وحيد عاشور يدعو إلى ثورة عاجلة في التمثيل و الكتابة و الاخراج المسرحي برز وحيد عاشور كمممثل مسرحي وتليفزيوني بقسنطينة منذ منتصف السبعينات، لكن أحلامه و طموحاته كانت دائما كما أكد لنا أكبر من واقع الساحة الفنية المحلية، فقرر في سنة 2000 البحث عن آفاق جديدة لتطوير قدراته الابداعية و تفجير طاقاته الكامنة،وكانت الانطلاقة باتجاه جندوبة ثم الكافبتونس و بهذه الأخيرة،خضع لدورات تكوينية على يد أساتذة متخصصين ثم تم توظيفه كمؤطر بورشة الممثل بالمركز الوطني التونسي للفنون الدرامية و الركحية. بالموازاة مع ذلك واصل مساره كممثل فتقمص العديد من الأدوار بالمسرح و الاذاعة التونسية و شارك في فيلم من انتاج فرنسي عنوانه «الشمس المغتالة»و فيلم انجليزي عنوانه»سقوط روما»،قبل أن تقوده مسرحية «آلهة و بشر»إلى ألمانيا ثم النمسا، لكنه وقبل أن يذهب بعيدا في تحقيق حلم العالمية،هيمن عليه الحنين إلى مسقط رأسه و إلى جمعية «البليري» التي كان ضمن أعضائها المؤسسين، فعاد حاملا باقة من المشاريع الجميلة و الجوائز و الشهادات التقديرية...و دعوة ملحة لإحداث ثورة في الفن الرابع، قال الفنان الذي مل الصمت المباح. باكورة أعمال عاشور مع جمعية البليري هذه الصائفة،هي مسرحية «أنا وعيالي والشيطان» التي أوضح في زيارة للنصر، بأنه كتب نصها المستوحى من كتاب «الشيطان في خطر» لتوفيق الحكيم و أخرجها وصمم كل تفاصيل عرضها الشرفي الذي احتضنه يوم 3 جوان الجاري ركح المسرح الجهوي بقسنطينة،مشيرا إلى أنها تقدم نظرة فلسفية للحروب و الثورات و الصراعات التي تتكاثر بمختلف أنحاء العالم و التي لا يمكن تحديد الفتيل الذي تسبب في انفجارها و يتداخل الخيال و الواقع في مناقشة أسبابها و يوضع الشيطان كالعادة في قفص الاتهام، لكنه في هذه المسرحية لا يلوذ بالصمت و لا يكتفي بالرموز التي ترتبط به. حيث يتجسد في صورة انسان قلق و حائر يستنجد بفيلسوف قائلا:»أوقف الحروب لقد أصبحت تشكل خطرا علي...صحيح أنني تسببت في اندلاع حرب واحدة لكنني بريء من البقية تأكدت أن البشر أصبحوا ينافسونني في إشعال نيرانها في كل مكان و لا أدري لماذا و كيف؟!» . و أضاف محدثنا بأنه ومن خلال هذا العمل يدعو إلى التخلص من السلبية و التفكير العميق و النقاش و التحليل لإيجاد حلول للمشاكل التي تحيط بنا.وسيتوج العرض بجولة فنية بمختلف أنحاء الوطن و قد يتناوب عرضها مع عرض مسرحية «سيد الرجالة»للمخرج خالد بلحاج التي يقدم فيها عاشور دور البطولة. المهم أن الصيف سيكون مليئا بالعروض هذا الموسم لكنه لا يتوقع أن يتمكن الجمهور من فك كل شفرات الأعمال المسرحية و أبعادها، فقد شهد الفن الرابع تقهقرا رهيبا لسنوات طويلة و عودته إلى الواجهة الثقافية لا تزال محتشمة.لهذا من الضروري حسبه إحداث ثورة في الكتابة و الإخراج و التمثيل المسرحي لنرتقي بفننا على الأقل مثل جيراننا بتونس الذين قطعوا أشواطا كبيرة في هذا المجال ناهيك عن التطور المذهل الذي بلغه في الغرب. و عاد الفنان بذاكرته إلى الوراء و تحديدا إلى السبعينات عندما كان مسرح قسنطينة يقوده أساتذة كبار ساهموا في صقل موهبته و تكوينه كممثل و شجعوه على استغلال ملكة الكتابة لديه في تأليف نصوص مسرحية.فأبدع العديد من الأعمال و أسس مع صديقيه خالد بلحاج و حمزة حمودي جمعية البليري،لكن لم يتم اعتمادها رسميا إلا في سنة 1998 .و أشار إلى أنه شارك كممثل في أعمال تليفزيونية عديدة لمحطة قسنطينة الجهوية مثل مسلسل «تشريح القلق»لمحمد ماندي في 1994 و مسلسل»شدوا الحزام»لنفس المخرج و قد شارك فيه ككاتب سيناريو و ممثل في 1997.كما أطل في رمضان 2010 بعد غياب على جمهوره عبر حلقات «أعصاب و أوتار و أفكار»لمحمد حازرلي و شارك في شريط وثائقي لحسين ناصف بمناسبة تلمسان عاصمة الثقافة الاسلامية تحت عنوان»مساجد زوايا و أضرحة الأولياء الصالحين ببني سنوس». وتوقف محدثنا في محطة هجرته إلى تونس في سنة 2000.و قال بأنه أراد اكتشاف آفاق جديدة لتطوير موهبته و معارفه الفنية و تحقق له ذلك. موضحا بأن وجهته الأولى كانت مسرح جندوبة حيث شارك في مسرحية «اللمة» و قدم مونولوج «حليبة»ثم توجه إلى مدينة الكاف.و هناك قام بعدة دورات تدريبية في فن التمثيل و عروض العرائس و الرقص المسرحي ثم أصبح مؤطرا للمواهب الواعدة رفقة ألمع الأساتذة في العالم مثل الهولنديتين هيلين كاتالا و فابريس رامالينغوم في ورشة الممثل القارة بالمركز الوطني للفنون الدرامية و الركحية. و بالموازاة مع ذلك شارك كممثل أو مساعد مخرج أو كاتب نص مسرحي في العديد من العروض المسرحية مثل «فلتة» و «النورس»و «عرس فالصو»إلى جانب باقة من المسلسلات الإذاعية و كانت مسرحية «آلهة و بشر» المقتبسة من المسرح الاغريقي ضربة حظ قوية بالنسبة إليه .فقد تقمص فيها دور أحد أهم عناصر الحياة و هو التراب فسطع نجمه في السماء عاليا .حيث تم عرض المسرحية في كل من تونس و ألمانيا و النمسا و كللت بنجاح باهر و تحدثت عنها و عن تألق عاشور العديد من الصحف في تلك البلدان خاصة و أن الجولة الفنية استغرقت سنتين. كما دخل عالم السينما في فيلم من انتاج فرنسي بلجيكي عنوانه «الشمس المغتالة «و الفيلم الانجليزي «سقوط روما».و قبل أن يستغرق في حلم العالمية الذي اقترب منه كثيرا بمشاركته في أكبر المهرجانات و حصده للكثير من الجوائز الكبرى ،قرر أن يستثمر خبرته في مسقط رأسه و عاد إلى أحضان جمعية البليري في سنة 2010.و كانت العودة مميزة بمشاركته في أيام المونولوج بباتنة في نفس الفترة بمونولوج «قال الراوي»الذي كتبه و أخرجه بنفسه مسرحية «هلوسة»و توالت الأعمال و النجاحات في رصيده المسرحي الثري . و أسر إلينا بأن لديه العديد من العروض للمشاركة في أعمال تليفزيونية و من بينها مسلسل رمضاني للممثل و المخرج كريم بودشيش سيشرع في تصويره في الأيام القليلة القادمة.لكن يظل المسرح هو حبه الأول و الأكبر و يتمنى أن يساهم في تطويره ببلادنا ليعيش عهدا ذهبيا جديدا و يدعو المسؤولين عن قطاع الثقافة إلى الاسراع في فتح معاهد متخصصة بمختلف أنحاء الوطن لأن معهدا واحد لا يكفي لإرساء قواعد متينة لثقافة المسرح .