يتكرر كل سنة مشهد تبذير الخبر في رمضان، وتتكرر معه الحملات التحسيسية والتوعوية التي مكنت من تغيير سلوكيات البعض ليس خلال شهر الصيام وحده، ولكن على مدار السنة مع ذلك لا يزال مواطنون يرمون الخبز ولا يبالون، وعليه يقترح مختصون بدائل صحية واقتصادية لتقليص استهلاك و تبذير هذه المادة طوال أيام الصيام. خبز دقيق القمح الكامل وخبز الشعير والسميد ومع زيادة الوعي بسلبيات الخبز الأبيض و انتشار ثقافة الأكل الصحي نسبيا منذ الجائحة، لجأ جزائريون إلى بدائل صحية للخبز الأبيض، على غرار خبز دقيق القمح الكامل وخبز الشعير و السميد، حيث أن هذه الأنواع تتميز بكونها تبقى طازجة لأطول مدة دون أن تجف أو تقسو وهو ما يمكن من تخزينها لأكثر من يوم وبالتالي تجنب رميها. لبنى من السيدات الجزائريات اللواتي غيرن نمط غذائهن، وقد أخبرتنا أنها جربت خبز القمح الكامل خلال الجائحة، حين كانت ترغب في إنقاص الوزن و الحفاظ على صحتها، و وجدته مفيدا وصحيا، لذلك قررت التخلي كليا عن الخبز العادي وتعويضه بخبز الشعير، وبعد مدة جربت استهلاك خبز القمح فلاحظت هي وزوجها تحسنا كبيرا على مستوى الجهاز الهضمي، وهكذا دأبا على شراء هذا النوع من الخبز، قبل أن تقرر هي تحضيره في البيت لضمان نقائه من كل الشوائب. قالت محدثتنا، إنها بدأت فعليا في تحضير الخميرة الخاصة بهذا النوع من الخبز، و أشترت دقيق القمح الكامل وصارت تجيد طهيه بكل احترافية، وهي تجربة تعود لسنة كاملة حسبما أوضحت، وقد رافقت هذه المنظومة الاستهلاكية بالتخلي التدريجي عن الكثير من التوابل، مضيفة أن هناك من يلجأون لشراء دقيق القمح الكامل وتحضيره في البيت وهذا الإقبال المتزايد خلق نوعا من الندرة في هذه المادة و لم يعد من السهل الحصول عليها. أما أمينة، فقالت إنها بدأت في تحضير خبز القمح الكامل منذ شهر، مع إضافة العديد من الحبوب الغنية بالألياف والخميرة الطبيعية وزيت الزيتون، مبرزة أنها تحتفظ به في الثلاجة وتستهلكه تدريجيا، وبالتالي لا يبذر، كما ساعدها ذلك على الاستغناء كليا عن الخبز الأبيض، مشيرة إلى أنها لم تكن ممن يرمون الخبز الأبيض بل تعيد استغلاله في وصفات أخرى مثل صناعة «دقيق الخبز أو الشابلور» التي تدخل في عدة أطباق، كما قالت، إنها تحاول تعويد أبنائها على الأكل الصحي بداية بتناول الخبز الكامل. حتى الخميرة تحضر في البيت بمكونات طبيعية وأوضحت السيدة بشرى، أنها تحضر خبز الشعير طيلة رمضان لأنه صحي وتعودت رفقة عائلتها على تناوله مع حساء «الحريرة» المحضر بالشعير أيضا أو»الدشيشة»، مردفة أن هذا الخبز لا يرمى منه شيء حتى ولو بقي ليوم أو يومين، وهو ما ساعدها على التخلي نوعا ما عن الخبز الأبيض خاصة في شهر الصيام. وحتى الخميرة تحضر في البيت كما قالت، وهذا بأخذ كمية من دقيق الشعير وقليل من الملح والخل أو عصير ليمون وتخلط المكونات جيدا ثم تترك في علبة في الثلاجة، حيت تأخذ منها في كل مرة كمية صغيرة تضيفها لعجين الشعير وتتركها تتخمر لساعات ثم يطهى الخبز في الفرن. من جانبه، أخبرنا السيد إلياس بن باعمر، الذي ينحدر من ولاية غرداية، أن عائلات في منطقته بني ميزاب، لا تستغني عن خبز «أغروم نوفا»، الذي يحضر أيضا في المناسبات المختلفة وعلى رأسها يناير، و قال إنه يزين مائدة الإفطار المكونة عموما من «التمر + شربة الفريك و طبق السلطة والماء»، مردفا أنه لا مجال للاستغناء عن خبز «أغروم نوفا» في رمضان لخصوصياته الصحية، حيث يحضر بمادة السميد و يضاف إليها القليل من دقيق الشعير أحيانا، ويطهى الخبز في طاجين مصنوع من الطين ويقدم على مائدة الإفطار وكذا السحور، مبرزا أن تحضير هذا النوع من الخبز من العادات الراسخة عند بني مزاب، والتي تعودت عليها الأجيال المتعاقبة. * الدكتور شيدخ محمد طبيب عام رئيس لا يجب تجاوز 100 غ من الخبز الأبيض يوميا قال الدكتور شيدخ محمد، طبيب عام رئيس، إن هيئات التغذية الدولية تنصح كل من يريد الحفاظ على صحته بعدم تجاوز 100 غرام من الخبز يوميا، وإن خبز الدقيق الكامل أحسن لأنه غير منزوع النخالة و الألياف و لكن الإقبال عليه جعله نادرا في الأسواق. وأضاف أن الخبز الأبيض الكلاسيكي المخمر لا يتوفر على أية قيمة غذائية، ومصدر الطاقة فيه مستمرة لوقت طويل لأنه يحتوي على سكريات معقدة و يحتوي على حوالي 2 غ ملح لكل 100 غ خبز، بينما احتياجات الإنسان من الملح لا بدا أن لا تتجاوز 6 غ يوميا، كما أن قدرة الخبز الأبيض على رفع مستوى السكري في الدم تقترب من 80غ ما يجعله خطرا على صحة المستهلك. * رئيس الفدرالية الجزائرية لحماية المستهلك زكي حريز مقترحات لتغيير نمط استهلاك الخبز اعتبر الدكتور حريز زكي، رئيس الفيدرالية الجزائرية لحماية المستهلك، أن موضوع الخبز أسال الكثير من الحبر منذ سنوات من أجل تحسين جودته وضبط واحترام المقاييس الضرورية لذلك، مع ذلك وجب علينا الآن، المرور إلى الحلول الجذرية التي تقلص كثيرا من تبذير الخبز سواء في رمضان أو حتى سائر أيام السنة. وتتمثل الحلول التي يقترحها الدكتور حريز، في تخلي الدولة عن دعم المواد الأساسية وتوجيه الأغلفة المالية مباشرة للعائلات ذات الدخل المتوسط والضعيف حتى ترتفع قدرتها الشرائية، وبهذا يصبح الفرد حريصا على عدم التبذير وحريصا أيضا على استهلاك الخبز ذو الجودة والمفيد صحيا، فينتعش الاقتصاد في ظل هذه المعادلة، لأن هكذا إجراءات ستخلق نوعا من التنافسية بين الخبازين. وأضاف، أن هذه الحلول من شأنها أن تنهي المشكل من المنبع، لأن تبذير الخبز سيبقى متواصلا بسبب نقص الجودة وسعره المنخفض، وإعادة توجيه الدعم سيلغي هذه الأسباب ويدفع المواطن لتغيير نمطه الاستهلاكي الحالي نحو تقليص استهلاك الخبز لصالح الخضر والفواكه للحفاظ على الصحة، مستندا على توصيات منظمة الصحة العالمية بضرورة تناول الفرد ل 500 غ يوميا من الخضر الفواكه لتجنب السمنة والسكري ومختلف الأمراض، وتقليص ميزانية المنظومة الصحية. لكن النمط الاستهلاكي الحالي عند الجزائريين لا يتماشى مع هذه التوصيات حسبه، إذ يسيطر الخبز على مكونات الوجبة مقابل القليل من الخضر والفواكه، كما أوضح الرئيس الفدرالية، أنه قدم مؤخرا مقترحا لوزارة التجارة من أجل النظر في عملية تسقيف هوامش الربح بين البيع بالجملة والتجزئة، على أن لا تتعدى 30 بالمائة، حتى يتسنى للمواطن استهلاك الكميات الكافية من الخضر والفواكه وتقليص استهلاك الخبز. * فوزي بحيش رئيس نادي الحرفي الخباز بوهران الخميرة الطبيعية أساس خبز القمح الكامل الصحي دعا فوزي بحيش، رئيس نادي الحرفي الخباز بوهران للإنقاص من استهلاك الخبز الأبيض كونه يحتوي على نسبة عالية من السكريات، و يطول هضمه مما يؤدي لمشاكل صحية على مستوى الجهاز الهضمي، كما أن بعض مكوناته قد تسبب أمراضا مؤكدا، أن الخبز الكامل يتميز بأنه يستهلك ولا يبذر أو يرمى في المزابل، كون يحفظ لمدة أطول دون أن يتغير أو يصبح غير صالح للاستهلاك. وذكر المتحدث، بأن هذا النوع من الخبز كان يحضر للجنود المحاربين خلال الحرب العالمية الثانية لأجل هذه الخاصية تحديدا، حيث يمكن حفظه لمدة أطول قد تتجاوز أسبوعين، مبرزا أن الخبز المفيد للجسم وخاصة في رمضان، هو الخبز الكامل أو خبز السميد المصنوع بالمواد الطبيعية وخاصة الخميرة الطبيعية دون محسنات أو مضافات كيميائية. وشدد المتحدث، على أن يتم تحضير الخميرة الطبيعية وفق المعايير المضبوطة وبالطريقة العلمية حتى تكون مفيدة للصحة، وقال، إنه عادة مع يركز على مستوى نادي الخباز المحترف الذي يشرف عليه، و أثناء مشاركته في المناسبات الوطنية والدولية، على برمجة تكوينات للمتربصين حول تحضير الخميرة الطبيعية وحفظها لاستخدامها بعد مدة زمنية حتى لا تفقد خصائصها، كي يستفيد منها من يحترف الخبازة، لاستخدامها بدل الخميرة الكيميائية والمحسنات المسرطنة، مردفا أنه يمكن استهلاك كل أنواع الخبز مثل خبز الشعير و خبز الذرى و خبز الجودار وهو نوع من الخبز يحضر من حبوب الجودار المتواجدة في المناطق الباردة التي لا تزورها الشمس على مدار السنة مثل إيسلندا وروسيا، ويمكن أيضا إضافة أنواع من الحبوب لعجينة الخبز منها الحبة السوداء و حبوب الشيا و السمسم لأنها تدعم قوة الجسم في رمضان وتساعد على تقوية المناعة.