يجتهد الصائمون في الساعات الأخيرة قبل الإفطار في ابتكار طرق جديدة لتمضية الوقت في نهار رمضان الحار، فمنهم من يفضل الخروج للتسوق و شراء مستلزمات الطبخ ، و منهم من يفضل ممارسة بعض أنواع الرياضة أو القيام بجولة بالسيارة ، في حين يفضل الكثير من أصحاب السيارات ، التشمير على سواعدهم لتولي مهمة غسلها بمفردهم ، للاستمتاع بجو منعش وسط المياه الباردة ، وفي نفس الوقت التغلب على رتابة الوقت وانتظار موعد الأذان . و قد أصبح من المألوف مشاهدة عملية تنظيف السيارات على حواف الطرقات أو في بعض الأماكن التي تتوفر بها مصادر المياه بمدينة قسنطينة والتي تكون ملفتة أكثر في شهر رمضان ، حيث يلاحظ اصطفاف العديد من السيارات الواحدة تلو الأخرى ، خاصة على مستوى الطريق الرابط بين الجامعة المركزية ومعهد زرزارة ، والتي يقوم ركابها بغسلها باستغلال المياه المتسربة من منحدرات الجامعة والتي تجري على طول حافة الطريق. بعض المواطنين تعودوا يوميا على غسل سياراتهم على حافة الطريق المؤدي للجامعة، مستفيدين من غزارة المياه المجانية ، كما يقول الشاب لمين الذي أخبرنا أنه يأتي كل يومين إلى المكان في شهر رمضان بعد أن كان يأتي مرة أو مرتين في الأسبوع خلال الصيف، يركن سيارته السوداء التي تتسخ بسرعة بفعل الغبار، على حافة الطريق و يقوم بتنظيفها: " أنا آتي إلى هنا كل يومين لتنظيف سيارتي، أحضر معي دلو صغير لأملأ به الماء من الجدول الضيق الذي يجري فيه و إسفنجة لمسح الغبار عن السيارة و تنظيفها جيدا من الداخل و الخارج " . والسائق سمير هو الآخر من بين المدمنين على غسل سيارته بنفسه في الخارج، حيث لا يمر عليه أسبوع دون أن يغسل سيارته مرتين على الأقل، على حافة نفس الطريق، مشيرا انه بذلك يحافظ دوما على نظافتها و يوفر الثمن الذي كان سيدفعه لأحد محطات " الغسل و التشحيم " ( 30 دينارا على الأقل) و التي قد تشتري له حسب رأيه، دجاجة أو تملأ قفة خضر أو فواكه للإفطار. و هو الرأي الذي يشاطره فيه جلال الذي يقول أنه تقريبا في نهاية كل يوم عمل، يقوم بغسل سيارته بالقرب من المؤسسة التي يعمل فيها ، مستعملا دلوا أو اثنان يملؤهما من حنفية المؤسسة، مشيرا انه بذلك يوفر كثيرا من مصاريف السيارة: "النقود التي يمكن أن ادفعها في التنظيف قد تنفعني لملء خزان السيارة من البنزين أو قد أشتري بها شيئا لأولادي عند عودتي إلى البيت" .وجود مصادر للمياه في عدة مناطق في قسنطينة ساعد في انتشار ظاهرة غسل السيارات في الخارج ، و التي يعتبرها الكثير من السائقين طريقة مجدية للتوفير و وسيلة مفيدة للتسلية في أيام رمضان الطويلة ، حيث لاحظنا أن الكثير منهم يستمتعون بشدة أثناء الغسل ، و أخبرنا بعضهم أنهم يحملون دائما في الصندوق الخلفي للسيارة الوسائل التي يستعملونها للتنظيف. كما يقول السائق حمودي الذي تعود على الذهاب لجلب الماء من عيون المنابع الطبيعية و الاستفادة في نفس الوقت من مياهها لغسل سيارته : " لماذا أخذ سيارتي لمحطة الغسل و التشحيم إذا كان الماء و الوقت متوفرين و أنا قادر على تنظيفها بنفسي و الاستمتاع بوقتي مع برودة الجو في آخر اليوم ".