيف يمضون يومياتهم الرمضانية و الصعوبات التي تواجههم فيها. عمي عمار منقلاتي سائق أجرة معروف في خط بوصوف/ وسط المدينة، يعمل بهذا المجال منذ سنة 2003، و رغم أنه في سن التقاعد إلا أنه يحافظ على نشاطه المعهود في شهر رمضان و لا يتكاسل كما يفعل بعض زملائه الذين يعملون نصف النهار غالبا ما يكون في الصباح و يستريحون النصف الآخر في البيت ، حيث يبدأ عمله يوميا على الساعة الثامنة صباحا و إلى غاية الساعة الخامسة مساءا دون انقطاع باعتماد «التوصيلة» تلو الأخرى طمعا في أن يمر نهار الصيام الشاق بسرعة و يعود للبيت لنيل قسط من الراحة ، أو الذهاب للتسوّق و شراء بعض لوازم البيت الضرورية. عمي منقلاتي ( كما يحب أن ينادى) قال لنا أنه يحبذ أجواء العمل في رمضان أكثر من باقي أيام السنة العادية، لأن المضايقات فيها تنقص بكثير في رأيه ، خاصة هذه السنة التي تزامن رمضان فيها بفصل الصيف و مع فترة الإجازات السنوية التي أدت إلى تراجع حركة المرور بنسبة كبيرة: « تعرف حركة المرور في شهر رمضان انفراجا أكبر، كما أن الناس يبدون أهدأ في هذه الفترة مما يقلل قليلا من المضايقات التي نتعرض لها يوميا من قبل السائقين ، المارة و الزبائن لأتفه الأسباب «. و رغم أن سيارته لا تحتوي على مبرد إلا أن ( عمي منقلاتي) يتغلب على الحرارة و العطش بالعمل المستمر « أنا لا أتوقف عن العمل أبدا طيلة الوقت و في كل الظروف ، و في رمضان على وجه التحديد أعمل من الصباح إلى المساء حتى لا أشعر بمشقة الصيام «. و يقرر الكثير من سائقي الأجرة تقليص مدة العمل من تلقاء أنفسهم في رمضان إلى سويعات قليلة في اليوم، كما أخبرنا السائق شوقي.ع الذي أكد لنا أنه منذ حلول شهر رمضان لم تتجاوز ساعات عمله منتصف النهار، حيث يكتفي بساعات قليلة ما بين الثامنة صباحا و الثانية عشر زوالا، ليعود إلى منزله بحي بوصوف ليستريح أو ليلبي احتياجات العائلة و الذهاب للتسوق. و جاء قرار عمله لبضع ساعات على خلفية الحادث الذي تعرّض له في أول أيام رمضان، جرّاء ارتطام سيارته بأخرى، مما دفعه يفكر في العمل لمدة أقل لأنه كما قال شديد العصبية و لا يريد الوقوع في مشاكل مع الناس الذين يترقبون أتفه الأسباب لافتعال شجارات لا معنى لها. و قد ساهم انعدام توقيت معيّن لعمل سائقي الأجرة في ضبط كل واحد منهم عقارب ساعته حسب اختياره ، حسب السيد محسن محمد الأمين العام للإتحاد الوطني لسائقي سيارات الأجرة الذي أكد بأن معظم السائقين في قسنطينة يعملون حسب رزنا متهم الخاصة و وفق التوقيت الذي يناسبهم، و الذي لا تتجاوز مدته سقف الثمانية ساعات يوميا على حد تقديره. و عن يومياته الخاصة في شهر رمضان، قال السيد محسن محمد أن العمل أصبح نادرا بسبب العطلة السنوية و حرارة فصل الصيف خاصة أنه يعمل في خط عنابة/ قسنطينة ، لدرجة لم يعد يتمكن من الفوز بتوصيلة واحدة إلا مرة كل يومين أو ثلاثة و بالتالي لا تتجاوز أيام عمله الثلاثة أيام في الأسبوع الواحد. كما أن حرارة الطقس و بعد المسافة تشكل صعوبة كبيرة بالنسبة له،و استرسل بأن أذان المغرب أدركه عدة مرات و هو لا يزال في الطريق مما يضطره و زبائنه للتوقف لبل ريقهم و الإسراع بالإفطار و الصلاة في أقرب مسجد قبل مواصلة السير .