تقترح باحثات بمخبر الفيزياء الرياضيّة والجسمية، بحامعة قسنطينة 1، على وزارة التعليم العالي و البحث العلمي، إتاحة إمكانية تمويل مشاريع البحوث، بشكل ذاتي، ووضع استراتيجية تقوم على الشراكة مع مؤسسات القطاعين العام والخاص، لتلبية طلباتهم في هذا المجال بعقول وسواعد جزائرية خالصة، وفق قاعدة رابح رابح. وحسب مسؤولة مجموعة البحث في الموادّ الكربونية الثانوية والأكاسيد المعدنية، بالمخبر، الدكتورة عائشة بن سويسي، فإنّ البحث العلمي في الجزائر يواجهه تحديّات كبرى، نظرا لقلّة الموارد خصوصا المالية، وشحِّ الميزانيات المخصصة للمشاريع، و كذا العوائق التي يصادفها الباحث في المخابر لتجسيد أبحاثه وتطبيقاته العلمية لتصبح واقعا ميدانيا يمكن له المساهمة في رفع الاقتصاد الوطني، على غرار ما يحدث بالدُّول المتقدمة. و ترى الدكتورة أن جذب الموارد البشريّة الفعالة يأتي على رأس القائمة، وهو ما يتوفَّر بالشكل اللازم على مستوى جامعاتنا، حسبها، نظرا لمرور طلبة لامعين بمقاعد التدرج في مختلف المخابر، غير أنَّ غالبتهم تصطدم بقلّة الإمكانات، وتغادر بمنح دراسية نحو الخارج دون أن تعود. وأضافت بن سويسي، أنَّ نجاح المقترح يمرُّ عبر خطة منهجيّة تبدأ باختيار المورد البشري، و ثانيا بوضع استراتيجيّة فعالة لجذب الدعم المالي لمشاريع البحث العلمي، وهو العامل المحوري في القضية، لاصطدام الباحثين بقلة الأموال، ونقص التجهيزات على مستوى المخابر، وهذا الأمر يمكن حلُّه، حسبها، عبر تغيير نمط تسيير المخابر ودعمها من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، بل بالقيام بمبادرات «غير كلاسيكية» عن طريق توفير الدعم المالي الذاتي، وعقد الشراكات والاتفاقيات مع المؤسسات العمومية والخاصة. و تؤكد الباحثة على ضرورة عقد شراكات مع المؤسسات الراغبة في الاستفادة من صناعة بعض الموادّ الكيمائية، ضمن مجال اختصاص دكاترة المخبر، وبالتالي يكون الإنتاج والتمويل داخليا وذاتيا، بدل صرف الملايير بالعملة الصعبة على موادّ يمكن إنتاجها محليّا، وهي اتفاقيات ذكرت المتحدثة أنه يمكن التمهيد لها عبر لقاءات بن الباحثين وأرباب المؤسسات ورجال الأعمال، للحديث عن الأهداف المسطرة، ومعرفة احتياجات المؤسسات سواء في القطاع العام أو الخاصّ، وفي حال التفاهم بين الطرفين، تموّل الجهة صاحبة الحاجة، المشروع. أما الدكتورة بذات المجموعة، الباحثة دريدي شهرزاد، فتدعو إلى سنّ قوانين جديدة وحديثة تحكم قضية السماح للباحث الموظف ضمن الجامعات ومراكز البحث، بتأسيس مؤسسة صغيرة أو متوسطة، منتجة و تجسّد صناعيا فعاليّة البحث العلمي، حيث تمَّ تقديم مثال للنصر عن صناعة بلورات «كا.بي.آر» المستعملة في تطبيقات الليزر، عبر إنتاج الكريستال ذي الخاصيّة غير الخطية، وهي موادّ تتقاطع مع قطاع الصحة، إضافة إلى أخرى يمكن توفيرها محليا. وأوضحت الدكتورة بذات المجموعة، توافق نعيمة، أنَّ الدعم المالي ضمن قاعدة رابح رابح، لا يقتصر على الخواص والقطاع العام، بل يجب أن يمتد إلى شركاء على المستوين الوطني والإقليمي، ما سيسمح برأيها، بخلق مناصب أكاديميّة جديدة، وفتح المجال واسعا لطلبة التدرج في الدكتوراه وما بعد الدكتوراه بالحصول على منح إلى الخارج، لتطوير مهاراتهم وتأكيد بحوثهم ومقارنتها، و كذا دعم اللقاءات العلميّة قبل أن تقوم بذلك الوزارة الوصية، و يكون ذلك عبر توفير المال من الخواص وغيرهم. إلى جانب هذا، سيعمل الاحتكاك بين المؤسسات الاقتصادية والباحثين، خلال التربصات واللقاءات مع الطلبة ومسؤولي المخابر، على التعرف على احتياجات هذه المؤسسات، وتوفيرها عبر استبيانات مدروسة ترسل عبر الإنترنت، مثلا، انتهاء بإمكانية تلبية هذه المتطلبات من طرف مخابر البحث، حسب الدكتورة توافق. وختمت باحثات المخبر، بالتأكيد على ضرورة الاحتكاك المباشر للباحثين مع مختلف الشركات، ومؤسسات القطاع العام والخاصّ، لدراسة سبل الشراكة بصيغة رابح رابح، بحيث يضمن فريق البحث توفير المواد الأساسية والخاص لمؤسسته، ويضمن الممول فائدة ملموسة تلبي احتياجاته، بسواعد جزائرية محليّة مئة بالمئة.