أكد مختصون في الأدب واللغة بقسنطينة، في ندوة علمية نظمت أمس الأول، أن اللغة الثانية سلاح ذو حدين وجب التعامل معه بذكاء وحذر، من خلال استثمارها في تطوير البحث العلمي والتشبع بالعلوم الهادفة، دون الوقوع في فخ الاصطفاف والتماهي كونها قناة لتمرير المرجعيات الفكرية والاديولوجية. خلال ندوة علمية وسمت ب» اللغة الثانية والبحث اللغوي والأدبي»، احتضنها مجمع مخابر البحث بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية، تحدثت الأستاذة في قسم الدعوة والإعلام والاتصال بجامعة الأمير عبد القادر، مفيدة بلهامل، في مداخلتها المعنونة ب» اللغة الثانية تجربة خارج الانتظارات الأكاديمية»، عن تجربتها البحثية باللغة الأجنبية وما توصلت إليه من نتائج، حيث قالت إن اللغة الثانية رغم كونها فرصة لها أبعاد وآفاق إيجابية واسعة، خصوصا ما تعلق منها بالبحوث العلمية والأكاديمية، إلا أنها تفتح عوالم تتجاوز جسر الحروف إلى الثقافات الأخرى بكل مكنوناتها السياسية والثقافية والاقتصادية، التي هي في الحقيقة تترجم معنى الآخر بجميع أصعدتهما يجعل الكثير يقع في فخ الاصطفاف والتماهي بالآخر، أي التأثر به وتبني كل معتقداته. وأضافت المتحدثة، أن اللغات الأجنبية رغم حياديتها العلمية إلا أن لها وجها آخر، فهي عبارة عن قناة لتمرير المرجعيات والايديولوجيات فاللغة وجب الحذر عند تعلمها،وأن نتفاعل معها بما تتوجبه الشروط العلمية ومتطلبات البحث العلمي، والأخذ بشقها الإيجابي الذي يسهم في التطوير الشخصي والتمتع بذاكرة قوية والأفضلية في إنجاز المهام، إلى جانب أنها تسهل على متعلمها ولوج سوق العمل. كما أكدت الدكتورة في اللغة الإنجليزية بجامعة الإخوة منتوري قسنطينة، ماجدة شلي، في مداخلتها المعنونة ب» تعلم اللغة الأجنبية في تخصصات اللغة والأدب العربي بين قصدية الأداة والمقاربة»، أن اللغة الثانية مطلوبة علميا والانفتاح عليها ضروري من أجل منظومة معرفية إنسانية يلتقي فيها كل البشر من أجل التغيير، كونها تسهم في التعرف على الثقافات الأخرى في ظل المتطلبات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والعلمية التي يفرضها سوق العمل، لكن دون التأثر بها خصوصا أنها ترتبط بالسياقات والمصوغات الفكرية والحضارية، فعلى الطالب أن يجيد استعمال اللغة الأجنبية كأداة وكمقاربة، يتم استثمارها في بناء هوية وطنية للخروج من الاصطفاف والتبعية العلمية في البحث العلمي، فتعليم اللغات في الجزائر تسيطر عليه التبعية حيث تستخدم اللغة الثانية على أنها لغة وثقافة أم، تولد في النهاية الشعور بالنقص والتبعية للدول الأخرى، مشيرة إلى أن سياق تعليم اللغات الأجنبية في التخصصات العلمية بالجزائر هو سياق تبعية لوجود هوة كبيرة في الإنجازات بين الدول العربية والأجنبية، يتطلب خلق وعي بأهمية تعلم اللغة الأجنبية كمقاربة وليس كاصطفاف. من جهته، ذكر مدير مخبر البحث في الدراسات اللغوية والقرآنية الدكتور رابح دوب، أن تعلم الطالب للغة ثانية سيفتح أمامه آفاق كبيرة في إنجازه لبحوثه العلمية والأكاديمية لكثرة المراجع الأجنبية غير المترجمة والتي تحتوي كما هائلا من المعلومات القيمة التي من شأنها أن تثري بحثه، كما ستتيح له الولوج إلى سوق العمل بسهولة، فالشركات الكبرى اليوم تسعى لتوظيف الأشخاص الذين يتقنون الكثير من اللغات على غرار الإنجليزية والصينية، مؤكدا في ذات السياق على ضرورة وضع قاعدة تربوية صحيحة في تعليم اللغات بدءا من الطور الابتدائي، مع وجوب تمكن أستاذ اللغة الثانية من اللغة العربية. منظمة الندوة آمال لواتي أستاذة بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية وعضوة في مخبر البحث في الدراسات اللغوية والقرآنية، قالت إن الهدف من تنظيم هذه الندوة العلمية، الموجهة لطلبة الدكتوراه بصفة خاصة، هو إدراك الباحث لأهمية تعلم لغة ثانية وطرق استخدامها الصحيح بشكل منهجي يعينه في تدليل صعوبة الحصول على المعلومات من جهة، بحكم أن اللغة هي المؤشر الأول لبناء الأفكار لما تتسم به من خصائص أسلوبية وتداولية، كما أن التنوع اللغوي أضحى ضرورة معاصرة لتعزيز المنظومة المعرفية اتساعا وثراء فلا يمكن أن تكتمل صورة البحث المعرفية والمنهجية إلا باستثمار لغة ثانية. رميساء جبيل