* البروفيسور بن سقني: طاعون المجترات الصغيرة لا يشكل خطرا على الإنسان فتحت مصالح الفلاحة و الأمن، تحقيقات في عمليات مشبوهة لتحويل المواشي إلى قسنطينة، و ذلك بعد حظر جميع أشكال نقل و بيع الأغنام بالولاية لتجنب انتقال مرض طاعون المجترات من المناطق المجاورة، و قد شاهد سكان مدينة علي منجلي ليلة أمس الأول، نقل عدد معتبر من الرؤوس إلى بناية في طور الإنجاز على متن شاحنة تحمل ترقيم ولاية بسكرة، حيث تم تحويل عدد منها إلى وجهات مجهولة، و هو ما وقفت عليه النصر. و أكد لنا السكان أنهم شاهدوا نقل عدد كبير من الخرفان إلى الوحدة الجوارية 17 ليلة السبت الماضي، حيث تم إنزالها ببناية غير مكتملة، وهو ما أربك الجميع خاصة وأن المصالح المختصة تعمل على منع تسجيل إصابات بمرضي طاعون المجترات الصغيرة و الحمى القلاعية، كما اتخذت إجراء وقائيا بغلق كل أسواق المواشي على مستوى الولاية لمدة شهر، لمنع وصول المرض من المناطق المجاورة التي سجلت بها العديد من حالات النفوق. وتنقلت النصر إلى عين المكان صبيحة أمس، و وقفت على تواجد عدد كبير من الخرفان داخل البناية المعنية، و قد أكد لنا شهود عيان أن عملية تفريغ الرؤوس بدأت ليلة أمس الأول، حيث تواجدت 4 شاحنات من الحجم الكبير أمام المبنى و أدخِل إليه أكثر من 200 خروف، وأضافت مصادرنا أن الشاحنات التي نقلت الأغنام كانت تحمل ترقيم ولاية بسكرة، وهو ما جعلهم يتخوفون من السبب الحقيقي من وراء جلب كل تلك الماشية، خاصة أن هذه الولاية سجلت حالات إصابة بطاعون المجترات الصغيرة. وأثناء تواجدنا بالقرب من المبنى، شاهدنا ركن عدة شاحنات بين الحين والآخر من ترقيم ولاية قسنطينة، حيث كنت تقوم بحمل 3 إلى 4 خرفان ثم تغادر مباشرة، ما يرجح فرضية البيع غير الشرعي، كما شد انتباهنا العدد الكبير من الرعاة الذين كانوا يحرسون المكان، حيث تجاوز عددهم 15، و جلهم يرتدون «القشابية» وعمامة ما يوحي بأنهم من مناطق صحراوية، و الغريب أنه و بعد مدة من الزمن، قام أحد الرعاة بإخراج قطيع الخرفان من أجل الرعي في بعض المساحات الخضراء الواقعة مقابل المجمعات السكنية بعلي منجلي. و قد اتصلت النصر بمدير المصالح الفلاحية بولاية قسنطينة، غديري ياسين، لمعرفة رأيه في ما يحصل بعلي منجلي، فأكد لنا أن مصالح البيطرة بالتنسيق مع الجهات الأمنية «تحقق في هذا الأمر»، موضحا بأنه سيتم الكشف عن نتائج التحقيق فور الانتهاء منه، وأضاف غديري أنه و في حالة التأكد من القيام بعمليات نقل أو بيع غير شرعية للمواشي، فإنه سيتم حجز كلي للرؤوس، وذلك تطبيقا لتعليمات الوالي عبد السميع سعيدون، الذي أصدر قرارا «يمنع منعا باتا كل تجمع للحيوانات على مستوى الولاية سواء بالأسواق أو نقاط البيع غير المراقبة»، حسب تأكيده. و ذكر المسؤول بأنه لم يتم إلى غاية يوم أمس، تسجيل أية حالة مرض للماشية في ولاية قسنطينة، مضيفا أن المصالح البيطرية مجندة من أجل حماية المواشي و المستهلك، كما طمأن بأنه لا يوجد داع للخوف لعدم وجود أي خطر يهدد الثروة الحيوانية على مستوى الولاية حاليا. حاتم/ب البروفيسور عبد الرَّحمان بن سڤني من معهد البيطرة بقسنطينة للنصر طاعون المجترات الصغيرة لا يشكل خطرا على الإنسان و هكذا انتقل إلى الجزائر خلق مرض طاعون المجترَّات الصغيرة الذي ظهر مؤخرا بالجزائر، جدلا وخوفا لدى الموَّالين على وجه الخُصوص، بعدما فتك بمئات رؤوس الأغنام بعدة ولايات، و في هذا الشأن، يؤكد البروفيسور عبد الرحمان بن سڤني رئيس قسم الطب والجراحة والتكاثر الحيواني بمعهد البيطرة بقسنطينة، أنها المرة الأولى التي يسمع فيها عن دخول الوباء لبلادنا، لكنه يوضح أن عدواه لا تنتقل من الحيوان إلى الإنسان، و ذلك في حوار للنصر يجيب من خلاله عن العديد من التساؤلات المطروحة حول هذا المرض. حاوره: فاتح خرفوشي أدى وباء المجترَّات الصغيرة إلى نفوق مئات رؤوس الأغنام عبر الوطن، لكنَّه يبقى غامضا وغير معروف للكثيرين، فما هو؟ مرض المجترَّات الصغيرة هو وباء فيروسي يصيب الأغنام والماعز، وأنواع أخرى من الحيوانات الأليفة، لكنَّه يستهدف الصغيرة منها، إن صحَّ التعبير، لذلك سمِّي بمرض المجترَّات الصغيرة، كما سمي هكذا لصغر حجم الغنم والماعز مقارنة بالحمير والبغال، و يمسُّ المرض خاصة الرؤوس التي يكون عمرها بين 15 يوما و سنة، و لا تزال مناعتها ضعيفة مقارنة بالمواشي الكبيرة في السنّ، وهو ما يفسِّر من جهة أخرى فترة التلقيح الأول للماشية، والتي تبدأ من اليوم الأول إلى غاية سنة تقريبا، كما ينتظر الموَّال والبيطري 15 يوما ليبدأ الدواء مفعوله في جسم الحيوان الملقَّح. وباء المجترات الصغيرة معروف في دول غرب أفريقيا لكنّ المرض يبقى مجهولا حتى لدى بعض المختصِّين، أليس كذلك؟ ما تقوله صائب، ولا أخفي عنك أمرا، وهو أنّني أسمع بهذا الوباء الفيروسي للمرة الأولى في حياتي المهنية، بالجزائر، فهو مرض معروف في دول أخرى على غرار البلدان الأوربية وتونس وعموم دول غرب أفريقيا، كما تشير إليه المعلومات المتوفرة عنه، لكنَّه لم يحدث قبلا في بلادنا. ما هي أعراض هذا الوباء؟ ككلِّ مرض تمَّت دراسته أكاديميا وميدانيا، فإن وباء المجترَّات الصغيرة الفيروسي لديه أعراض تظهر على المواشي، أو لنقل الدوابّ بشكل أوسع، و هذه الأعراض تتمثُّل في تورُّمات بالفم، لكن على مستوى اللثَّة فقط، وليس اللسان، مثلما يحدث لدى الإصابة بالحمى القلاعية، كما لا يصيب الأظلاف، والضرع، بالمقابل، فإنَّه يصيب الرئة والأمعاء، ويتسبَّب في حمّى مصحوبة بالإسهال. هل هو معدٍ؟ الإجابة عن سؤالك تحمل شقين، فهذا المرض معدٍ بالنسبة للحيوانات فيما بينها، ولكن عن طريق الاتصال المباشر، فلو كانت لدى موّال مواشي مصابة وبجانبه آخر لم يظهر لدى أغنامه المرض، فإنَّ احتمال انتقال العدوى ضعيف جدا، ما لم تلتق الحيوانات وجها لوجه، أما بالنسبة لانتقال العدوى من الشاة أو المعزاة المريضة إلى الإنسان فهذا غير وارد، و هنا أريد أن أضيف شيئا ، وهو أن وباء المجترات الصغيرة لا ينتقل للإنسان، لكنَّه خطير وفتاك برؤوس المواشي، فخلافا للحمى القلاعية، تُعد وبائيّته مرتفعة ونسبة موت الماشية أيضا مرتفعة، وتكاد تكون 100 بالمائة، على عكس الحمَّى القلاعية، رغم تقاربهما في الأعراض، فالأولى تُصيب المجموعة بنسبة تصل إلى 80 بالمئة، لكنَّ التي تموت في النهاية لا تتجاوز 4 إلى 5 بالمئة، ومن جهة أخرى، يمكن للإنسان أن ينقل المرض. التلقيح يبقى أحسن طريقة للوقاية كيف ذلك؟ هنالك عمليات نقل مخالفة لقوانين المراقبة والتجارة المعمول بها دوليًّا، وخاصة على الحدود، وفي حال لم تمرُّ عملية نقل الحيوان على الفحص والمراقبة البيطرية، فستنقل العدوى، سواء كما ذكرنا بالشكل المباشر، وحتى عن طريق فضلات الحيوانات المصابة، التي تجفُّ بعدما تنتقل على مسافات بعيدة على عشرات الكيلومترات، وهنا يقع الوباء وينتشر. إجابتك تجرُّنا إلى طرح سؤال ملحّ، وهو كيف انتقلت عدوى المجترات الصَّغيرة إلى الجزائر؟ بلادنا لا تعد من الدول المنيعة، كما نسميها تقنيا، ولذلك يمكن انتقال هذا المرض، من بلدان أخرى مجاورة بريًّا إليها، ولتوضيح الأمر أكثر، أعطيك مثالا، فإنجلترا وأستراليا تعتبران من الدول المنيعة كونهما محاطتان بالبحر، من كلِّ جانب، وبالتالي نادرا ما تحصل لديهما أمراض مماثلة لدى الحيوانات، ما عدا نسبة ضئيلة عن طريق ماشية قادمة من الخارج، أو وسائل النقل، كالشاحنات، وهو أمر شبه مستحيل أمام الرقابة في الحدود والموانيء والمطارات، خاصة فرق المراقبة الطبية الحيوانية. إذن فإن إمكانية انتقاله من البلدان المجاورة جدّ واردة؟ نعم، أكيد، ويمكن اعتبار ذلك السبب الوحيد والتفسير المنطقي لدينا في حالتنا اليوم بالجزائر، نظرا لأنه مرض غير مألوف عندنا، ومثله مثل الحمَّى القلاعية، إمكانية انتقاله عبر الحيوانات البريّة ووسائل النقل جدُّ واردة. الخنازير البرية تنقل العدوى هل لك أنْ توضِّح لنا أكثر؟ قُلنا إنَّ بلادنا غير منيعة بريّا، وإمكانية انتقال أيّ مرض وعدوى من الدول المجاورة كبيرة، ولا يخفى على المختصين في حماية الغابات والبياطرة، هجرة وانتقال الحيوانات البرية من دولة لأخرى، وهي ناقلة للأمراض والعدوى والأوبئة المماثلة للحمَّى القلاعية والمجترات الصغيرة، خصوصا باقترابها من المحيط الحضري والقرى والأرياف مكان نشاط الموالّين، لذلك هنالك مجموعات برِّية علينا مراقبتها. هل تعني مراقبة الخنازير البرية و بشكل أقل الغزلان؟ نعم، هذا ما عنيته تحديدا، الخنازير البريّة تنقل عدوى المجترات الصغيرة، وما على محافظات الغابات ووزارة الفلاحة سوى تنظيم صيد تقني لهذا الحيوان، وحتى الغزلان، وإخضاعها للتحاليل المخبرية والمراقبة الطبية لمعرفة ما إذا كانت مصابة أم لا. من الضروري عزل الحيوانات المصابة لمدة لا تقل عن شهر على ضوء ما ذكرت، ما هي أحسن طريقة للقضاء على الوباء؟ وباء المجترَّات الصغيرة ولدى حصوله يصبح خارج مجال السيطرة بالطريقة الكلاسيكية المعروفة والمباشرة، وهي التلقيح الذي يعتبر إحدى أهمّ طرق علاج الحيوانات، وهنا يتحتَّم علينا الانتقال إلى الخطة الثانية وهي العزل، أيْ الإبقاء على الحيوانات بالمكان الذي أصيبت فيه، وعدم السماح بخروجها للمرعى أو للذبح، في فترة تمتدُّ بين 15 يوما وشهر، و تطهير مكانها، بتنظيف الجدران بالجير والماء الغازي ل «هيدروكسيد الصوديوم»، وهو منظُف عالي التركيز يقضي على الفيروس فورا. هل يمكن للإنسان أكل لحم الغنم والماعز الموبوء؟ يمكن أكله بشكل عادي، واحتياطيا، يقوم المذبح أو صاحب الذبيحة برمي الأطراف الأربعة والرأس والأحشاء، إلى جانب الكبد والرِّئة وكل الأعضاء الداخلية، فيما تبقى الفخذ والظهر والأضلاع صالحة للأكل، وكما شرحنا سالفا، فإن وباء المجترات الصغيرة يصيب صغار الغنم والماعز التي لم تبلغ بعد، وعليه يحدث نفوق الحيوانات الصغيرة وليس البالغة الجاهزة للاستهلاك. ومن ناحية ثانية، علينا وضع الأجزاء الموجَّهة للرمي في ماء مغلي بدرجة عالية الحرارة، ودفنها، حتى لا تنقل العدوى. برأيك، كيف يجب على وزارة الفلاحة التعامل مع هذا الوباء الجديد القديم، بالنسبة لبلادنا؟ نحن كأكاديميين نطالب دوما بدراسة الحيوانات المصابة وكيفية انتقال العدوى إليها، لمعرفة أكثر بالمرض، أما العلاج فهو مستحيل، وأحسن طريقة هي الوقاية، من خلال تلقيح المواشي دوريا بكل اللقاحات المتاحة، وهي لقاح «A وO وC» المعروفة، و المعتمدة لدينا ولدى أوربوَّا، وكذا إخضاع الوعاء الحيواني البرّي للمراقبة الدورية. هل ستمسُّ حملات التلقيح التي تحدث بخصوصها وزير الفلاحة جميع الموالين؟ حسب المعلومات المتوفرة لديَّ فإنَّ وزارة الفلاحة تقوم بتلقيح كل المواشي، دوريا، وبشكل مجاني لكل الموالين وبمختلف اللقاحات، سواء كانوا مؤمنين اجتماعيا أم لا. أجزاء الحيوانات النافقة يجب أن تغلّى قبل دفنها هل لديك كلمة أخيرة تودّ أن تقولها بشأن وباء المجترات الصغيرة؟ هذا الوباء خطير على الثروة الحيوانية للجزائر التي تعتمد على تربية الغنم والماعز بشكل كبير في اقتصادها، على الأقل المحلي، لكنَّه ليس بدرجة الخطورة التي يصوِّرها البعض، علينا اتخاذ الاحتياطات والإجراءات اللازمة لوقف انتشاره، وتلقيح المواشي، وعزل المريضة منها، وهذا كاف لحماية الصحة العامَّة، لكنّ استهلاك اللحوم حاليا لا يعدُّ مجازفة.