لا تزال صور ومشاهد الدمار التي خلفتها الهزة الأرضية القوية التي ضربت جنوبتركيا ومناطق من سوريا، تجول في خاطر اللاعب الدولي لمنتخب كرة اليد أسامة بوجناح، الذي نجا بأعجوبة من موت محقق بعد أن تحولت البناية التي يقطن بها بمحافظة هاتاي التركية إلى مجموعة من الردوم، وقال اللاعب الذي تحول قبل شهرين فقط إلى نادي هاتاي سبور في حوار مع النصر، لقد كتب الله لي عمرا جديدا، معيدا ولو بصعوبة شريط الذكريات إلى صبيحة تلك اليوم المشؤوم وكيف غادر العمارة التي يقطن بها ثواني قبل تحولها إلى ركام وأمور أخرى، حاولنا من خلالها نقل صورة عن المشهد العام الذي ميز جنوبتركيا عقب الكارثة الطبيعية. مرحبا أسامة، طمئنا عن حالك، وأنت الذي نجوت بأعجوبة من زلزال تركيا المدمر، الذي أودى بحياة الآلاف من الأشخاص.. أنا الآن بخير والحمد لله، وكل الشكر لمن اتصل بي للاطمئنان على حالتي الصحية، ولكل من حاول الحديث معي ولم أتمكن من الرد على اتصالاته، أنا لست مُصدقا بأنني لازلت على قيد الحياة، بعد كل ما جرى لي في تلك الصبيحة الحزينة التي لن أنساها ما حييت، لقد رأيت الموت بأم أعيني، ولكن الحمدلله لا يزال في الحياة بقية كما يقال، ولقد نجوت بأعجوبة كبيرة من ذلك الزلزال المدمر، الذي تسبب في وفاة الآلاف من الأشخاص، خصوصا بمنطقة هاتاي التي كانت أكثر تضررا. هل لك أن تُحدثنا كيف عشت تلك اللحظات الصعبة، خاصة وأن صور غرفتك المدمرة التي نشرتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، قد أثارت هلع الجميع ؟ لست قادرا على الكلام منذ عدة أيام من شدة التأثر، بحجم الكارثة التي أصابتنا، صدقني الأمر كان مروعا إلى درجة أنني لا زالت تحت الصدمة، ما وقع لا يزال عالقا بذهني، كيف لا وأنا الذي كدت أفقد حياتي، جراء الدمار الذي خلفه ذلك الزلزال الشديد الذي لم يسبق أن عايشته، لقد كنت غارقا في النوم وإذا بي أشعر بهزة قوية، حيث سارعت للنهوض من فراشي، من أجل مغادرة البناية التي أقطن بها، ولكن للأسف لم أتمكن من ذلك، كون الأسقف بدأت تتهاوى، وهو ما اضطرني لالتزام مكاني، لقد تدمرت غرفتي بالكامل، ولا أدري كيف لم أصب بأي مكروه، الحمد لله الذي كان إلى جانبي في تلك اللحظات العصيبة، ومكنني من الخروج سالما، على عكس بعض جيراني، الذين توفوا تحت الأنقاض. أفقت أثناء الهزة ومن هول الصدمة بقيت جاثما في مكاني كيف غادرت البناية المحطمة وماذا فعلت في تلك اللحظات العصيبة ؟ كما قلت لكم لم أبرح مكاني، عندما ضربنا ذلك الزلزال، كون الخروج من الغرفة في تلك اللحظات كان مغامرة غير محمودة العواقب، لقد انتظرت إلى غاية توقف الأرض عن الحركة، وبعدها حاولت بمساعدة البعض الخروج، والحمد لله غادرت الغرفة التي تهاوت بالكامل بأعجوبة، ولم أكن أشعر سوى بالخوف، خاصة وأن لا أحد قد صدق بأنني لم أصب بأي مكروه رغم تهاوي كل الأعمدة والسقف وتحول البناية إلى مجرد ركام. هل صحيح أن هذا الزلزال أودى بحياة بعض زملائك في نادي هاتاي سبور؟ للأسف الشديد هذا الزلزال العنيف والمدمر الذي ضرب تركياوسوريا في آن واحد، أدى إلى مقتل الآلاف من الأشخاص، من بينهم زملاء لي في فريقي الجديد هاتاي سبور، فحسب ما أعلموني لقد أودت هذه الحادثة المؤسفة بحياة لاعب، بينما لم يتم انتشال جثث البعض، دون الحديث عن المحضر البدني الذي فقد حياته هو الآخر، إلى جانب عائلات وأهالي الأسرة الرياضية حيث لم يسلم تقريبا أي منزل أو عائلة من هذا الزلزال، الذي خلف العديد من الخسائر المادية والبشرية. هل يمكن القول أن القدر قد قادك إلى تركيا لمعايشة مثل هكذا سيناريو؟ ما تقوله صحيح، فأنا لم ألتحق بهاتاي سبور سوى قبل شهرين فقط، ولم أشرع في اللعب إلا منذ أسابيع قليلة، وهنا أود الحديث عن نقطة مهمة تتمثل في أن هزة أرضية قد ضربت تركيا منذ قرابة شهر، ولكنه لم تكن بنفس شدة الزلزال الأخير، لقد قادني القدر لأعيش مثل هكذا سيناريو صعب ومخيف، ولكن ليس لدي ما أقول سوى قدر الله ما شاء فعل والحمد لله الذي أخرجني من كل هذا سالما معافى. تحولت إلى «هاتاي» قبل شهرين والقدر قادني لأكون شاهدا على مأساة من أول شخص اتصلت به بعد النجاة من هذه الكارثة الطبيعية ؟ لعلمكم فررت من المنطقة المتضررة دون أن آخذ معي أي شيء، وحتى هاتفي النقال تركته بالغرفة، وبعد أن انتهى كل شيء، عدت من جديد إلى المنزل المحطم من أجل الهاتف، لا لشيء سوى لأنني كنت أفكر بعائلتي في الجزائر، التي حاولوا الاتصال بي مرارا وتكرارا، ولكنهم لم ينجحوا في ذلك في بادئ الأمر، كون كل شبكات التواصل كانت معطلة جراء الكارثة، لقد عملت جاهدا للاتصال بعائلتي التي غمرتها الفرحة، بعد أن طمأنتهم عن حالتي، فقد كان الجميع يخشى هلاكي بعد علمهم أن شدة الزلزال كانت قوية بمنطقة هاتاي، التي سجلت حصيلة كبيرة من الوفيات. حجم ما عشته جعلني أخذ «وقتا مستقطعا» من الحياة ! أين تتواجد الآن وماذا تفكر أن تفعل ؟ الدمار كبير بهاتاي التي تحولت إلى منطقة منكوبة، ولم أجد نفسي سوى أغادرها باتجاه العاصمة أنقرة، حيث أتواجد بمنزل أحد الأصدقاء الذي أشكره على المساعدة، لا سيما وأنني لا أملك شيئا في تركيا، بعد أن تدمرت غرفتي بالكامل، أنا الآن أحاول استرجاع معنوياتي، وبعدها سأنظر ماذا سأفعل، لا أعتقد بأنني سأعود إلى هاتاي، كون الفريق قد هلك بالكامل تقريبا، ومن المستحيل العودة لأجواء المنافسة، سواء تعلق الأمر بفريق كرة اليد أو حتى كرة القدم الذي فقد هو الآخر عدة لاعبين، وإن كنت سعيدا لنجاة الدولي الجزائري لكرة القدم مهدي بوجمعة الذي يبدو بخير هو الآخر، في انتظار التأكد من سلامة بقية الزملاء. أخبار الموت مسيطرة على نادي هاتاي سبور ولا أفكر المستقبل ألا تفكر في العودة إلى الجزائر في الوقت الحالي ؟ كما قلت لكم أنا متواجد رفقة صديق لي بأنقرة، وسأتصل بعد أن أستريح ببعض المسؤولين في فريقي هاتاي سبور، من أجل الفصل في مستقبلي، قبل أن أعود إن شاء الله إلى بلدي الجزائر، لست أفكر في أي شيء في الوقت الحالي، وكل ما يهمني أنني نجوت من هذا الزلزال، حيث كتب لي المولى عزوجل حياة جديدة. لا أملك في تركيا سوى هاتفي وصديق يتكفل بي لنتحدث الآن عن المنتخب الوطني ونتائجه الأخيرة في المونديال ؟ مزاجي الحالي لا يسمح لي بالحديث عن المنتخب الوطني، وأعذروني لست مهتما بأي شيء في الوقت الحالي، وحتى التلفاز لا أشاهده من شدة الصدمة. ما رأيك فقط في إمكانية إسناد العارضة الفنية للمنتخب الوطني لمدرب الشمال القطري فاروق دهيلي، بعد تنحية المدرب رابح غربي ؟ صدقني لا أعلم بكل هذه المستجدات، وحتى خبر رحيل المدرب رابح غربي لا أعلم به، فأنا منشغل بنفسي الآن، وبعد أن أستعيد معنوياتي من جديد يمكنني الحديث عن مثل هكذا مواضيع، التي أراها ثانوية مقارنة بحجم الصدمة التي تعرضت لها مؤخرا. بماذا تريد ختم هذا الحوار ؟ شكرا لكل من سأل عن حالتي الصحية، واستغل الفرصة عبر جريدتكم المحترمة للاعتذار مجددا من كل من حاول الحديث معي عبر الهاتف أو مواقع التواصل الاجتماعي، من أجل الاطمئنان عليّ، أنا ممتن للجميع، وأعدكم بأنني سأعود أكثر قوة، ولم لا أكون ضمن الكتيبة الوطنية المطالبة بالعودة إلى السكة الصحيحة.