- اللغة العربية كنز فرنسا - يثير جدلا واسعا بفرنسا صدر قبل أيام عن دار "cherche midi" لجاك لانغ، رئيس معهد العالم العربي في باريس، كتاب "اللغة العربية ،كنز فرنسا" الذي يسلّط الضوء على المكانة المرموقة للغة الضاد، باعتبارها لغة حضارة عريقة و علوم و ثقافة، تصنّف كخامس أكثر اللغات استخداماً في العالم، في حين يثير كتاب لانغ جدلا واسعا ببلاده، بين من يعتبر العربية لغة شعر وغناء فقط ، و بين من يعتبرونها رمزا دينيا، يثير رواسب الإسلاموفوبيا . جاك لانغ ، الكاتب و عضو الحزب الاشتراكي الفرنسي، العمدة و النائب و الوزير السابق، الذي يحمل برصيده عديد المؤلفات، أكد في الجزء الثاني من برنامج "وجه لوجه" الذي بثته أول أمس قناة "سي نيوز" التليفزيونية الفرنسية، و جمعه بالإعلامي إيريك زمور، أنه يسعى من خلال كتابه "اللغة الفرنسية، كنز فرنسا إلى إبراز ارتباط فرنسا منذ قرون باللغة العربية التي كانت إحدى لغات فرنسا لأكثر من 5 قرون، فقد فرض ملك فرنسا فرنسوا الأول، اللغة العربية إلى جانب العبرية و الفرنسية، لغة الطبقة الحاكمة، في الإدارة و التعليم ، و عشقها، حسبه، بونابرت ، كما انبهر بالحضارة المشرقية و بمصر، مؤكدا بأنها كانت و لا تزال رمزا لحضارة عريقة و تعتبر لغة الأدب و الثقافة و الفنون، مشيرا إلى أنها أيضا جسر لنقل المعارف و العلوم إلى فرنسا و الغرب عموما، على غرار الفلسفة و الرياضيات، مشيرا إلى أن عديد المصطلحات التي لا تزال تستعمل لحد اليوم مثل الجبر و اللوغاريتم ، أصلها عربي، كما أن عديد المعارف في علم الفلك و الطب نقلت عن العرب بلغتهم أو ترجموها للأمم الأخرى. و شدد الكاتب أن لغة الضاد لا تزال تحافظ على مكانتها التاريخية الراقية، داعيا إلى زيارة معهد العالم العربي الذي يترأسه للاطلاع على كافة المراحل التاريخية التي مرت بها كتابة و نطقا، مطالبا بتدريسها و الاستمتاع بجمالياتها و رقيها في المدارس والجامعات، مقدما مرافعة جادة تقف ضد العنصرية التي تواجهها هذه اللغة العريقة. في الوقت الذي تثير العربية الكثير من الجدل و النقاش على المستويات الرسمية والبرلمانية الفرنسية، يعلو صوت لانغ في مقدمته "كفاحي من أجل اللغة العربية" بهدف ترسيخ الحقائق ومحاربة التلاعب الإيديولوجي و الديماغوجي والشعبي الذي يطال هذه اللغة، مبيناً أن عنوان كتابه قد يكون مثيراً للجدل، بالنسبة لبعض الذين وصل إليهم تاريخ هذه اللغة بشكل سيء، و لا يعرفون تاريخهم بشكل جيد. إيريك زمور من جهته، حاول خلال البرنامج، أن يربط اللغة العربية بالدين إسلامي و القرآن الكريم فقط، كما وصفها باللغة الجميلة التي يمكن تذوقها في الشعر و الأغاني، مشيرا إلى أن جده كان يترجم له الأغاني العربية إلى الفرنسية عندما كان صغيرا ، لكنها ، حسبه، ليست لغة علوم و معارف و فلسفة، مشيرا إلى أن العرب ترجموا الفلسفة اليونانية و اعتبروها لاحقا منافية لقيمهم الدينية . جدير بالذكر أن الكاتب جاك لانغ قسم كتابه "اللغة العربية كنز فرنسا" إلى ثلاثة فصول هي: "العرب وفرنسا: من الاتحاد إلى الانفصال"، "اللغة العربية، هذه اللغة غير المعروفة"، و"ساعات وسعادة تدريس اللغة العربية" تليها خاتمة يخلص فيها إلى أن تطوير تدريس اللغة العربية ضمن نظام التعليم العام، هو الإصلاح الضروري الذي يتعيّن على الفرنسيين القيام به. مشددا "دعونا نحتضن لغة فرنسا.. كنز هذا العالم". و أكد لانغ في كتابه أنه يوجد حوالي 4 ملايين شخص يتحدثون اللغة العربية في فرنسا، و قال " نحن وإذ نقف ضد تعليمها في المدارس الحكومية نضع أنفسنا في مأزق كبير وضمن مفارقة غريبة، فمنعها رسمياً يعزز من فاعلية المؤسسات الدينية التي توفّر تدريسها لطالبيها، وبالتالي يصبح التعليم الديني المرجع الوحيد لتعليم اللغة العربية واحترافها". و أضاف"إذا أردنا تصحيح واقع اللغة العربية في المجتمع الفرنسي، بات من الضروري حالياً ضمان تدريسها وانتشارها بما يتماشى مع تراثها الاستثنائي. إننا برفضها اليوم، نهدر كنزاً ثقافياً ولغوياً لا يقدّر بثمن". و تابع "أنا أكافح من أجل التعددية اللغوية في مدارسنا. وبالطبع اللغة الفرنسية هي العمود الفقري لنظامنا التعليمي، ويجب أن نعتز بها، لكن هذا لا يتعارض بأي حال من الأحوال مع معرفة أبنائنا للغات الأخرى. إنها معركة أخوضها من أجل الحفاظ على هاتين اللغتين الشقيقتين الفرنسية والعربية، بدأتها سابقاً في وزارة التعليم، وها أنا أواصلها في معهد العالم العربي الذي أرأسه. لقد حان الوقت لإعطاء اللغة العربية مكانتها في مدرسة الجمهورية".