العديد من أعمالي التلفزيونية قدمتها مجاملة لأصدقاء قال المخرج والممثل جمال قرمي بأن العديد من الأعمال التلفزيونية التي أسندت إليه أدوار فيها لم يكن مقتنعا بها كل الإقتناع وقدمها بدافع الخجل أو المجاملة لبعض أصدقائه، مؤكدا بأنها مجرد "قطرة" في بحر من الأعمال التي يبثها التلفزيون الجزائري دون أن ترتقي إلى المستوى المطلوب من الجودة والإبداع الفني نظرا لعدم إحترام التخصصات والتقيد بها، مما يجعله يميل أكثر إلى المسرح والسينما. ابن سطيفالعالية الذي خطفه الفن من الهندسة المعمارية، تخصصه الأصلي شرح للنصر وجهة نظره قائلا: "الكثير ممن يمارسون الانتاج التلفزيوني مجرد تجار لا يهمهم سوى ضمان بيع "سلعهم" الاستهلاكية وتحقيق الأرباح والغالبية العظمى ممن يكتبون السيناريو لم يتلقوا تكوينا متخصصا. كما أن العديد من المصورين والتقنيين دخلاء على هذا المجال وبالنسبة للممثلين حدث ولا حرج... ويتم التعامل مع الممثل الأكاديمي المتخرج من معهد الفنون الدرامية والأستاذ في ذات المعهد بنفس الطريقة التي يتم التعامل بها مع الميكانيكي والقهواجي والبطال الذين أقحموا أنفسهم في الفن... فعندما يضمن التاجر بيع بضاعته لا يهمه أي عضو في الطاقم الذي يتعامل معه أو طبيعة تخصصه، والتواطؤ جليّ هنا". وأضاف بأن الظروف والمعطيات الراهنة تجعله لا يحب كثيرا العمل التلفزيوني ويتحفظ بشأنه، ويتفرغ للتمثيل والإخراج المسرحي، وتدريس الفنون الدرامية بمعهد برج الكيفان مرحبا بالعروض السينمائية. وبخصوص دوره ما قبل الأخير في المسلسل الرمضاني "الذكرى الأخيرة" لمسعود العايب، قال بأنه تقمص شخصية الطبيب للمرة الثانية في مساره على سبيل المجاملة!، بينما تقمص شخصية ابن الحاكم العاشق في المسلسل الجديد "حسناء" الذي يجسد دراميا القصيدة التراثية المغناة "عويشة والحراز" وهو من اخراج وانتاج بوعلام عيساوي، لأنه مكنه من السفر عبر الزمن إلى حقبة أبعد بكثير من تلك التي نقله اليها، مسلسل "رشيد القسنطيني" لنفس المخرج من خلال تقمصه لشخصية محي الدين بشتارزي، واستمتع كثيرا بالغوص في عمق التاريخ والتراث، واستطرد قائلا بأنه شارك في الفيلم السينمائي "المنارة" لبلقاسم حجاج وفيلم "لونجة والغول" لفاطمة بلحاج، ويطمح لاثراء مساره الفني بأعمال سينمائية أخرى، لكن يظل المسرح هو حبه الأكبر والأبقى. الحب الذي كبر ونمامعه منذ كان صبيا، فاستثمره كهواية مارسها في المدرسة والثانوية وعبر الجمعيات المسرحية. في حين تابع دراسات عليا في الهندسة المعمارية وعمل كمهندس معماري لمدة سنة بعد تخرجه من الجامعة، لكن نداء الفن كان أقوى... فتوجه الى معهد الفنون الدرامية ليصقل موهبته بالتكوين والدراسة وتخرج في سنة 1999 وتخصص كما قال - مازحا في "الهندسة الفنية"... فالى جانب تدريس الفنون الدرامية لكي يساهم في تغيير واقع الفن الجزائري ويجند معه الجيل الجديد للارتقاء به، نحت مساره كممثل ومخرج مسرحي مبدع، وشدد بأنه يفضل التمثيل لأنه يجعله مسؤولا عن دور واحد هو دوره، بينما الإخراج جد صعب ويتطلب تحمل مسؤولية كبيرة عن أداء الممثلين وكل تفاصيل العرض الفنية والتقنية، وهو حسبه مرتبط بمدى نضج وصقل تجارب المخرج في مجال التمثيل وخبرته الميدانية وتكوينه الأكاديمي، وأيضا شساعة خياله وقدراته الابداعية. ويرى محدثنا بأن المسرح فرجة ومتعة ولا بد من إجراء دراسات سوسيولوجية لتحديد نوعية العروض التي يريدها الجمهور... وفي ظل الظروف الكئيبة الراهنة، تتغلب - حسبه - الكوميديا على التراجيديا لتصبح "الرسالة الوحيدة التي تبث كل الرسائل" على حد تعبيره، وأكد بأن أول تجربة له في مجال الإخراج وهي مسرحية "نزهة في غضب" ذات الطابع العبثي الحركي، تعكس جزءا من كيانه الفني والإنساني ويكفيه فخرا أنها حصدت أربع (04) جوائز في المهرجان الوطني للمسرح المحترف ومثلت - كما قال - الابداع الجزائري في المهرجان الدولي للمسرح المحترف وكممثل يعشق الأدوار الكوميدية لأنها ضد طبيعة شخصيته الخجولة وتجعله يبرز الوجه الآخر المغمور منها رافعا كل التحديات.. وقد حصد جائزة أفضل ممثل كوميدي في المهرجان الفكاهي لمدينة المدية في 2006 عن دوره في مسرحية "علامة استفهام" وشرح بأنه استفاد كثيرا من تربص اجراه بفرنسا وتأثر بالمنهج ال "بيوميكانيكي" المسرحي المعاصر واستثمر تقنياته في العديد من مسرحياته مع المحافظة على خصائص المجتمع والبيئة الجزائرية.. وهو يؤمن بأن التجريد ليس التغريب والتجديد ليس انسلاخا عن الهوية الوطنية وخصائصها وقد شكل عمله كمساعد مخرج لمسرحية عنوانها "ثلاثية بلغراد" في مونبولييه سنة 2003 مع مخرج ايطالي، منعطفا حاسما في مساره وعن جديده قال بأنه انجز مسرحية عنوانها "ميزيرية على الموضة" مع تعاونية "آية ملاك المسرحية الفنية" التي يسيرها الممثل مراد خان ولأن هذه المسرحية لم يتم تمويلها من أية جهة اتفقا على توزيعها في العديد من ولايات الوطن قبل تنظيم عرضها الشرفي يوم 30 نوفمبر الجاري بقاعة الهوقار بالعاصمة عكس باقي المسرحيات... مشيرا الى أنها مسرحية كوميدية شعبية تطرح العديد من الظواهر الاجتماعية كتبها سيد علي شافعي ويقدمها الثلاثي مراد خان، لويزة نعار وجعفر مشرنن. وعن مشاريعه قال بأنه سيقدم كمخرج في شهر جانفي القادم العرض الشرفي ل "مونودراما" وهو المصطلح المسرحي الحقيقي للمونولوج - كما أوضح - عنوانها "الغالية" مع تعاونية الرماح التي تسيرها الممثلة ريم تاعكوشت، وهي تجربة جديدة بدأ تجسيدها بمسرح "الشمس" الباريسي تعتمد على الكتابة الركحية للنص المسرحي أثناء العرض. وهذا العمل الذي يعتمد على الحركة باعتبارها اللغة المؤثرة على المسرح التي تغني عن كثرة الكلام وما يمكن أن يثيره من ملل لدى المتفرجين حظي بدعم وزارة الثقافة وهو من توقيع ريم تاعكوشت التي تقدم أول بطولة منفردة لها من هذا النوع. ومشروعه الثاني كمساعد مخرج سيكون عبر المسرح الوطني في جانفي المقبل أيضا مع المخرج حمة ملياني الى جانب تجسيد العديد من العروض المسرحية الأخرى في اطار تظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الاسلامية. وبالنسبة للأعمال التليفزيونية والسينمائية قال محدثنا بأنها لا تزال في مرحلة الوعود لهذا يركز كثيرا على المسرح الذي يفتح له فضاءات واسعة من الحرية والتحديات ويشهد تطورا نوعيا ملحوظا على غرار السينما ببلادنا.