بئر لعينة تبتلع 9 أشخاص بينهم 5 أشقاء نفس البئر ابتلعت شقيقا آخر قبل 12عاما لقي صباح أمس تسعة أشخاص حتفهم اختناقا ببئر تقع داخل مسكن بمفترق الطرق الأربعة بقسنطينةو هم خمسة أشقاء و ابن عمهم و جارهم و عوني حماية مدنية اختنقوا جميعا بالغازات السامة المنبعثة من داخل البئر، فيما نجا ثلاثة آخرون في عملية إنقاذ استغرقت سبع ساعات. لحادثة وقعت في حدود الساعة التاسعة صباحا عندما اكتشف أفراد عائلة حبشيبقرية قادري إبراهيم،أن ابنهم شريف لم يخرج من بئر المسكنالذينزل لتنظيفه باستعمال محرك، ليقوم أحد أشقائه بالنزول لمحاولة إنقاذه لكنهما لم يخرجا معا،ليستنجد الأهل أولا بأحد جيرانهم و هوعون حماية مدنية تمكن من إخراج أحد الشقيقين لكن ميتا، و هو ما كان بالنسبة لهم بمثابةالصاعقةالتي جعلتهم يجازفون بحياتهم بالنزول للبئر اللعينة التي ابتلعتخمسة أشقاء من عائلة حبشي و هم شريف، جمال، سمير، طارق و عبد المجيد الذين لا يتعدى عمر أكبرهم 40 سنة و كلهم متزوجون و لهم أطفال، كما توفي بفعل الغازات السامة المنبعثة من البئرابن عمهم و جارهم كحولصاليح المتزوج أيضا، أما أعوان الحماية المدنية ،فقد لقي منهم إثنان مصرعهما و هما العون إبراهيمي فاروق البالغ من العمر 32 سنة و زميله طارق الذي يكبره بسنة فقط. "النصر" وصلت في حدود منتصف النهار إلى منزل عائلة حبشي الذي كان محاطا بعشرات المواطنين،تقدمنا إلى المكان و وجدنا عشرات أعوان الحماية المدنية و هم بصدد رفع الضحايا من البئر الواقعةفي مدخل المنزل و تحديدا تحت الدرج. البئر يزيد عمقه عن 14 مترا و قد كان ضيقا جدا ما صعب على أعوان الحماية عملية التدخل و انتشال الضحايا بحيث وقعت قارورات الأكسجين منهم لأكثر من مرة، و اضطروا لإحداث ثقب في الحائط لتسهيل العملية. لدى وصولنا كان أعوان الحماية المدنية قد انتشلوا جثث خمسة من الضحايا و قد واجهوا صعوبة في القيام بنفس العملية مع الثلاثة المتبقين، بحيث لم يتمكنوا من انتشال جثة أحد الإخوة و هو حبشي طارق الذي أخرج و جسمه أزرق اللون، إلا بعد ساعات طويلة نظرا لضيق البئر و عمقها، و قد تطلب ذلك تدخل خمسة غطاسين، استطاعوا بعد ذلك بنحو ربع ساعة من انتشال جثتي الشقيقين الآخرين و هما سمير المدعو "سمولي" وأخيه جمال. في هذه الأثناء بلغ مصالح الحماية المدنية نبأ وفاة زميلهم إبراهيمي فاروق الذي كان يستعد للزواج بعد أسابيع قليلة، و الذي لفظ أنفاسه الأخيرة في مستشفى علي منجلي بعد وقت قصير من وفاة زميله طارق 33 سنة جراء اختناقهما من الغازات السامة و ضعف نسبة الأكسجين داخل البئر، أعوان الحماية المدينة ذكروا أنه كان يتوجب على زميلهما التدخل و إنقاذ من هم في البئر إلى حين قدوم فرق الغطاسين، رغم أنهمغير متخصصين في الغطس و اعتبروهما من شهداء الواجب، في وقت تحدث مواطنون شهدوا عملية انتشالهما أنهما لقيا حتفهما بعد استعمال قارورتي غاز أكسجين فارغتين. والد الأشقاء الخمسة المتوفين و هو شيخ متقدم في السن بدا مصدوما و غير مصدق لما يحدث، و قال أنه طلب من ابنه شريف الذي نزل أولا إلى البئر من أجل تنظيفه، التراجع عن ذلك بعد أن شهدت العائلة حادثة وفاة فيه قبل 12 سنة، لكنه لم يستطع مواصلة الحديث إلينا و هو يترقب آملا خروج واحدا من فلذات كبده حيا. عملية الإنقاذ عرفت أجواء مليئة بالحزن و الترقب من قبل عائلات الضحايا و جيرانهم، الذين ذهلوا من هول الحادثة و لم يصدقوا أعينهم و هم يرون الضحايا ينتشلون جثثا هامدة الواحدة تلو الأخرى، في وقت لم يتوقف أعوان الحماية المدنية عن ذرف دموع الحزن على زميلهما طارق و فاروق و كم كان الموقف مؤثرا عندما خرج آخر غطاس من داخل البئر وسط تصفيقات المواطنين عرفانا له بالجهود التي بذلها في عملية إنقاذ استغرقت أزيد من سبع ساعات، كما بكى مطولا العونان الذين أشرفا على العملية منذ بدايتها و لم يستطيعا الوقوف من هول صدمة حاولا امتصاصها طيلة عملية شاهدا خلالها زميلين لهما يموتان. عائلة حبشي التي كانت تحضر في تلك الليلة لزفاف أقربائها، كان منزلها محاطا بمصابيح لن تشتغل من أجل زف عروسين بل لاحتضان جنازة خمسة إخوة و إبن عمهم و جارهم، ابتلعتهم بئر لعينة كان قد قضى فيه أحد أفراد عائلتهم و هو شقيقهم قبل نحو 12 سنة و كأن قدر شباب عائلة حبشي الذين لم يتبق منهم سوى اثنان، هو الموت في ذلك القبر، نساء العائلة لم يتحملن هول الصدمة حيث نقلت خمسة منهن تباعا إلى المستشفى و هن في حالة هسترية و في حالة إغماء. و لم تخل عمليات الانتشال من انتقادات أقارب الضحايا الذين كانوا تحت هول الصدمة، بحيث تحدث البعض عن تأخر أعوان الحماية المدنية بنصف ساعة تقريبا عن التدخل، و عن منعهم من استعمال الخراطيم لمنح الضحايا فرصة التنفس قبل مجيء أعوان الحماية المدنية، في وقت نفت مصالح الحماية ذلك و أكدت أنها تدخلت في الوقت المناسب و بذلت كل ما تملك من طاقة لإنقاذ من كانوا داخل البئر. ياسمين بوالجدري/تصوير : ع.عمور حالة طوارئ بمستشفى بن شريف عشرات الإغماءات، انهيارات و تجنيد عشرات الأطباء و الممرضين في يوم حزين عاش مستشفى الدكتور بن شريف عبد القادر بالمدينةالجديدة علي منجلي ببلدية الخروب بقسنطينة بداية من الحادية عشر صباحا من نهار أمس حالة طوارئ باستقبال 9 أشخاص لقوا حتفهم في الواقعة المأساوية التي شهدها بيت عائلة حبشي بحي مفترق الطرق الأربعة بعلي منجلي، ويتعلق الأمر بخمسة أشقاء من عائلة حبشي جمال، شريف، عبد المجيد، طارق و سمير، و ابن عمهم حسين المدعو فارس، ثم جارهم كحول صالح، و أخيرا عوني الحماية المدنية. عشرات الأفراد من عائلات الضحايا، وصلوا تباعا و كذا عناصر الحماية المدنية، الأمن و الدرك الوطني، فيما تجمع عشرات المواطنين أمام السياج الخارجي بالجهة العلوية لمشاهدة يرقبون سيارات الإسعاف تصل تباعا لنقل الضحايا الذين وصلوا المستشفى جثثا هامدة. المشهد تغير تماما عند الحادية عشر بداية وصول أول الضحايا إلى مصلحة الاستعجالات الطبية، أين تم نقل جثتي عوني الحماية المدنية المتوفيان و ثالثهم الذي تمكن الأطباء من انقاده من الموت ، ليتلقى عونان آخران علاجا مكن من حمايتهما أيضا بعد أن تدخلوا جميعا لانقاد أفراد عائلة حبشي و كحول بعد اختناقهم في البئر. الأوضاع بالمستشفى انقلبت و تغير السكون إلى فوضى و حالة طوارئ بوصول 4 أو 5 سيارات إسعاف دفعة ، لحقها على الفور عشرات في حالة من التأثر وهم يحاولون اقتحام غرف الفحص بالمصلحة، بكاء و صراخ كسر السكون الذي يصنعه مرضى المستشفى في يوم عطلة. و حسب من كانوا في عين المكان من سكان علي منجلي ممن انتابهم الفضول للاقتراب للوقوف على حقيقة الوضع و كذا بعض الأطباء و شبه الطبيين بالمستشفى، فقد دخل أهل الضحايا في شجار مع عناصر الحماية المدنية، ليتحول الشجار إلى الطاقم الطبي الذي حاول منعهم من دخول غرف الكشف، تدافع كبير و مضايقات للطاقم الطبي في محاولة الاطمئنان على أبنائهم، قبل أن يتدخل رجال الأمن و رجال الدرك الذين تمكنوا من السيطرة على الوضع إلى حين فحص الضحايا. مصلحة الاستعجالات الطبية تكفلت أيضا بالعشرات من أهل الضحايا الذين أصيبوا بإغماءات و انهيارات، و كان عدد كبير منهم يفترش الأرض و الكراسي بعد أن فقدوا وعيهم فور سماع خبر الوفاة، كما استقبلت المصلحة بعض النسوة أيضا من الأقارب. أقارب تحت الصدمة يتهمون الحماية المدنية بالتقصير فور وصولنا إلى مصلحة الاستعجالات وجدنا السيد سليمان كحول في إحدى الزوايا و معه رجل آخر، كان يبكي بحرقة كبيرة و هو حافي القدمين، بدا و كأنه خرج من ورشة عمل، هكذا فضل السيد سليمان مرافقة فلذة كبده صليح ذو ال28 ربيعا، اقتربنا منه لتعزيته، فأجهش بالبكاء و هو يطلب السماح من ابنه الذي قال بأنه كان يحضر لإنهاء أشغال تتعلق بتهيئة بيت شقيقه الذي يتزوج في الأيام القليلة المقبلة. "اشتريت كبشين لعرس أخيه، لأذبحهما في جنازته"، هكذا قال السيد سليمان و هو ينعي ابنه صليح و الأقارب يحاولون مواساته ، غير أن الصدمة الكبرى بدأت عند وصول أم الشبان الخمسة الذين ماتوا في بئر واحدة، أطلقت صرخة نزلت كالصاعقة على المستشفى، كانت هي الأخرى حافية و أحد الجيران يضمها و يقول لها لا تقلقي إن أبناءك بخير في محاولة لتهدئتها، غير أن الهدوء لم يدم أكثر من بضع ثوان، لتبدأ في بكاء حرك الأرض من أم تحترق لفقدان 5 شبان في ريعان الشباب، المصاب لم يكن هينا و أدخل الأم في حالة من فقدان للوعي استدعى إخضاعها للعناية الطبية، لتفيق و تواصل البكاء . أهل الضحايا كانوا يبكون حينا و يصمتون حينا آخر، يحاولون مواساة بعضهم البعض و يوجهون اتهامات لأعوان الحماية المدنية الذين قالوا بأنهم اقتحموا الحرب دون عدة، حيث دخلوا حسبهم البئر بقارورات أوكسيجين فارغة، و قالوا بأنها لو كانت ممتلئة لتم انقاذ بعض الضحايا على الأقل و لنجوا هم أيضا من الموت، فيما قال أحد أعوان الحماية المدنية بأن السبب لم يكن غياب الأوكسجين و إنما الغازات التي انبعثت من المحرك هي التي قتلت الجميع دون استثناء. البلدية تصف البئر بغير المطابقة و مدير المستشفى يعلن حالة طوارئ وصف البئر بغير المطابقة، هكذا كان رأي ممثل رئيس بلدية الخروب السيد خليد مراد الذي كان شاهدا على عملية إخراج الضحايا، قال بأن خلق بئر أسفل الدرج غير منطقي و اعتبره السبب الرئيسي في الكارثة، و أضاف بأن غياب الدراسة المختصة في مثل هذه المشاريع غالبا ما يتسبب في كوارث تودي بحياة الكثيرين. أما مدير المستشفى الذي قطع عطلته و دخل المستشفى، فقد انتقد تصرفات بعض أهل الضحايا الذين دفعهم الحزن و الغضب إلى القيام بسلوكات وصفها بغير الضرورية في وقت كهذا يتطلب مساعدة الجميع، و كشف عن تجنيد 10 أطباء بين الفريق المناوب و الاستعانة بأطباء كانوا في عطلة و دخلوا المصلحة في ثيابهم العادية لمحاولة انقاذ الضحايا، أما الأطباء فقد بدوا متفهمين لحال أفراد عائلات الضحايا و قالوا بأنهم اتبعوا كل الطرق لتفادي تسجيل أي مناوشات أو شجارات. و عند الثانية زوالا، بدأ الطاقم الطبي في إخراج جثث الضحايا الواحدة تلو الأخرى، ليتعالى الصراخ و البكاء و الركض وراء الضحايا لتوديعهم بعد أن غابوا دون سابق إنذار، في مشهد مروع. غادرنا المستشفى و تركنا الأهل يبكون أبناءهم بحرقة تزيد عمقا كلما أخرجت جثة، فيما خرج الطاقم الطبي و كأنه كان يجري عملية جراحية دقيقة، أما سكان علي منجلي فقد استمروا في وقوفهم خارج المستشفى و التأثر باد على وجوههم.