أظهر نظام التصفيات المؤهلة إلى مونديال قطر عن القارة الإفريقية، فوارق في المستوى بين المنتخبات المتنافسة على التأشيرات الخمس ، لتمثيل القارة السمراء في النسخة القادمة من العرس الكروي العالمي، بدليل أن 14 منتخبا خرجت رسميا من السباق المؤدي إلى قطر، وحظوظ منتخبات أخرى أصبحت شبه منعدمة، في الوقت الذي مد فيه أغلب «كبار» القارة، خطوات عملاقة نحو الدور الفاصل، الأمر الذي قد يجعل تمثيل الكرة الإفريقية في دورة قطر في نوفمبر 2022، يقتصر على خماسي من الزبائن التقليديين، الذين سبق لهم المشاركة في نهائيات كأس العالم. الحديث عن الصيغة التي اعتمدتها الفيفا في تصفيات المونديال على مستوى قارة إفريقيا، يطفو إلى السطح مع اقتراب إسدال الستار على المرحلة التصفوية في كل القارات، واتضاح معالم المتأهلين عن بعض القارات، كما هو الحال بالنسبة لمنتخب ألمانيا الذي كان أول من حجز تأشيرة المرور إلى موعد قطر، قبل جولتين من نهاية التصفيات على مستوى القارة الأوروبية، لأن المنافسة في أوروبا تكون على مرحلتين، بتأهل أبطال كل المجموعات، على أن يخوض أصحاب المراكز الثانية لقاءات فاصلة في «الملحق»، بينما يبقى نظام التصفيات على مستوى القارة السمراء، الوحيد الذي يستوجب انتظار آخر فصل من المرحلة التصفوية، لأن الإتحاد الدولي فضل هذه المرة، منح الفرصة لمنتخبات «مجهرية» من أجل الدفاع أكثر عن آمالها في التأهل. هذا النمط يصنع الإستثناء في التصفيات على مستوى كل القارات، ما عدا قارة أوقيانوسيا التي يضطر ممثلها إلى خوض لقاء السد، بصيغة الذهاب والإياب مع ممثل عن قارة آسيا، في حين تسمح المرحلة الثانية من التصفيات بالتعرف على حصة الأسد من ممثلي كل قارة في المونديال، لتخصص المرحلة الثالثة والأخيرة لتكملة القائمة، ببرمجة لقاءات «السد»، كما هو معمول به في «الملحق الأوروبي»، أو في المواجهة الفاصلة بين ممثلي قارتين مختلفتين، وهو الإجراء الذي يخص القارة الأمريكية بشطريها الشمالي والجنوبي وكذا آسيا وأوقيانوسيا، وبالتالي فإن كل القارات ستتعرف على ممثليها في مونديال قطر خلال فترة التوقف الدولي لشهر نوفمبر القادم، بينما تبقى التذاكر الخمسة المخصصة للقارة الإفريقية في المزاد، ومعلقة على نتائج المباريات الفاصلة لشهر مارس 2022. هذا النظام، والذي تبقى حساباته بمعطيات تجارية بحتة، فإنه مدد من فترة التصفيات في إفريقيا، برفع عدد المباريات المبرمجة على مدار المرحلة التصفوية إلى 77، إنطلاقا من الدور التمهيدي، مرورا بدور المجموعات، وصولا إلى مباريات السد، رغم أن الفيفا كانت في السابق، تعمد إلى القيام بعملية «غربلة» قبل بلوغ دور المجموعات، على أن تخرج الكثير من المنتخبات المتواضعة من سباق المونديال مبكرا، مع حصر التنافس على تأشيرات التأهل في المجموعات، بتأهل بطل كل فوج مباشرة إلى المونديال، والعودة إلى تنظيم المقابلات يبقي القارة السمراء الوحيدة التي يتغير فيها نمط التصفيات من دورة لأخرى، وكأنها حقل للتجارب، على اعتبار ان المرحلة التصفوية في باقي القارات تبقى ثابتة، باعتماد التأهل المباشر من الأفواج. وكانت لهذه الصيغة انعكاسات سلبية على مستوى المنافسة، ولو أن النتائج الفنية لم تشهد تسجيل انتصارات عريضة، باستثناء ما يصنعه المنتخب الجزائري في المجموعة الأولى، لكن الكثير من المنتخبات التي لم تتعود على بلوغ أدوار متقدمة في السباق نحو المونديال، اكتفت بتسجيل حضورها الشرفي في التصفيات، إلى درجة أنها رهنت كامل حظوظها بمجرد خوض 4 مباريات من التصفيات، كما هو الحال بالنسبة لمنتخب جيبوتي، الذي تبقى رحلة بحثه عن أول نقطة في الفوج متواصلة إلى إشعار آخر، وهو حلم أشبه بالمعجزة، في مجموعة يبقى فيها التنافس على تذكرة المرور إلى الدور الفاصل على أشده بين المنتخبين الوطني والبوركينابي. وفي سياق ذي صلة، فإن معالم الصراع الثنائي ارتسمت في أغلب المجموعات، مع تقلص حظوظ باقي المنتخبات، بدليل أن التنافس احتدم بين العملاقين كوت ديفوار والكاميرون، في انتظار موقعة الإياب بين المنتخبين بياوندي، مع الإقصاء المبكر لملاوي والموزمبيق، وكذلك الشأن بالنسبة لمنتخبي غانا وجنوب إفريقيا، بعد رهن منتخبي زيمبابوي وإثيوبيا لكامل حظوظهما، بينما تجرعت منتخبات إفريقيا الوسطى، ليبيريا، الغابون، أنغولا، الكونغو، الطوغو، السودان وغينيا بيساو رسميا مرارة الإقصاء بعد إفرازات الجولة الرابعة. بالموازاة مع ذلك، فقد قطع المنتخب المصري شوطا معتبرا للتأهل إلى الدور «الفاصل» بفضل الفوز العريض الذي أحرزه سهرة أول أمس ببنغازي على حساب المنتخب الليبي بثلاثية نظيفة، ليبقى «الفراعنة» بحاجة إلى انتصار داخل الديار لترسيم التأهل عن الفوج السادس، في حين يبقى المنتخب التونسي المرشح لكسب الرهان في المجموعة الثانية، رغم المضايقة اللصيقة من منتخب غينيا الإستوائية، في انتظار المواجهة بين المنتخبين في الجولة الخامسة. على صعيد آخر، فإن الأوضاع على مستوى الفوج العاشر تبقى الأكثر تعقيدا، على اعتبار أن المنتخبات الأربعة مازالت تحتفظ بحظوظها في التأهل، وذلك بعد تفويت منتخب البنين فرصة العمر بانهزامه في عقر الديار أمام منتخب تانزانيا، الذي تمكن بالمناسبة من الأخذ بثأره من هزيمة الذهاب، وهي النتيجة التي بعثت أمل التأهل لمنتخبي مدغشقر والكونغو الديمقراطية، ولو أن كل المؤشرات توحي بأن الفصل على مستوى أغلب الأفواج، سيكون في الجولة الختامية، لأن الرزنامة تتضمن لقاءات «حاسمة» بين منتخبات تتنافس مباشرة على الصدارة، كما هو الحال بمقابلة الجزائر وبوركينافاسو، وكذا القمة التقليدية بين الكاميرون وكوت ديفوار، وكذا المواجهة بين غانا وجنوب إفريقيا، إضافة إلى مباراة نيجيريا والرأس الأخضر واللقاء الذي سيجمع منتخب مالي بأوغندا. ص / فرطاس