تسجل الكثير من المدارس و المعاهد الخاصة مؤخرا، إقبالا قياسيا للأطفال دون سن السادسة، على تعلم اللغة الإنجليزية، في خطوة يدعمها أولياء يطمحون، لأن يتقن أبناؤهم لغة، يراهنون على أن تصبح اللغة الأجنبية الأولى في الجزائر. يشهد مسار التعليم الحر بالجزائر خلال السنوات الأخيرة، تغيرا كبيرا من حيث التوجهات و الفئات التي تعتمده، خاصة في ما يتعلق بتعلم اللغات الأجنبية التي كانت اللغة الفرنسية في وقت سابق تستقطب الأغلبية، بينما يدرس البعض ممن ينوون الهجرة الإنجليزية و حتى التركية، الإسبانية و الألمانية، لتصبح خلال السنتين الأخيرتين اللغة الإنجليزية، الأكثر طلبا عبر مختلف المدارس و المعاهد، بعد إعلان وزارة التعليم العالي و البحث العلمية نهاية سنة 2019 عن إدراجها كلغة أجنبية أولى. أطفال في الصفوف الأولى بأقسام اللغة الإنجليزية و إن كان جل المسجلين عبر مراكز و معاهد تعليم اللغات الأجنبية من الطلبة الجامعيين، أو تلاميذ المدارس العمومية، فإن الأمر يختلف تماما عبر المدارس التعليمية الخاصة، حقيقة وقفنا عليها ببعض هذه المدارس، أين وجدنا الكثير من الأطفال الصغار، مسجلين ليس من أجل الدراسة، و إنما من أجل اكتساب و إتقان اللغة العالمية الأولى. قال بعض الأولياء للنصر، أنهم قاموا بتسجيل أبنائهم في أقسام خاصة، لتعلم اللغة الإنجليزية في سن 4، 5 و 6 سنوات، معتبرين ذلك خطوة، من شأنها أن تساعدهم على تحسين مستواهم و إتقان الإنجليزية التي يرون بأنها لغة كل العالم، بينما أكد البعض، بأنهم يرفضون أن يتعلم أبناؤهم الفرنسية، لغة المستعمر، و يفضلون الإنجليزية، خاصة بعدما سمعوه بأن اللغة الأجنبية الأولى في الجزائر، ستصبح الانجليزية، و ستعلم للتلاميذ ابتداء من الطور الابتدائي. أكدت كوثر عرعار، أستاذة اللغة الإنجليزية بإحدى المدارس الخاصة بالخروب، أن عددا كبيرا جدا من الأطفال الصغار، مسجلون بالمدرسة التي تعمل بها، و تتراوح أعمارهم بين 4 و 7 سنوات، و قد أتقنوها بسرعة كبيرة و تفوقوا فيها، و مشيرة إلى أن الإقبال يتزايد بشكل مستمر، إلى درجة بات فيها أعداد الصغار يفوق بكثير أعداد الكبار الذين يتعلمون الإنجليزية، لتحسين و تطوير مستواهم الدراسي، خاصة خلال العطل المدرسية. "زوم" و "تشالنج".. يحدثان الفارق الأستاذة كوثر كشفت للنصر، أن الإقبال المتزايد على تعلم هذه اللغة، بدأ قبل جائحة كورونا، غير أن الحجر الصحي عرقل التدريس المباشر، ما دفعها للبحث عن بدائل عبر الإنترنت، لتبدأ العمل عبر تقنية "زوم" التي أظهرت اهتماما فاق كل التوقعات، و جمع الكثير من أبناء الجزائر، من مختلف ولايات الوطن، إلى غاية الحدود المالية، و كذا أشخاص من الدول عربية، كسوريا، الأردن و العراق، و حتى جزائريين مغتربين في فرنسا و تركيا، معترفة بتسجيل تجاوب كبير، خاصة التعليم بطريقة المستويات التي تتبناها المدارس البريطانية. من جانب آخر، أوضحت الأستاذة كوثر، أن تزايد إقبال الأطفال على تعلم الإنجليزية، دفعها للبحث عن طرق تشجيعية، منها "تشالنج" أو تحدي التكلم بالإنجليزية، التي تقوم على فكرة تسجيل مقطع فيديو لأطفال يتحدثون اللغة الإنجليزية بطلاقة، و طرحه عبر مواقع التواصل الإجتماعي من أجل التصويت، في ما يشبه المنافسة بين أطفال، تفاجأ الجميع بمهارتهم، و شجعتهم المبادرة على التقدم أكثر، إلى درجة أكدت فيها، أن الكثير منهم بات يتقن الإنجليزية و يتحدثها بطلاقة، أفضل من الجامعيين أنفسهم. أولياء يستعينون بيوتيوب في الوقت الذي توجه البعض إلى المدارس الخاصة، فإن أولياء آخرون اختاروا تعليم أبنائهم بأنفسهم، و ذلك من خلال اقتناء كتب تعليمية، و الاعتماد على الفيديوهات التعليمية على يوتيوب، التجربة التي أكد أولياء أنها كانت ناجحة و مكنت أبناءهم من تعلم الحروف و التحدث بهذه اللغة، و إن كان ذلك باستعمال جمل قصيرة، بينما تحسن مستواهم الدراسي، حسبهم، بشكل كبير. تعلم الإنجليزية و إن فتح آفاقا أمام جيل جديد يتحدثها بطلاقة، يواجه، حسب المعلمين، إشكالية مع بداية دراسة اللغة الفرنسية في المدارس، فقد أوضحت الأستاذة كوثر، أن الكثيرين يحدث لديهم خلطا، بين الحروف الإنجليزية و الفرنسية، ما يستوجب تغيير منهجية تدريس الأطفال، قبل سن السابعة، و ذلك من خلال التعليم بالنطق، و ليس الكتابة، و العودة لتعليم الإنجليزية بالمستويات، بعد السنة الثالثة ابتدائي.