غلاء الأسعار يجرد شوارع عنابة من ظاهرة التناطح بالكباش يلاحظ المتجول بشوارع مدينة عنابة قبل أيام قليلة من عيد الأضحى المبارك فقدان " بونة " للميزة الأساسية التي كانت تشتهر بها في هذه المناسبة، لأن ظاهرة التباهي بالكباش و جرها إلى " التناطح " فيما بينها تراجعت بشكل ملفت للإنتباه، و أصبحت شبه غائبة عن صور إستعدادات العنابيين لإحياء سنة سيدنا إبراهيم الخليل، و السبب في ذلك الغلاء الفاحش الذي تعرفه أسعار الأضاحي هذه السنة، فضلا عن كون " الكباش " المخصصة للتناطح أصبحت عملة نادرة و شبة غائبة عن أسواق المواشي هذه الأيام بعنابة و ضواحيها، مما أفقد شوارع بونة و ساحاتها أجواء إعتادت عليها لسنوات طويلة، و كانت تصنع الفرجة لدى الصغار و الكبار على حد سواء. و عن أسباب هذا التراجع أوضح سليمان، و هو رب عائلة تتكون من أربعة أفراد تقيم بحي وادي الذهب، بأن أسعار الماشية بأسواق الولاية سجلت إرتفاعا قياسيا تزامنا مع العد التنازلي لعيد الأضحى المبارك، الأمر الذي أخلط أوراق العائلات خاصة الفقيرة منها، و التي أصبحت مجبرة على السعي لضمان إقتدائها بسنة إبراهيم الخليل عليه السلام، من دون التفكير في شراء كبش للتباهي و التناطح، كون غالبية العائلات لم تعد قادرة على مواجهة غلاء المعيشة، و كثرة المصاريف الموزعة بين شهر رمضان، عيد الفطر، الدخول المدرسي و عيد الأضحى. أما زهير الذي يقيم بحي الريم إلى الغرب من عاصمة الولاية فقد إعترف في حديثه للنصر بأنه كان من هواة " مناطحة الكباش " طيلة الفترة التي تسبق عيد الأضحى المبارك، لكن الأمور حسبه تغيرت كلية هذه السنة، لأن ظاهرة التناطح غائبة تماما عن شوارع المدينة، بعدما كانت تصنع الفرجة في السنوات الفارطة، مضيفا بأن الظاهرة كانت مميزة، و ذلك بإقامة تصفيات على مستوى كل حي من أجل تعيين " الكبش " الذي يظفر بالبطولة المحلية، قبل إقامة دورة الأبطال في الساحة الكبيرة المقابلة للمركب الرياضي 19 ماي، تسمح مبارياتها بتحديد بطل الولاية، و هي " المناطحات " التي كانت تمتد على مدار أسبوعين قبل عيد الضحى، و المنازلة النهائية تقام قبل يومين من العيد، غير أن هذه الأجواء يستطرد زهير " إفتقدناها كلية هذا العام، و شوارع المدينة تعيش أجواء عادية، في غياب الكباش المخصصة للتناطح، و ذلك بسبب الأوضاع الإجتماعية " . من جهته أشار محمد الهادي القاطن ببلدية عين الباردة بأن أجواء العيد المعتادة بعنابة غابت كلية هذه السنة، و ذلك بسبب غلاء المعيشة، و الإرتفاع الجنوني لأسعار المواشي، إلى درجة أن بعض العائلات لجأت على حد قوله إلى رهن مجوهراتها في سوق الذهب من أجل ضمان مبلغ مالي يكفيها لشراء كبش العيد، بينما قامت عائلات أخرى ببيع بعض الأثاث في سوق الخردوات، لتوفير القيمة المالية الكافية لشراء خروف يصنع فرحة الصغار ولو ليوم واحد، لأن الحديث عن أسعار الكباش ينحصر بين 3 و 4 ملايين سنتيم، و الكبش " ذو لفتين " أو أكثر الموجه للتناطح لم يقل سعره عن 8 ملايين سنتيم، الأمر الذي حال دون إقتناء العائلات العنابية لكباش التناطح هذه السنة، رغم أن الأطفال ظلوا يضعون هذه الفئة من الأضحيات في صدارة مطالبهم في هذه المناسبة. أما حسان القاطن ببلدية برحال فقد عرج في معرض حديثه للنصر على قضية غلاء الأسعار ، مؤكدا بأن الخروف " النموشي» ليس في متناول العائلات الفقيرة، بينما الكباش المستقدمة من الجلفة و عين وسارة و المشرية فإن أسعارها فاقت كل المستويات، كونها معروضة بأسعار تتراوح ما بين 6 و 9 ملايين سنتيم للكبش الواحد، و الموالون ارجعوا سبب هذا الغلاء إلى إرتفاع تكاليف الأعلاف الموجهة للماشية، لأن الموسم الفلاحي لهذه السنة كان ماطرا، الأمر الذي عصف بالأراضي الفلاحية خاصة منها الفيضية. بالموازاة مع ذلك فإن عددا كبيرا من المحلات و المستودعات المتواجدة في أحياء مدينة عنابة، و حتى باقي البلديات تحولت إلى إسطبلات لإيواء المواشي الموجهة للبيع ، و ذلك بعد كرائها للموالين القادمين من الولايات والمناطق التي تشتهر بالثروة الحيوانية وفي مقدمتها الشريعة، عين وسارة، البيض و المشرية وتتراوح أسعارها بين 300 إلى 500 دج لليوم والليلة الواحدة مع توفير الكلأ لتلك المواشي.