فتح صبيحة أمس، مسجد عبد الرحمان بشتارزي بوسط مدينة قسنطينة، أبوابه مجددا أمام المصلين و الطلبة، بعد غلق دام أزيد من 7 سنوات، خصصت 08 أشهر الأخيرة منها، لأشغال ترميمه و تهيئته على أيدي مختصين، ليستعيد نمطه العمراني القديم، كأحد أهم المعالم الدينية بالولاية، و قد كلفت العملية 3.6 ملايير سنتيم، كما أكد مدير الثقافة عريبي زيتوني، خلال تدشين المعلم بحضور السلطات المحلية، يتقدمها الوالي مسعود جاري. يعتبر مسجد عبد الرحمان بشتارزي، الذي يقع بحي الشارع العتيق، بوسط المدينة، أحد أبرز معالم قسنطينة الدينية و التربوية و الثقافية و التاريخية، فهو يضم الزاوية الرحمانية التي تعتبر من أقدم الزوايا بالمنطقة، و كان يدرس فيها شيوخ الطريقة الرحمانية كتاب الله و سنة رسوله منذ القرن 19، و ينشرون العلم و المعرفة و الفقه و الشريعة بين الأجيال، و تخرج منها العديد من العلماء والمشايخ. و استفاد المسجد و الزاوية من عملية ترميم و تهيئة في العام المنصرم، ليتم فتحهما مجددا صباح أمس من قبل والي الولاية، بمعية مدير الثقافة و الفنون و بحضور ثلة من المسؤولين، و ذلك بعد أن تم غلق المسجد، إلى جانب عدة مساجد عتيقة أخرى، في سنة 2015، و تم إدراجها ضمن برنامج تأهيل التراث المعماري القسنطيني، في إطار تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية. أكدت المهندسة المعمارية مريم زياني، صاحبة مكتب الدراسات الذي أسندت له مهمة إعادة ترميم المسجد و الزاوية الرحمانية، أنها بذلت قصارى جهدها رفقة فريقها لإتمام الأشغال المطلوبة و تسليم المشروع في الموعد المحدد، و ذلك بعد إجراء دراسة معمقة حول المعلم الديني، و نمطه العمراني و خصائصه المختلفة و المواد التي استعملت في بنائه، ثم وضع مخطط دقيق للأشغال، من أجل الحفاظ على البصمة التاريخية المميزة للصرح الديني، و كذا زخارفه القديمة، إلى جانب انتقاء الخزف و الزلايج المناسبين، و استعمال الزجاج الملون الذي أضفى لمسة جميلة على المكان، الذي تميزه نوافذ و شبابيك نقشت بدقة و إتقان، حتى يبقى شاهدا تاريخيا و دينيا و ثقافيا، يبرز عراقة و أصالة المنطقة و تمسك سكانها القدماء بمعالمهم الدينية، و حتى يبقى المسجد قبلة للأجيال القادمة. زائر مسجد عبد الرحمان بشتارزي حاليا، سيشده مزيج الألوان المستعملة في طلاء الجدران و النوافذ، و كذا القرميد، فهي تجمع بين الأصفر والأخضر والأحمر الآجوري، إلى جانب الأصفر والأبيض، كما يحافظ المبنى على تقليد استخدام الخزف بالمدخل الخارجي و الجدران الداخلية، بالاعتماد على الطابع المميز للمعمار الجزائري، أين يتم توزيعه على الجزء السفلي من الحائط فقط، أما مائضة المسجد، فتم تلبيس أرضيتها بالرخام، و كذا المقاعد، و تم اختيار اللون الأصفر للحنفيات، أما أبواب المسجد فكلها مصنوعة من خشب مزخرف بإتقان، و زينت قاعة الصلاة بعدد من الثريات المرصعة بالأحجار اللامعة التي تحمل نقوشا على مستوى صفائحها المطلية باللون الذهبي. بمناسبة تدشين الصرح الديني، أوضح مدير الثقافة لولاية قسنطينة عريبي زيتوني، إنه وبعد قرار رئيس الجمهورية المتعلق برفع التجميد عن المساجد الخمسة بقسنطينة و هي مسجد «بشتازي» و»الأخضر» و»سيدي عفان» و»ربعين الشريف» ، إلى جانب مسجد سيدي الكتاني، بعد الغلق الذي طال هذه المعالم الدينية منذ 2015، تمت مراسلة الوزير الأول، من أجل إطلاق أشغال الترميم، فتم تخصيص 3.6 ملايير سنتيم، لإعادة الاعتبار لمسجد بشتارزي الذي يضم الزاوية الرحمانية في سنة 2021 خلال مدة لم تتجاوز ثمانية أشهر، وذلك بعد أن تم رفع التجميد عنها، إلى جانب 4 مساجد أخرى، على غرار «الأخضر» و»سيدي عفان» و»ربعين الشريف» إلى جانب مسجد «سيدي الكتاني». و أضاف المسؤول، أن قسنطينة تحصي 12 مسجدا، أدرجت في إطار إعادة الترميم، و تم ترميم و فتح كل من المسجد» الكبير» و»حسن باي»، أما البقية و هي خمسة مساجد، لم تطلها عملية الغلق، في حين توقفت الأشغال في المرافق الدينية المتبقية التي أغلقت و مستها عمليات الترميم، بسبب الأزمة الاقتصادية التي شهدتها البلاد، لكن في الآونة الأخيرة ، تم رفع التجميد عنها.وأضاف المتحدث، أن عملية ترميم مسجد «أربعين شريف» مستمرة، و أسندت صفقة إعادة التهيئة لإحدى المقاولات الناشطة في المجال، التي تحصلت على المشروع إثر مناقصة وطنية، تم الإعلان عنها مسبقا، و قد انطلقت الأشغال بمجرد إتمام الإجراءات الإدارية. أما في ما يخص تكليف مديرية الثقافة بعملية ترميم المساجد، قال زيتوني، إن هذا يرجع للأهمية التاريخية والثقافية للمباني الدينية التي تقع بقلب المدينة القديمة والمصنفة كتراث ثقافي، حسب القرار الصادر بالجريدة الرسمية سنة 2015، الأمر الذي تطلب اختيار رئيس مشروع مرخص من طرف وزارة الثقافة يتمتع بكفاءة عالية، مع امتلاك كامل التقنيات الخاصة بترميم البنايات القديمة و الحفاظ على معالمها القديمة. وأضاف مدير الثقافة و الفنون أن المديرية مسؤولة فقط على الجانب العمراني للمباني، أما الجانب الروحي و الديني، فتشرف عليه مديرية الشؤون الدينية و الأوقاف.