شمس الدين بلعربي ..الريشة الجزائرية التي طارت إلى هوليوود آمن بحلمه و سعى لتحقيقه فكان له ذلك، شمس الدين بلعربي هو سيناريست و فنان جزائري عصامي، بدأ رسم أفيشات الأفلام بوسائل بسيطة لم يكن يملك غيرها، كالطباشير و الألوان المائية، قبل أن يتمكن من إعطاء بعد عالمي لأعماله التي وصلت إلى هوليوود و أحبها نجوم السينما، على غرار جون كلود فاندام، وآخرين كرموه مؤخرا، عرفانا لما قدمه لهم و للفن عموما. حاورته: هدى طابي يقول شمسو فنان العرب، كما يلقبه الكثيرون، بأن أكثر ما يحز في نفسه هو التهميش الذي تتعرض له الموهبة الجزائرية في بلادها ، في حين تحظى بالاحترام و التشجيع في الخارج، مضيفا بأن الأمر لا يتعلق فقط بالإقصاء، بل أيضا بغياب صناعة سينمائية حقيقية في بلادنا، من شأنها أن تفتح باب الإبداع أمام شباب موهوبين في مجالات عديدة. النصر: لنبدأ حديثنا بسؤال كلاسيكي من هو شمسو، و ما قصة لقب فنان العرب؟ شمس الدين بلعربي: أنا من مواليد 14 فيفري 1987 ببلدة عين تادلس، التابعة لولاية مستغانم، أنا ببساطة فنان عصامي لم أدخل مدارس الفنون الجميلة يوما، لكنني صقلت موهبتي بإمكانياتي البسيطة، فلطالما أحببت الرسم، حتى أنني كنت أجمع قصاصات المجالات الفنية التي أجدها في الشارع، و أعيد رسم الوجوه باستعمال وسائل بسيطة، كون ظروفي المادية لم تكن تسمح بأن أوفر أدوات رسم متخصصة، لكنني لم أستسلم يوما، ثابرت و اجتهدت لأطور نفسي، إلى أن أوصلت أعمالي إلى أمريكا، و تمكنت من تسجيل اسمي في القاموس العالمي لرسامي الأفيش في هولييود، و من هنا تحديدا، ولد لقب فنان العرب، فبعد أن اشتهرت أعمالي في الخارج، و كرمني نجوم السينما الكبار، نقلت صحيفة الأهرام المصرية قصتي و قدمتني لقرائها على أنني فنان العرب، كون نجوم السينما كانوا يلقبونني « أراب أرتيست»، أو الفنان العربي، كوني كنت العربي الوحيد الذي ينشط في مجال الأفيش في هوليوود. امتهان رسم الافيش في بلد لا ينتج السينما، أليست مغامرة، حدثنا عن تجربتك وهل يمكن للفنان أن يعيش من موهبته؟ علاقتي بالفن تتعدى حدود الأفيش، فانا ابن عائلة مبدعين، وقد ورثت الرسم كموهبة، ولم أرث غيره، على اعتبار أنني ابن عائلة بسيطة ظروفها المادية كانت صعبة، لدرجة اضطرتني لمغادرة مقاعد الدراسة لأمتهن الرسم في الشارع كي أعيل أسرتي ، فبدأت العمل في مجال تزيين المحلات التجارية و ديكورات المنازل، و هكذا بدأت أسافر إلى المدن الكبرى، طلبا للرزق، لكنني للأسف تعرضت للكثير من الاستغلال ، وكثيرا ما رفض عديمو الضمير دفع أتعابي، لكنني ثابرت رغم المرض الذي أدخلني المستشفى و رغم سخرية البعض مني، و اتهامهم لي بالجنون، فقط لأنني آمنت بإمكانية النجاح. الرحلة من مستغانم إلى أمريكا كيف سافرت رسوماتك من مستغانم إلى أمريكا، و ماذا عن تكريم نجوم هوليوود لك؟ سنة 1999، جمعت كل رسوماتي و أعمالي و قررت أن أرسلها عبر البريد لعدد من شركات الإنتاج العالمية التي وجدت عناوينها على أغلفة المجلات المصورة. و صادف أن تلقيت ذات يوم، ردا من المنتج الهولندي « سالار زارزا»، الذي وضعني في اتصال مع الممثل الهوليوودي من أصل مغربي محمد قيسي، وهو بدوره بادر بدعوتي إلى حضور العرض الافتتاحي لأحد الأفلام التي شارك فيها، رفقة عدد من النجوم من بينهم الفنان و الملاكم البلجيكي جيمي غوراد، لكن ظروفي حالت دون تلبية الدعوة. و بعد سنوات زارني قيسي و غوراد رفقة فنانين آخرين، التقينا في وهران سنة 2014، و قاموا بتكريمي رمزيا هناك، كما اقترح علي قيسي لأول مرة أن أرسم أفيش فيلمه « غارامورتال»، وهو فيلم أرجنتيني هولندي، وهكذا بدأت المغامرة، و عملت على إعداد أفيشات أخرى لأفلام سينمائية أمريكية، على غرار « ذا أونور» و « ذا نيوز»، و « ساتيلاس»، وهي أعمال سمحت لي بتسجيل اسمي ضمن الفهرس الدولي للسينما، تحت وسم « أم دي بي»، وهكذا حولت شغفي برسم الأفيش إلى حرفة، وانتقلت من التعامل الرمزي مع النجوم، إلى تعامل احترافي. أما بخصوص التكريم، فقد تم مؤخرا ، حيث أعد عدد من نجوم هوليوود، فيديو خاصا أشادوا فيه بمساهماتي، و أبرزهم جون كلود فاندام، الذي نشر بورتريها رسمته له عبر حسابه الرسمي، و هو أمر شجعني كثيرا، ناهيك عن دون ويلسون و بريس دوسون و آخرين، أرادوا أن يكرموا أعمالي بعدما تطورت صناعة الأفيش، و انتقلت من الرسم التقليدي إلى الطباعة الرقمية. نجوم آخرون كرموني بأن راسلوني عبر البريد الإكتروني و عبروا عن إعجابهم بالرسومات التي أرسلتها إليهم، على غرار زوجة و شقيق الملاكم الأسطورة محمد علي كلاي، و أيضا رائد الفضاء الكندي جيريمي هانسون. رغم نجاحك في الخارج، إلا أن اسمك لا يزال مغمورا محليا، هل للأمر علاقة بغياب صناعة سينمائية حقيقية في بلادنا؟ أجل ..بنسبة كبيرة فإن غياب صناعة سينمائية في بلادنا، قلص فرص العديد من المبدعين الشباب، خصوصا من يشتغلون في المجالات التقنية، بمعنى خارج نطاق التمثيل، مع ذلك فإن المشكل الأساسي يتعلق بعدم الانفتاح على المواهب و تهميشها، ناهيك عن احتكار فئة صغيرة لعالم الإنتاج. شخصيا كانت لي تجربة مؤسفة سابقا، فقد أنجزت مجلة مصورة « بوند ديسيني»، ركزت فيها على إبراز البعد الثقافي الجزائري، و حاولت طبعها مرارا، لكنني فشلت في ذلك، حتى أنني لم أتلق دعوة لحضور صالون المجلة المصورة، بالمقابل لقي ذات العمل الاهتمام في الخارج، حيث وعدت دار نشر بلجيكية ، بتبني المجلة و طبعها، كما استقت منها أفكارا عديدة. أطمح لإنشاء أكاديمية لتعليم الرسم و الأفيش ألم تفكر في تحويل اهتمامك إلى رسم الأفيش الإشهاري أو التجاري باعتباره مجالا رائجا؟ في الحقيقة فكرت في ذلك، و لم أتلق أية عروض للاستلهام في هذا المجال إلى حد الآن. لماذا لم تبحث عن فرص أخرى للنجاح في الخارج ؟ ربما لم أغادر، لأنني لا أزال أؤمن بأنني سأتمكن يوما من تغيير الواقع في بلادي، ولما لا إنشاء أكاديمية خاصة لتعليم فن الرسم و الأفيش.