تستقطب مدارس تعلم اللغات الحية خلال فصل الصيف العديد من الطلبة الراغبين في تعلم لغة جديدة، مستغلين فرصة توفر الوقت لتعزيز معارفهم اللغوية، ولشدة الطلب عليها انتشرت في السنوات الأخيرة العديد من المدارس المختصة في تعليم اللغات عبر كافة البلديات بالعاصمة، كل واحدة منها تخصص برنامجا خاصا بالفترة الصيفية، ليتم التسجيل فيها كل حسب ميولاته الشخصية وقدراته المالية، إذ يتراوح سعر الدورة التكوينية بين 4000 و5000 دينار لكل مرحلة. الإنجليزية، الألمانية، الفرنسية، الإيطالية، الإسبانية، التركية، والصينية، لغات تلقى إقبالا كبيرا من طرف العديد من الشباب الباحثين عن آفاق دراسية أو مهنية بالجزائر أو خارجها، مما يجعل عددا كبيرا من مراكز تعليم اللغات تبرمج العديد من الدورات التكوينية والتعليمية المكثفة طيلة فترة الصيف. وتشكل العطلة الصيفية فرصة مثالية يستغلها العديد من الشباب من أجل اكتساب لغات جديدة أو تقوية معارفهم في لغات سبق أن درسوها، إذ يقبل العديد منهم على مراكز تعليم اللغات التي تقدم خيارات متنوعة من الدروس في لغات مختلفة وما على الطالب إلا اختيار ما يفضله أو ما يساعده في مساره المهني مستقبلا. بين شباب شغوف لتعلم لغة جديدة أو حاجة تدعو إلى ضرورة تعلمها، تنقسم خلفية أو حب تعلم لغة إلى أسباب عديدة، حاولت "المساء" الكشف عنها من خلال استطلاع أراء بعض الشباب ببعض المدارس المختصة في تعليم اللغات الحية، فكانت البداية مع مراكز تعليم اللغات "المتفوق" ببلدية حسين داي، يضمن القائمين على المدرسة دورات تكوينية في اللغة العالمية "الإنجليزية"، إلى جانب الإسبانية والفرنسية، حيث قال وحيد براكة، أستاذ بالمركز؛ إن الإقبال على تعلم اللغات يكثر خلال شهر جويلية، وهو الشهر الذي يستغله الأغلبية بعد نهاية السنة الدراسية وقبل الذهاب في عطلة مع العائلة، حيث ترتفع نسبة الطلاب المتمدرسين في هذه المرحلة إلى 70 بالمائة للغات فقط خاصة أن المدرسة توفر دروسا تدريبية في تخصصات أخرى، كالإعلام الآلي والمحاسبة. مضيفا أن اللغات تختصر الطريق نحو العديد من الثقافات وتفتح الآفاق أمام المتعلمين لها. اقتربنا من حمزة 19 سنة، طالب جامعي ومتمدرس بالمركز لتعلم اللغة الإنجليزية، في انتظار التحاق باقي زملائه أوضح لنا قائلا: "لقد اخترت تقوية معارفي في اللغة الإنجليزية خلال العطلة الجامعية، فمستوى فهمي لهذه اللغة لا بأس به، إلا أن الحديث والنطق لا يزال لدي إشكال فيهما، ونظرا لآمالي المستقبلية في سبيل العمل في شركة متعددة الجنسيات لابد لي أن أتقن اللغة الإنجليزية، لاسيما أنها لغة عالمية تفتح أمام كل متقنها العديد من الأبواب في عالم الشغل. وفي مدرسة "ديكا" بالدار البيضاء، أشارت الأستاذة نبيلة باجي، مختصة في تعليم اللغة الإسبانية، إلى أن شهر أوت هو شهر اللغات، موضحة أن العديد من المدارس يخرجون في عطلة سنوية في هذه الفترة، مما يجعل الإقبال على مدرسة "ديكا" التي تفتح أبوابها أمام الطلاب لتكوين مكثف في اللغات يبلغ "ذروته" خلال هذه المرحلة، لاسيما أن المدرسة توفر دروسا في العديد من اللغات الأجنبية كاللغة الإيطالية، التركية والصينية، إلى جانب اللغات الأخرى الإنجليزية، الفرنسية والإسبانية، وقالت: "إن اختيار الطالب للغة يكون في غالب الأحيان حسب رغبة "مستقبلية" كالسفر إلى ذلك البلد، أو العمل في شركة تشترط إتقان تلك اللغة، إلا أنه في أحيان أخرى يكون شغف لتعلم لغة جديدة، أو توسيع الآفاق المعرفية، مشيرة إلى أن مركزها يعتمد في منهجه على إدماج التقنية السمعية والبصرية في تدريس اللغات التي تساعد الشباب على التواصل بطريقة جيدة أكثر فعالية في تعلم اللغة، مؤكدة أن الإتقان الجيد لأية لغة هو مفتاح حقيقي للتواصل والتميز في أي مجال شغل كان. من جهته قال الطالب أسامة الذي يأخذ دروسا في اللغة الإسبانية "لا أستطيع تلقي دروسا في اللغة خلال الموسم الدراسي لكثافة الدروس الجامعية وضيق الوقت، مما يجعل العطلة الصيفية فرصتي الوحيدة التي لا تفوت لولوج المركز، مرتين في الأسبوع طيلة شهرين جويلية وأوت، ويضيف أن مدارس تعلم اللغات فرصة لتطوير المهارات اللغوية، فهي تمنح برامج تساعد في تعلم قواعد اللغة، وكذا طرق للتواصل مع الآخرين بها". وعن سبب اختياره لهذه اللغة يقول بأنه شغف، فقد زار إسبانيا وأعجب بحضارتها وبمختلف عاداتها، مما دفعه إلى تعلم اللغة والرغبة في العيش بها مستقبلا. أما سهام ففضلت اللغة "التركية" التي حظيت باهتمام كبير في الجزائر خلال السنوات القليلة الأخيرة، حيث قالت: "لدي العديد من الأصدقاء الأتراك تعرفت عليهم خلال عملي في أحد المعارض الدولية، الأمر الذي جعلني أعشق هذه اللغة، لاسيما أن فيها الكثير من الكلمات العربية، فهي صعبة نوعا ما، إلا أنها تتميز بالجمال في النطق، وأضافت أنها السنة الثانية التي تلتحق بها بأحد مراكز تعليم اللغات، لتدعيم رصيديها في هذه اللغة، مشيرة إلى أنها ترغب في الالتحاق بعمل في تركيا بعد أن حازت على عرض شغل في العلاقات التجارية بين الدولتين.