البحبوحة المالية لن تدوم أكثر من سنتين إذا استمرت أسعار البترول في الانهيار قلل أمس رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي محمد الصغير بابس من حجم تأثير تراجع أسعار البترول على المخطط الوطني للتنمية، إلا أنه حذر في نفس الوقت من أن البحبوحة المالية التي تتمتع بها البلاد لا يمكن أن تدوم أكثر من سنتين في حالة استمرار انهيار أسعار النفط التي سيكون لها تأثيرها السلبي على مداخيل البلاد من العملة الصعبة، مشددا على ضرورة '' استحداث فضاءات اقتصادية جديدة خلاقة للثروة ومناصب الشغل الدائمة. وأكد السيد بابس أنه لا خطر على برامج المخطط الخماسي 2010 – 2014 في ظل التراجع الحالي لأسعار البترول، باعتبار أن البحبوحة المالية للبلاد مكنت من تسريح أغلبية القروض الخاصة بمختلف المشاريع التي دخلت حيز التنفيذ، غير أنه نبه إلى ضرورة متابعة هذا الملف بجدية وأخذ التصريحات التي سبق وأن أدلى بها كل من محافظ بنك الجزائر ووزيرا الطاقة والمالية وأيضا الرئيس المدير العام لمجمع سوناطراك حول آثار هبوط أسعار البترول على مداخيل البلاد، من العملة الصعبة، على محمل الجد. وفي سياق ذي صلة دعا رئيس المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي خلال استضافته في فوروم يومية '' ليبارتي ''، السلطات العمومية إلى '' تقييم دقيق وبصرامة أكبر '' للمخططات التنموية في المستقبل، حتى لا نقع في مأزق بسبب أي تأثير لانهيار أسعار النفط على مداخيل البلاد، داعيا بالمناسبة إلى ضرورة التوجه نحو إستراتيجية تنموية مبنية على اقتصاد منتج بديل عن البترول، خلاق للثروة ولمناصب الشغل الدائمة، وهذا من خلال العمل على تطوير مختلف شعب الإنتاج وإيلاء عناية اكبر للاقتصاد المبني على المعرفة والعلم، مبرزا في ذات الوقت أهمية دعم كل المشاريع الخاصة بإنشاء المؤسسات التي من شانها خلق القيمة المضافة ومناصب العمل، في القطاعات الهامة سيما من قبل الشباب المتخرج من المعاهد و مؤسسات التكوين، وتطوير قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الذي قال أنه أثبت نجاعته في امتصاص البطالة وخلق الثروة واستحداث كم كبير من مناصب الشغل عبر العالم وأشار إلى أن نسبة مساهمة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في خلق مناصب الشغل في الكثير من البلدان تراوحت بين 90 و92 بالمائة. وبخصوص السياسة الاجتماعية المتبعة حاليا قال محمد الصغير بابس أن الدولة حرصت على صيانة حقوق الإنسان الجزائري معتبرا أن الجزائر قد حققت الرقم القياسي في نسبة التحويلات الاجتماعية وبرامج الدعم الموجهة لمختلف الشرائح الاجتماعية لا سيما فئة الشباب والفئات الهشة الأخرى، معتبرا أن '' هذه السياسة لا يمكن أن تستمر بعد 10 أو 15 سنة، باعتبار أن كل ذلك قد تم تحقيقه بفضل مداخيل البترول ودعا إلى تغيير النظرة الحالية حول سياسة التشغيل وقال '' إننا نرحب بكل الإجراءات التي تم اتخاذها من أجل تشغيل مختلف الفئات الشبانية، لكن علينا أن نغير نظرتنا تجاه مختلف آليات التشغيل الموجهة للشباب وذلك بالتوجه نحو خلق مناصب الشغل الدائمة ''. تشكيل أفواج عمل مشتركة مع المركزية النقابية حول ملفات الأجور والبطالة والتضخم من جهة أخرى كشف السيد بابس بأن المجلس الوطني الاقتصادي والاتحاد العام للعمال الجزائريين قد قاما بتشكيل أفواج عمل مشتركة قال أنها تنكب حاليا على إجراء دراسات معمقة حول ثلاثة ملفات أساسية تتعلق بالأجور، التضخم والقدرة الشرائية وقال بأن عمل هذه اللجان سيتوج بوضع توصيات ورفعها إلى رئيس الجمهورية. وفي سياق ذي صلة أشار المتحدث إلى أن المجلس الوطني الاجتماعي قد رفع تقريرا يتضمن التوصيات التي تم وضعها في ختام الجلسات الجهوية الخاصة بدعم الحكامة التنموية، وإشراك المجتمع المدني في التنمية، مشيرا إلى أن ذات التوصيات تشمل كل جوانب التنمية الاقتصادية والتنمية الاجتماعية والتنمية الثقافية ، وحكامة الإقليم والعلاقة بين الهيئات المسؤولة، سواء على مستوى الإقليم أو البلدية والولاية إلى جانب العلاقة بين البلدية والولاية والبلدية والمواطنين والولاية والوزارات. وقال بابس أن هيئته تتوخى من تلك التوصيات أن تكون دعامة أساسية لترسيخ الديمقراطية التشاركية والمواطنة الفاعلة، سعيا إلى تحقيق تنمية محلية أفضل و تكييفها مع تطلعات الشعب تطبيقا لتوجيهات الرئيس بوتفليقة.