مهازل التحكيم نقطة سوداء في موسم تجاوزت فيه التهم الخطوط الحمراء - شكلت قرارات الحكام في ثاني موسم إحترافي للدوري الجزائري واحدة من أبرز النقاط السوداء في البطولة، لأن موجة الغضب على الحكام تصاعدت بشكل ملفت للإنتباه، و بلغت حد التراشق العلني بالتهم، على خلفية " القرارات الغريبة " التي إتخذها بعض فرسان الميادين في مباريات حاسمة، و هي قرارات كان لها إنعكاس مباشر على نتائج المباريات، و بالمرة تحديد هوية البطل، و كذا الثلاثي النازل إلى الرابطة المحترفة الثانية، ليبقى الموسم المنقضي محطة سوداء لأصحاب الزي الأسود. سيناريو حواسنية مع لاعبي بجاية لقطة الموسم دون منازع هذا و قد أنتزع السيناريو الذي صنعه لاعبو شبيبة بجاية للحكم الدولي فاروق حواسنية لقب لقطة الموسم دون منازع، لأن طريقة الإحتجاج على ثالث ضربة جزاء أعلنها الحكم لفريق إتحاد الجزائر في نفس المباراة كانت فريدة من نوعها، و صنعت حديث وسائل الإعلام الوطنية والأجنبية، خاصة منها المرئية، لأن إقدام مجموعة من اللاعبين على الإلتفاف حول الحكم و التصفيق عليه، سيناريو لم يحدث إطلاقا في أي مباراة، و عناصر التشكيلة البجاوية دخلت التاريخ بتلك اللقطة التي وضعت حواسنية في مأزق، و دفعت باللجنة المركزية إلى إبقائه في الثلاجة إلى غاية نهاية الموسم، مادام القرار قد صنع الحدث في معظم الفضائيات العالمية. حكام متألقون دوليا يصنعون المهازل محليا وانطلاقا من هذه العينات فإن أسماء بنوزة، حيمودي، حواسنية و بوستر كانت الأكثر إثارة للجدل في الوسط الكروي هذا الموسم، ولو أن الشاب زواوي كان قد فجر غضب "السعيدية " في مباراتهم ضد إتحاد العاصمة، بعدما حملوه كامل المسؤولية في الأحداث المؤسفة التي عرفتها نهاية تلك المواجهة، لكن الملفت للإنتباه أن هذه الأسماء تبقى من العيار الثقيل في سلك التحكيم بالجزائر، لأن حيمودي و بنوزة كانا قد شرفا الصفارة الجزائرية في الطبعة الأخيرة من العرس الكروي الإفريقي الذي أقيم بغينيا الإستوائية و الغابون، بعدما أثبت كل حكم جدارته بالبقاء في "الكان" إلى المربع الذهبي، غير أن المستوى الذي يظهر به دوليونا عندما تسند لهم مهمة إدارة لقاءات البطولة الوطنية يبقى يثير الكثير من التساؤلات عن سر التراجع الملحوظ للمردود المقدم، و التحجج دوما بأن القرارات المتخذة تبقى حسب السلطة التقديرية . العقوبة المتأخرة لحيمودي و بنوزة ذر للرماد في العيون هذا و تبقى اللجنة المركزية للتحكيم المتهم الأول و الوحيد في الفضائح التي صنعها الحكام في بطولة الموسم المنقضي، لأن هذه الهيئة إكتفت بدور المتفرج في المنعرج الحاسم، من دون أن تبادر إلى إتخاذ إجراءات ردعية في حق الحكام الذين يخطئون في قراراتهم، و يتسببون في تغيير نتيجة مقابلة بخطأ متعمد، رغم أن رئيس الفاف محمد روراوة كان قد ألح على ضرورة أخذ صور التلفزيون بعين الإعتبار لمعاينة أخطاء الحكام و معاقبتهم، لكن هذا الإجراء لم يتم العمل به سوى في بعض الحالات الشاذة و التي لم يكن فيها الحكام الدوليون طرفا، إلى درجة أن بنوزة و حيمودي واصلا إدارة المباريات بصفة عادية بالرغم من تصاعد موجة الغضب عليهما، قبل أن يقرر روراوة في الجولات الأربع الأخيرة وضعهما في الثلاجة إلى غاية نهاية الموسم، في محاولة لإرضاء الرأي العام الكروي، بعد الفضائح العلنية التي تسبب فيها كل حكم. لكارن طار إلى كندا و أرسل طلب إعفائه من منعرج الحسم في البطولة و في سياق متصل تبقى تركيبة اللجنة المركزية للتحكيم تثير الجدل لدى رؤساء النوادي، لأن لكارن كان قد عاد للإشراف على السلك خلفا لرشيد مجيبة منذ عودة روراوة إلى رئاسة الفاف، لكن لكارن ظل يعتمد على ولد الحاج و بيشران في ضمان العمل اليومي للجنة، مقابل إنشغاله بإلتزاماته الشخصية على مستوى الفيفا والكاف، غير أن برودة العلاقة بين رئيس الإتحادية و المسؤول الأول على سلك التحكيم في منتصف شهر أفريل الماضي بسبب مسلسل بنوزة و حيمودي دفع بلكارن إلى السفر إلى كندا قبل نهاية الموسم بأربع جولات، مع لجوئه إلى إرسال شهادة عجز طبي مرفوقة بطلب إعفائه من رئاسة اللجنة المركزية إلى غاية نهاية البطولة، الأمر الذي وضع روراوة أمام خيار وحيد، يتمثل في وضع الثقة في شخص حسين ولد الحاج للتكفل بتعيينات الحكام في الجولات الحاسمة من البطولة. روراوة رفض الأجانب و طالب بالأدلة في قضايا الرشوة بالموازاة مع ذلك فإن "التشكيك" في نزاهة الحكام الجزائريين جعل بعض رؤساء الفرق يبادرون إلى طلب الإستعانة بحكام أجانب لإدارة المقابلات الهامة و المصيرية، لكن موقف رئيس الفاف كان صارما ، بتجديده الثقة في الحكام الجزائريين، مع عدم الأخذ في الحسبان كل ما يروج في الشارع، إلى درجة أن روراوة كان قد طالب رؤساء الرابطات الولائية و الجهوية بضرورة التصدي لكل من يحاول التلاعب بالنتائج في الجولات الأخيرة من مختلف البطولات، و إلزام كل من يبادر إلى الحديث عن رشوة الحكام بتقديم الدليل المادي، و إحالة الملف إلى الجهات الأمنية و القضائية للتحقيق فيه، وهي الثقة التي جسدتها الرابطة المحترفة برفض طلب إدارة وفاق سطيف بتعيين حكم أجنبي لإدارة لقائها ضد إتحاد الجزائر، ليكون التحكيم الأجنبي خارج دائرة حسابات روراوة و لكارن هذا الموسم، بعدما كانت الفاف قد إستعانت بحكام من تونس، ليبيا و حتى السعودية و الإمارات العربية المتحدة في مواسم سابقة، وهي تعيينات لم تكن بنية البحث عن الكفاءة و الحياد، و إنما تندرج في إطار إتفاقيات التبادل بين الإتحاديات.