هل ينجح الاشتراكيون في محو آثار "الساركوزية" على العلاقات الجزائرية الفرنسية يبدأ وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس اليوم الأحد زيارة عمل إلى الجزائر تدوم يومين، و التي تعد الأولى من نوعها إلى منطقة المغرب العربي و العالم العربي منذ توليه منصب الخارجية في حكومة الرئيس فرانسوا هولاند. هذه الزيارة التي تأتي غداة احتفال الجزائر بالذكرى الخمسين لاستقلالها ، تنطوي على أهمية خاصة بالنسبة للبلدين اللذين بدأت العلاقات بينهما تعرف بعض المقدمات لإضفاء حيوية جديدة عليها بعد وصول هولاند إلى الإليزي. مهمة فابيوس في الجزائر لن تكون سهلة بالنظر إلى تراكمات الآثار السلبية للسياسة المنتهجة سابقا من قبل الرئيس نيكولا ساركوزي و التي عمقت حالة التشنج في العلاقات الجزائرية الفرنسية، و بالنظر أيضا إلى الملفات الثقيلة العالقة التي سيتم بحثها بمناسبة هذه الزيارة سواء على المستوى الثنائي لاسيما ملفات الذاكرة، تنقل الأشخاص، الهجرة و الاستثمار، أو على مستوى مواقف البلدين من عدد من القضايا الراهنة على المستويين الإقليمي و الدولي و التي مازالت الخلافات بين البلدين في التعاطي معها قائمة.و في هذا الإطار ستكون الأزمة المالية بإفرازاتها على منطقة الساحل في صلب المحادثات بين الطرفين خلال هذه الزيارة الذي يظل التساؤل قائما بشأن حظوظها في إمكانية وضع العلاقات الجزائرية الفرنسية على الطريق الصحيح، وبالتالي محو الآثار السلبية لسياسة ساركوزي. وحسب بيان صادر عن وزارة الشؤون الخارجية ستكون هذه الزيارة "فرصة لوزيري خارجية البلدين لتقييم مدى تقدم مختلف ملفات العلاقة الثنائية التي التزم البلدان بإدراجها في إطار بناء شراكة متميزة و التي أكد على مبدئها الرئيسان عبد العزيز بوتفليقة و فرانسوا هولاند". و قد اعرب رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة في هذا السياق في برقية تهئنة إلى فرانسوا هولاند بعد إنتخابه في ماي الماضي رئيسا للجمهورية "عن تمام استعداده للعمل معه من أجل تعاون جزائري -فرنسي في مستوى امكانيات البلدين يتساوق مع ما للعلاقات بين البلدين من بعد إنساني و مع الشراكة الإستثنائية التي يطمح البلدان إلى بنائها". و أشار الرئيس بوتفليقة في ذات السياق إلى أن "التحديات التي تواجه المجموعة الدولية اليوم تدعو إلى تعميق الحوار السياسي بين البلدين و إلى ضم الجهود قصد تحقيق غايات السلم و الاستقرار و الرقي التي "ننشدها كما يقول الرئيس في فضائنا المتوسطي وعبر العالم". كما دعا رئيس الجمهورية إلى إخضاع الماضي بين الجزائر و فرنسا لفحص حصيف وشجاع يساهم في تعزيز العلاقات بين البلدين. و قال الرئيس بوتفليقة في برقية تهنئة إلى نظيره الفرنسي بمناسبة الاحتفال بالعيد الوطني لبلاده، أنه آن الأوان لإخضاع الماضي بين الجزائر و فرنسا لفحص "حصيف وشجاع" يساهم في تعزيز أواصر الإعتبار و الصداقة بين البلدين. من جهته أعرب الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند من خلال برقية تهنئة إلى رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة بمناسبة خمسينية استقلال الجزائر عن "إرادته في تعزيز الصداقة بين الجزائر و فرنسا". و أوضح الرئيس الفرنسي أن "التاريخ الطويل و المشترك خلق بين الجزائروفرنسا روابط مكثفة" يتعين من خلالها "المضي معا من أجل بناء هذه الشراكة". كما أكد على ضرورة "تعميق سياسة كلا البلدين حول المسائل الإقليمية و الدولية ذات الاهتمام المشترك و من أجل مواجهة التحديات بمنطقة المتوسط". من جهة أخرى وصفت وزارة الخارجية الفرنسية زيارة فابيوس إلى الجزائر بالأولى من نوعها لرئيس الديبلوماسة الفرنسية الى منطقة المغرب العربي و العالم العربي. وفي هذا الخصوص صرح الناطق باسم الوزارة بارنار فاليرو خلال ندوة صحفية أن هذه الزيارة "تؤكد الأهمية التي نوليها للعلاقات بين فرنسا و الجزائر" واصفا هذه العلاقات "بالمميزة بالنظر الى عمقها و كثافتها". و قال الناطق الرسمي أنه فيما يخص فرنسا فان الأمر يتعلق "بالإرادة في تعزيز نوعية حوارنا السياسي حول القضايا الدولية الهامة مع شركائنا الجزائريين" مضيفا أن الامر يتعلق "بإرادة و تطلعات مشتركة". و تابع "علاقاتنا الثنائية تتضمن بطبيعة الحال الجانب الاقتصادي و تطوير تعاوننا الثقافي و سلسلة كبيرة من النقاط التي سنعمل عليها سويا". و بخصوص الوضع على الصعيد الدولي، صرح الناطق الرسمي أنه سيتم أيضا التطرق الى الوضع بمنطقة الساحل و في سوريا و الاتحاد من أجل المتوسط" و بمعنى آخر الفضاء الواسع للتعاون بين شمال حوض المتوسط و جنوبه و كل القضايا الدولية الهامة الأخرى". و أشار الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية إلى أن زيارة فابيوس ستساهم أيضا في التحضير للزيارة التي سيقوم بها هولاند للجزائر و التي لم يتم بعد تحديد تاريخها.