أرفض بلوغ العالمية التي تجردني من هويتي العربية أخوض معركة شرسة ضد مشاريع إسرائيلية لطمس الموروث الثقافي الفلسطيني قالت المطربة الفلسطينية سناء موسى مغنية فرقة "نوا أثر "التراثية للنصر على هامش المهرجان الدولي للإنشاد بقسنطينة ، أنها ترفض الوصول إلى العالمية إذا كانت ستجردها من هويتها العربية و الفلسطينية، مشيرة إلى أنها تخوض كفنانة معركة شرسة ضد مشاريع إسرائيلية تهدف لطمس الهوية و التاريخ العربي من خلال محو الموروث الثقافي الفلسطيني . من هي سناء موسى و ما هو التوجه الموسيقى لفرقة "نوا أثر "؟ - أفضل بدأ الحديث مباشرة عن فرقتي الموسيقية المتكونة من كل من العازف سامر الجردات، سامر طوطح، صفوان كنانة و محمد موسى أخي وأنا مغنية الفرقة و مطربة فلسطينية شابة مولعة بالأغاني القديمة و التراثية التي كانت ترددها جدتي لي في طفولتي بصدق كبير و بإحساس عميق. فرقة "نوا أثر "التي يعني إسمها مقام عربي جميل جدا و لكنه مع الأسف نادر الإستعمال، تقدم العديد من اللوحات المتميزة من التراث الفلسطيني القديم بالإضافة إلى أغاني وطنية كانت تغنيها النسوة للمحارب أو المقاتل لحظة مغادرته البيت لتشجعه على المقاومة و لتصبر نفسها عن فراقه في نفس الوقت، و التي استرجعت الإنتفاضة الأولى و الثانية بعضها بكثير من الحماس كوسيلة مقاومة فنية أصيلة. ماذا تعني لكم زيارتكم الأولى للجزائر و أيضا الإحتفال معها بالذكرى الخمسين للإستقلال؟ - شرف كبير لنا أن نغني للجزائر في ذكرى انتصارها و تحررها من مخالب الإستعمار، خاصة أن هذا البلد لطالما كان حليف فلسطين و قضيتها، و وقف معها في كل الأوقات الصعبة و نصرها ظالمة أو مظلومة و هذا ما يزيد من حبنا و تقديرنا كفلسطينيين للجزائر الشريفة، و قد جئت مع فرقتي بمجموعة من الأغاني الجزائرية الوطنية تحية منا لهذا الشعب الأبي منها أغنية "من جبالنا "إلى جانب بعض الأغاني الفلسطينية الوطنية. برأيك ما هو دور الأغاني التراثية الثقافية في تعزيز و تقوية الهوية العربية؟ - كل ما هو تراثي يعتبر بالنسبة لي جزءا مهما من هويتنا، لأن التراث هو لبنة الأساس في قلب الثقافة العربية و الفلسطينية على وجه التحديد، و هذا ما تحاول العولمة من جهة و إسرائيل من جهة أخرى طمسه فينا، و لمواجهة هذا الخطر الجسيم يجب من وجهة نظري التمسك أكثر بموروثنا، فهذه معركة شرسة جدا ضد العديد من المشاريع الخطيرة التي تحاك ضدنا مهمتها محو الهوية العربية في الموسيقى و في كل شيء عموما، لمنع شعوبنا من المحافظة على هويتهم و خصوصياتهم الإجتماعية، لكي نصبح مثلهم نعيش في فضاء مبهم إسمه العولمة، ليس لدينا معالم واضحة أو ماضي عريق و خاصة دون تاريخ أو تراث يثبت للملأ وجودنا على أراضينا منذ فجر الحياة. ماذا يعجبك في الموسيقى الجزائرية؟ - أحب كثيرا الشعر الملحون و المالوف، حاليا هذا ما وصلني منها و لكنني طبعا أعرف أن هناك تعددا كبيرا في الموسيقى و اللهجات و غيرها من الفسيفساء الموسيقية و التاريخية و الإجتماعية ، كما لدي فكرة أيضا عن الأغنية الشبانية و الرايوية التي لها فضل كبير في جذب الإهتمام نحو الطبوع الموسيقية الجزائرية الأخرى، و شخصيا أهتم كثيرا بالأغاني الصوفية الجزائرية، و أعتقد أنها ستؤثر بشكل ما على غنائي مستقبلا. كيف تصفين يومياتك كمواطنة فلسطينية تتعايش باستمرار مع الحصار و التضييق الإسرائيلي على كل مناطق فلسطين و أيضا "بيت لحم "مكان إقامتك؟ - يوميات المواطن الفلسطيني الذي يعيش داخل البلد، فيها الكثير من القوة الضرورية للتعامل مع أبسط الأشياء في الحياة لأن كل شيء معقد في فلسطين، فمثلا أنا أعيش هاجس يومي للمرور من الحاجز الإسرائيلي، رغم أننا في بيت لحم نعتبر أفضل حالا من غزة المحاصرة و المقفلة كليا و التي تتعرض باستمرار للكثير من الإعتداءات ، إلا أنني أحتاج للتنقل من "بيت لحم "إلى "رام الله "ساعة و نصف على الأقل بينما يفترض أن أصل في غضون نصف ساعة فقط لألتقي بباقي أعضاء الفرقة للتدرب أو إقامة حفل. كيف إستطعت أن تعيشي هذه التجربة الفنية المميزة و أنت في بلد محتل كفلسطين مع كل الضغوط التي تعيشينها يوميا؟ - ببساطة و بصراحة شديدة أنا و فرقتي نملك إصرارا كبيرا على الإستمرار رغم كل الشيء، لأن هذا الصوت الذي يمثل صوت فلسطين و حضارتها و تراثها يجب أن يصل إلى أبعد حد ليسمعه الجميع و يصدح في كل مكان، خاصة أنها أغاني تراثية تؤدى بصبغة جديدة و توزيعات موسيقية مختلفة يحبها الشباب، نستمدها من التنوع الكبير الذي تعرفه الموسيقى الفلسطينية. ما الذي يميز الموسيقى الفلسطينية في نظرك؟ - الموسيقى الفلسطينية متنوعة جدا بمقاماتها العديدة و أشهرها مقام "البيات "و "الحجاز «، فمنطقة الجليل الأعلى تتأثر أكثر بالموسيقى السورية و اللبنانية، أما المنطقة الجنوبية للوطن فتتأثر أكثر بمصر، و هذا ما يخلق لدينا تأثيرات و أنماط موسيقية مختلفة. هل فكرت يوما في الهجرة من فلسطين و العيش في مكان آخر أكثر أمنا و سلاما؟ -لا بديل لي عن فلسطين، فهي بلدي الذي أرتبط به و بالمكان الذي ولدت به جغرافيا، قد أعيش حالات حضانة مؤقتة في بلدان عربية أو أجنبية أعود بعدها حتما لأشم رائحة بلدي و أستقر فيه. صرحت في ندوة صحفية على هامش المهرجان بأن ألبوم "إشراق» هو نتاج سنتين من البحث في الموسيقى التراثية الفلسطينية، حدثينا قليلا عنه؟ - ألبوم "إشراق "هو أول أعمالنا صدر سنة 2010، و يتضمن العديد من الأغاني التراثية التي جمعناها من بعض القرى الفسلطينية الغربية، من بينها أغاني تتغنى بطقوس الزواج المقدسة في فلسطين لدرجة أن الشهيد الذي يتوفى قبل أن يتزوج يزف إلى قبره كأنه عريس. كما أحضر الآن مع الفرقة للألبوم الثاني الذي سيتضمن هو الآخر العديد من المونولوجات النسائية التراثية، و سيكون فيه تشابك موسيقي عربي و مغاربي كبير. ألا تتطلعين لإنجاز أغاني خاصة بك مستقبلا؟ - بالنسبة لي الأغاني التراثية أيضا تتجدد عندما أغنيها بأسلوبي الخاص، و لكن الألبوم القادم سيكون إنشاء الله جديدا كليا دون أن أبتعد تماما عن التراث، فليس من الممكن أن يخلع المرء جلده مرة واحدة، و أفكر في الإتجاه نحو القصيدة لأن هناك العديد من النصوص الشعرية التي تخاطبني خاصة للشاعر محمود درويش و لكتاب آخرين. هل تطمحين لإيصال الأغنية التراثية الفلسطينية للعالمية ؟ - العالمية مهمة صعبة جدا، و لهذا أنا أتساءل ماذا سيكون ثمن هذه العالمية؟ فإذا كان أن أتنازل أو أتخلى عن بعض مبادئي و شخصيتي العربية بكل تفاصيلها، فأنا لا أريدها لأنها ستجردني من جوهر هويتي التي أعتبرها هدفي الأساسي و مضمون رسالتي الفنية.