عشرات القتلى والجرحى وأحداث العنف تأخذ منعطفا خطيرا في مصر •وزير الثقافة يستقيل والجامعة العربية تدعو للتهدئة انتقل الصرّاع بين المؤسسة العسكرية والتيار الإسلامي في مصر ممثلا خاصة في جماعة الإخوان المسلمين إلى الشارع، حيث تفجرت الأحداث التي أدت منذ بداية هذا الأسبوع إلى سقوط قتلى وجرحى بعد تمسّك المجلس العسكري الحاكم بمواقفه ورفضه التنازل لصالح قوى الثورة و تسليم السلطة لمدنيين، في وقت يتهّم المحتجون في ميدان التحرير المشير طنطاوي بمواصلة الولاء لنظام الرئيس المخلوع حسني مبارك ولسياسيته الداخلية والخارجية. وإن كان ظاهر اندلاع هذه الأحداث هو وثيقة المبادئ الدستورية التي تمنح الجيش حصانة من رقابة البرلمان على ميزانيته، إلا أن بعض الملاحظين استغربوا في المقابل تأخر تفجّر الأوضاع كل هذه المدة على اعتبار أن النظام السابق الذي قاده مبارك لأكثر من ثلاثة عقود لا زال متغلغلا حسبهم داخل السلطة بكل قوة، وذهب هؤلاء للحديث عن ثورة جديدة تنقذ الثورة المصرية، وذلك دون إغفال توقيت اندلاع هذه الأحداث التي تسبق بأيام قلائل إجراء أول انتخابات تشريعية في مرحلة ما بعد مبارك. وقد تحدثت مصادر طبية أمس عن استقبال 33 جثة في المشرحة الرئيسية في القاهرة من المحتجين الذين قتلوا في اشتباكات مع قوات الأمن فضلا عن مئات المصابين، وكانت وزارة الصحة أعلنت في وقت سابق مقتل 22 شخصا منهم اثنان يوم السبت أحدهما في الإسكندرية، وقتل العدد المتبقي في الاشتباكات التي تدور منذ يوم الأحد، ونقلت وكالات الأنباء شهادات عن ممارسات عنيفة ووحشية من قبل الشرطة وقوات الجيش ضد المتظاهرين الذين تجمعوا بالآلاف منذ مساء أول أمس داخل ميدان التحرير، وقال شهود آخرون أنه بعد فجر أمس الاثنين هاجمت الشرطة مستشفى ميدانيا لكن المحتجين صدّوا ذلك الهجوم ورشقوا قوات الشرطة بالحجارة.وتؤكد بعض الأطراف في مصر ومنهم الإسلاميون الذين يتوقعون تحقيق نتائج كاسحة في الانتخابات أن الحالة الهشة للوضع الأمني جزء من خطة يتّبعها الجيش للبقاء في السلطة، كما يشيرون إلى أنه حتى لو تم إجراؤها فإن الوضع الحالي يمكن أن يقوض شرعيتها، فيما يصّر الجيش على أن العنف لن يؤدي لتأجيل الانتخابات المقررة في 28 نوفمبر الجاري، نافيا نيته البقاء في السلطة ومصّرا على أن بإمكانه ضمان الوضع الأمني في الانتخابات.وقد انضمت عدة حركات وتيارات معارضة للاحتجاج في ميدان التحرير بالقاهرة ومدن أخرى، ومنها جماعة 6 أفريل التي أكد أفرادها أنهم سيعتصمون ويواصلون الاعتصامات إلى حين الاستجابة لمطالبهم بما في ذلك الدعوة لانتخابات رئاسية في فترة لا تتجاوز شهر أفريل المقبل، فضلا عن مطلب إقالة الحكومة الحالية وتشكيل حكومة إنقاذ وطني وإجراء تحقيق فوري في الاشتباكات التي تدور في التحرير ومحاكمة المتورطين فيها.وزير الثقافة المصري عماد الدين عبد الغني قدم استقالته أمس، احتجاجا على تعامل الحكومة مع الأحداث الأخيرة، مؤكدا أنه أصبح يمارس حياته بشكل عادي كأي مواطن آخر، كما أعربت الجامعة العربية من جهتها عن "بالغ قلقها إزاء التوتر في مصر" داعية إلى التهدئة والتحلي بالمسؤولية، وناشد الأمين العام للجامعة نبيل العربي كافة الأطراف بالعودة إلى المسار السياسي والمضي - كما قال- في عملية التحول الديمقراطي.وفي ردود الفعل الدولية على تصاعد موج العنف في مصر، حثّت كاثرين آشتون مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي السلطة المؤقتة في مصر على وقف العنف، وأدانت استخدامه ضد المحتجين، فيما قال وزير خارجية فنلندا اركي توميويا الذي زار ميدان التحرير أمس الاثنين أن صور وتقارير العنف بالقاهرة "لا يمكن الدفاع عنها "، معتبرا أن ما يحدث هو استفزاز لمحاولة وقف العملية الديمقراطية والانتخابات.