تعبئة شاملة في فرنسا تخوفا من هجمات إرهابية أعلنت فرنسا أمس حالة "تعبئة شاملة" لأجهزتها الأمنية بعد التهديدات التي أطلقتها القاعدة وتوعدت فيها بنقل المعركة إلى الأراضي الفرنسية انتقاما لضحايا الهجوم الفرنسي الموريطاني على عناصرها في الأراضي المالية في الثاني والعشرين من شهر جويلية الفارط وقالت الخارجية الفرنسية أن هذه الإجراءات جاءت بعد التهديدات الجديدة لمن أسمتهم بالقتلة. و أوضح الناطق باسم الكي دورسي برنار فاليرو أن هذه الإجراءات التي تهدف إلى حماية المواطنين المقيمين والعابرين وكذا التمثيليات الديبلوماسية "تفعل باستمرار تبعا لتقديرات الأخطار والتهديدات" وذكر ذات المصدر أن زيارة كوشنير إلى موريطانيا ومالي والنيجر جاءت في المقام الأول للغرض ذاته.وبخصوص الإجراءات الأمنية المتخذة داخل التراب الفرنسي كشفت مصالح الوزارة الأولى الفرنسية أمس الأول أن مخطط مكافحة الإرهاب "فيجي بيرات" قد تم تفعيله للفترة ما بين 2 أوت و15 سبتمبر. وتعتبر السلطات الأمنية الفرنسية التهديد الإرهابي مرتفعا بحسب ما ورد في تعليمة لمدير مكتب رئيس الشرطة التي أمرت بالإبقاء على المخطط المذكور في المستوى الأحمر، ودعت ذات التعليمة حسب ما نقلته أمس وكالة الأنباء الفرنسية إلى إجراءات حذر استثنائية في أماكن العبادة والمواقع السياحية ذات البعد الرمزي و الفضاءات التي تحتضن النشاطات الكبرى والمحلات الكبرى والمراكز التجارية.هذا التوجه الأمني الفرنسي جاء بعد تهديدين من تنظيم القاعدة الأول غداة تنفيذ الغارة الفرنسية الموريطانية على إحدى معاقل التنظيم في الأراضي المالية الشهر الماضي، حيث اتهمت القاعدة فرنسا ، بتنفيذ الهجوم في عز المفاوضات بين الطرفين من أجل إطلاق سراح الرهينة ميشال جيرمانو، الذي تم إعدامه في ضربة موجعة للمخابرات الفرنسية التي "لعبت وخسرت" في الساحل ومن خلفها الرئيس ساركوزي الذي حاول القيام بعملية عسكرية استعراضية لإنعاش شعبيته المنهارة، غير أن العملية جاءت بعكس ما أريد لها وفوق ذلك هزت صورة فرنسا لدى أصدقائها وخصومها على السواء، قبل أن يفيق الفرنسيون على مخاطر حقيقية من انتقال "إرهاب الساحل" إلى فرنسا بالذات كما توعد التنظيم أمس الأول في تهديده الثاني وهذه المرة على لسان قيادي التنظيم في موريطانيا عبد الرحمن أبو أنس الشنقيطي الذي وصف الرئيس ساركوزي بعدو الله وخاطبه قائلا: "لقد ضيعت الفرصة على نفسك وفتحت باب البلاء على بلدك" متوعدا بنقل المعركة إلى الأراضي الفرنسية كما خص "أبناء واعوان فرنسا النصرانية" في إشارة إلى المسؤولين الموريطانيين، بالوعيد ذاته. هذه التهديدات تعيد فرنسا إلى أجواء منتصف التسعينيات، التي ستكون عواقبها وخيمة على اليمين الحاكم والرئيس ساركوزي، على اعتبار انه حاول اللعب على طريقة ا لكبار في منطقة الساحل، غير انه مني بفشل ذريع هز صورة فرنسا وأثبت ضعف أجهزة استخباراتها و نخبها القتالية التي استقدمتها من أفغانستان لتنفيذ العملية المذكورة انطلاقا من الأراضي الموريتانية، قبل أن تقع في الفخ وتكتشف ضعف المعلومات الاستخبارية التي استندت إليها من البداية إلى النهاية، في منطقة لم تعد فرنسا اللاعب الوحيد فيها ، بل وربما استحقت صفة "اللاعب السيء". وفوق ذلك فإن ساركوزي "جلب البلاء" إلى فرنسا بالذات وأدخلها في حرب جديدة مع الجماعات الإرهابية التي حاولت باريس التعامل معها بطرق مريبة من خلال مشروع تقنين دفع الفدية الذي تم تمريره في وقت تسعى دول متضررة من الظاهرة لتجريم العملية بغرض تجفيف منابع الإرهاب. وسبق لساركوزي أن خسر الرهان حين ساند بطريقة عمياء حروب بوش عكس الكثير من نظرائه الأوروبيين، ليجد نفسه متسللا بعد رحيل المحافظين الجدد عن الحكم في أمريكا واخطر من ذلك وجد نفسه في وضع الشريك غير المرغوب فيه في عيون نزيل البيت الأبيض الجديد... وربما لذلك وغيره ستكون قفازات "اللاعب الكبير" غير ملائمة لساركوزي في منطقة الساحل و غيرها.