الجزائريون يودعون وردتهم إلى مثواها الأخير نساء يقتحمن مقبرة العالية ويشاركن الرجال جنازة السيدة الكبيرة ودّع الجزائريون أمس الفنانة الكبيرة وردة الجزائرية إلى مثواها الأخير بمقبرة العالية بالعاصمة بحضور رسمي وشعبي من داخل الوطن وخارجه، وتحت زغاريد معجباتها من نساء وبنات الجزائر، وهتافات محبيها من الجزائريين الذين رموا على نعشها و قبرها ورودا كثيرة قبل الانسحاب الأبدي. وري أمس جثمان الفنانة والمطربة الكبيرة وردة الجزائرية الثرى بمقبرة العالية بحضور الأهل والأحباب وأعضاء من الحكومة ووفود رسمية أجنبية و بعض ممثلي السلك الدبلوماسي المعتمد بالجزائر، وفنانين وعدد كبير من النساء والفتيات اللائي اقتحمن المقبرة وأبين إلا أن يودعن وردتهن إلى مثواها الأخير بالدموع والحسرة. بعد أن حمل نعش الفقيدة من قصر الثقافة مفدي زكريا حيث وضع هناك منذ التاسعة صباحا وصل الموكب الجنائزي إلى مقبرة العالية في حدود الواحد ظهرا، ومباشرة بدأت مراسيم الدفن بإقامة صلاة الجنازة ثم إعادة قراءة التأبينية التي كانت وزيرة الثقافة خليدة تومي قد قرأتها بقصر الثقافة، وكان في مقدمة مشيعي الفنانة الراحلة الوزير الأول أحمد أويحيى، الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع عبد المالك قنايزية، شقيق رئيس الجمهورية ومستشاره السعيد بوتفليقة، الأمين العام لرئاسة الجمهورية حبة العقبي، وزير النقل عمار تو، وزير السكن والعمران، الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية، والأمين العام لوزارة الداخلية والجماعات المحلية ووزراء وعسكريون سابقون وسفراء مثل حمراوي حبيب شوقي سفير الجزائر في رومانيا، ومثقفين وفنانين كفلة عبابسة التي ظهرت وسط المقبرة موشحة بالأسود رفقة المطرب الإماراتي حسين الجسمي الذي حضر الجنازة وهو ربما المطرب العربي الوحيد الذي شارك في مراسيم جنازة الراحلة وردة. كما حضر الجنازة أيضا فؤاد علي الهمة مستشار العاهل المغربي محمد السادس الذي قدم باسم الملك والحكومة المغربية التعازي الخاصة بوفاة وردة للجزائر حكومة وشعبا وكان قد ألقى على جثمانها النظرة الأخيرة بقصر الثقافة وسجل تعازي حكومته في السجل الخاص، وبعد إتمام مراسيم الصلاة وإعادة قراءة التأبينية التي كانت قد قرأتها وزيرة الثقافة بقصر الثقافة من طرف جمال فوغالي مدير الثقافة لولاية قسنطينة، شهد مربع الشهداء حيث كانت تجرى المراسيم توافدا كبيرا للمواطنين الذين كانوا في كل مرة يرددون كلمات الله اكبر أما النسوة اللاتي اقتحمن المقبرة بكثرة فلم يكفن عن إطلاق الزغاريد وهن يودعن الوردة الأخيرة إلى مثواها الأخير. وقد لوحظ توافد فتيات في عمر الورود ونساء كبيرات وحتى طاعنات في السن على مقبرة العالية في حادثة لم تعرفها المقابر الجزائرية ربما من قبل، ما يعكس تعلقهن بالفنانة الراحلة وعشقهن لأغانيها الخالدة ومكانتها في قلوبهن، ومنهن من جئن من بعيد لتوديع وردة التي عادت هي الأخرى من بعيد لترقد للأبد في تراب جزائرها الحبيبة التي عادت اليها هذه المرة العودة الأخيرة في الذكرى الخمسين لعيد الكرامة. وقد تزاحمت النساء مع الرجال والأطفال عند نقل جثمان المطربة الراحلة على أكتاف رجال من الحماية المدنية من مربع الشهداء حيث تمت مراسيم الصلاة والتأبينية نحو القبر الذي سترقد فيه إلى الأبد وسط هتافات وزغاريد لم تنقطع من حناجر الحاضريات والحاضرين، وبعد إتمام الدفن رمى الحاضرون نساء ورجالا الكثير الكثير من الورود على قبر وردة، سواء تلك التي جلبت من الخارج خصيصا لذلك أو التي قطفت للتو من أزهار المقبرة في مشهد رائع له أكثر من معنى ودلالة، قبل أن يشرع الجميع في مغادرة المقبرة وتقديم التعازي لنجلها رياض. وقبل هذا كان جثمان الراحلة وردة الجزائرية قد نقل صباحا إلى قصر الثقافة مفدي زكريا حيث وضع وسط بهو القصر لإلقاء النظرة الأخيرة عليه وكان محاطا بفتيات من الحماية المدنية وشرطيات، وقد توافد على قصر الثقافة منذ الصباح عدد كبير من الرسميين والفنانين لكن العدد الأكبر كان للمواطنين خاصة النساء من المعجبات بوردة وبفنها الجميل، للائي حلمن الكثير من الورود معهن. وبقصر الثقافة قرأت وزيرة الثقافة خليدة تومي تأبينية الراحلة وقالت فيها أن "الفنانة وردة الجزائرية اقترن اسمها وحياتها ومسارها الفني بملحمة الجزائر وبآمالها وآلامها وافراحها مند فجر الثورة وحتى آخر نبضة من قلبها الذي ظل يخفق بحب الوطن"، وأضافت الوزيرة في ذات الكلمة تقول.. "هي الوردة التي تفتحت حنجرة صادحة بالأغاني الوطنية أثناء صباها بفرنسا بعد اندلاع الثورة المظفرة، وقد غنت دماء الشهداء وصرخة الشعب الناهض من اجل حريته واستقلاله، وعرّفت بالقضية الجزائرية من خلال الجولات الفنية عبر مختلف أقطار العالم العربي مناضلة بصوتها ومتبرعة بعائدات حفلاتها لجيش التحرير الوطني، وعندما ضاقت فرنسا بأغانيها اضطرت وردة الجزائرية إلى مغادرة فرنسا باتجاه الرباط ثم بيروت ليظل صوتها معانقا الجزائر في تحديها لفرنسا إذ تغني "كلنا جميلة". وقالت وزيرة الثقافة أن وردة كانت تعد العدة كي تحتفل كعادتها كلما دعاها داعي الوطن المفدى، وهي رغم رحيلها سترفرف روحها وتغني الذكرى مثلما تمنت أن تغنيها صوتا حنونا وكلمات عذبة وألحانا شجية. وقال المكلف بالأعمال في السفارة المصرية بالجزائر في كلمة قصيرة له أيضا بالمناسبة هي وردة جزائرية مصرية عربية أعطت للجميع وكانت صديقة للجميع، وهي قصة حب عميقة بين شعبين عريقين وبلدين، هي وردة العلاقات المصرية الجزائرية.. هي وردة ستظل في قلوبنا وعقولنا وأعمالها ستظل خالدة. نشير أن المطربة الراحلة وردة الجزائرية كانت توفت الخميس الماضي بالقاهرة ونقل جثمانها إلى ارض الوطن مساء الجمعة، ودفنت أمس بمقبرة العالية.