مركبات خردة تستغل ك"محشاشات" بعدة أحياء شعبية أبدى عدد من المواطنين تذمرهم من استمرار ظاهرة السيارات الخردة و هياكل المركبات الصدئة التي بالإضافة إلى تشويهها للمنظر العام، باتت تشكل خطرا أكيدا على صحتهم و صحة أطفالهم بعد تحوّلها إلى مكان لرمى النفايات و وكرا للقوارض و كذا المنحرفين و المدمنين الذين ضاعفوا قلق السكان، سيّما بعد تزايد ترّدد أشخاص غرباء و مشبوهين على ما يطلقون عليه اسم"المحشاشة" بالكثير من أحياء قسنطينة. هياكل مركبات قديمة مهترئة يعود عمر بعضها إلى حوالي نصف قرن، عاث بها الصدأ و بات يهدد حياة كل من يقترب منها و بالأخص الأطفال الذين جعلوا منها مكانا للعب في غياب المرافق و الفضاءات المخصصة لذلك، فيما تتحوّل ليلا إلى مرتع للمدمنين و المنحرفين الذين باتوا يفرضون قوانينهم الخاصة، مما حتم على السكان عدم التأخر خارج بيوتهم خوفا من التعرض للاعتداءات مثلما أسر لنا بعض المواطنين بكل من حي واد الحد و جنان الزيتون و القماص..و غيرها من الأحياء الأكثر تسجيلا لظاهرة التخلي عن السيارات الخربة بمختلف الأحجام و الأنواع. شاحنات مهملة تتحوّل إلى مأوى للمنحرفين و وكرا للجرذان و خلال تجوّلنا بين عدد من الأحياء بقسنطينة وقفنا على انتشار الظاهرة بالعديد من الأحياء القديمة و الجديدة و تفاقمها بشكل ملفت بالأحياء الشعبية، أين لاحظنا تذمرا كبيرا في أوساط السكان الذين اشتكوا مما وصفوه ب"شاليهات المنحرفين"، حيث أسر بعض من تحدثنا إليهم استغلال بعض المدمنين و أصحاب السوابق لهذه المركبات المهملة و تحويلها إلى ما أماكن يجتمعون فيها لممارسة الأمور المشبوهة من تعاطي مخدرات و استهلاك الخمور و غيرها من السلوكات التي تفاقمت مع الوقت و باتت تشكل خطرا حقيقيا على السكان سيّما بعد تزايد تردّد الغرباء على أحيائهم و تسجيل شجارات عنيفة فيما بينهم من حين لآخر باستعمال السيوف و الشواقير مثلما حدث منذ أيام بحي جنان الزيتون، حيث أكد لنا مواطنون عيشهم ليلة رعب جرّاء تشابك مجهولين جاءوا من حي مجاور يعتقد البعض أنهم من حي بوذراع صالح مع مجموعة من حيهم. و استطرد أحد الشيوخ بنبرة استياء بأن حادثة الأسبوع المنصرم ليست بالجديدة على حيّهم بل تكاد تكون عادية لتكرّرها باستمرار في غياب الأمن و استمرار استغلال المنحرفين للأجواء المشجعة على انتشار الرذيلة حسبه. و علّق شيخ آخر بلهجة غضبة بأن"الحي لم يعد يطلق عليه اسم جنان الزيتون و إنما جنان المخدرات"إشارة إلى انتشار هذه الآفة بحيهم معتبرا بأن المركبات الخربة ساهمت بشكل كبير في تفاقمها لما وجده فيها المدمنون من مكان ملائم للإيواء و إخفاء المخدرات. و ذكر مجموعة من الشباب الذين ظنوا في البداية أننا من لجنة خاصة بالسكن أو بالمحلات التجارية بأن انعدام الإنارة بحي بيدي لويزة أزم الأمر أكثر و جعل من أمر الخروج ليلا مجازفة حقيقية لتنوّع المخاطر التي تتهدّد حياتهم بين خطر الجرذان الضخمة كما وصفوها و الكلاب المتشرّدة التي تجد في القمامة المتخلفة عن باعة الخضر هناك الظروف الملائمة لانتشارها، بالإضافة إلى الأمور المشبوهة التي رفضوا التحدث عنها يمكن خوفا من العواقب، لكننا فهمنا ضمنيا أنها تتعلّق بالمدمنين الذين تحدث عنهم عدد من شيوخ الحي قبلهم و كشفوا لنا أماكن تجمعهم بين بعض المركبات الخربة. شاحنات ب8000دج تحوّل إلى محلات لبيع الخضر و ليست كل هياكل الشاحنات القديمة بحي بيدي لويزة (جنان الزيتون)مهملة أو متخلى عنها كليا، بل أغلبها تستغل صباحا كمحلات لبيع الخضر رغم حالتها المتقدمة جدا من الصدأ و منظرها المشوّه للمنظر العام لهذا الحي القديم الذي لا زال سكانه يحلمون بالتفاتة من السلطات لتخليصهم من معاناتهم التي طالت على حد تعبير بعضهم. و أكد بعض أصحاب المركبات القديمة و التي يغلب عليها نوع "فولزفاغن"بأنهم اشتروها بأسعار تتراوح بين 8000و 10000دج لاستغلالها كعربة متنقلة لبيع الخضر لكنهم فضلوا الاستقرار في الحي و ذلك منذ سنوات بعيدة بأمل الفوز بفرصة الحصول على محل تجاري. و علّق أحد الشباب الذي سألناه عن عمر أقدم مركبة ركنت بحيهم قائلا:" أظنها تعود لسنوات "سيسي لو فو"،أي وقف القتال في الثورة الجزائرية ،في شارة إلى طول استمرار الظاهرة التي أكد الكثيرون أنها تزيد عن العهدين. و قال بعض الباعة أنهم غير راضين على الوضع هم أيضا، لكنهم لم يجدوا حلا آخر بعد سقوط مشروع المحلات التجارية التي وعدوا بها في الماء جرّاء عدم مطابقة المحلات التي دفعوا كل ما يملكون حسبهم من أجل الحصول عليها للمواصفات المتفق عليها، الشيء الذي جعلهم يبقون بالسوق الفوضوي إلى حين إيجاد حل لهم كما قالوا. واد الحد و القماص مقبرة المركبات الخربة و لا يختلف واقع حي جنان الزيتون كثيرا عن غيره من الأحياء الشعبية من حيث عدد هياكل المركبات القديمة المرمية و المركونة منذ سنوات بعيدة دون تدخل أي جهة من الجهات لإزالتها و تخليص المكان من منظرها المشوّه و خطر إصابة من قد يجرحه معدنها الصدئ بالتيتانوس أو داء الكزاز، مثلما قال عدد من سكان حي واد الحد الذين التفوا حولنا لنقل معاناتهم من هذه الظاهرة التي قالوا أنها أرهقتهم لما تلحقه بهم من أدى و شبهات طالت الحي لكثرة ترّدد المدمنين و المشبوهين عليها خاصة في فصل الشتاء ، حيث جعلوا منها مأوى لهم من البرد و عيون الأمن ليبقى السكان يعانون طيشهم و الفوضى التي يتسببون فيها باستمرار من ضوضاء و بالأخص ليلا تحت تأثير الخمر و المخدرات. و قال البعض و هم يشيرون لمركبة جهزت كخيمة بأن الوضع بات لا يحتمل لا سيّما يعد تسجيل تزايد الاعتداءات على السكان الذين باتوا يخشون على حياتهم و حياة أطفالهم في ظل انتشار ظاهرة الاختطاف، خاصة و أن الحي يعاني من انعدام الإنارة العمومية منذ فترة طويلة رغم اتصالاتهم المتكرّرة و الشكاوي المقدمة للجهات المختصة بهذا الشأن. و قال عدد من المواطنين بما فيهم أصحاب المحلات التجارية بأن هذه المركبات و بالإضافة إلى جذبها للمشبوهين حوّلت مع الوقت إلى أماكن لرمي النفايات ليس من طرف سكان الحي وحدهم بل حتى من خارج الحي، حيث يتفاجأون باستمرار بوصول سيارات لرمي القمامة و الردم أمام هذه الهياكل القديمة أو داخلها، ناهيك عن استغلال بعض المنحرفين لها لإخفاء الممنوعات بداخلها حسبهم. و ناشد السكان بمختلف الأحياء التي تشهد انتشار المركبات الخربة بها إلى ضرورة تدخل السلطات للحد من الظاهرة و عبروا عن أملهم في قيام الجهات المعنية سواء على مستوى البلدية أو الأمن بجولات دائمة ومراقبة تلك السيارات والعمل على إزالتها أو معاقبة مالكيها بالغرامات والمخالفات القانونية المنصوص عليها للكف من انتشارها، حتى لا تبقى ملجأ لأصحاب السوابق و المشبوهين يجعلون منها مسكنا في الليل و آماكن يخفون فيها الممنوعات و إلا بما يفسّر اجتماعهم الدائم عندها في الساعات المتأخرة من الليل على حد رأي عدد من المواطنين. و أسر البعض بأنهم يحذرون أطفالهم باستمرار بعدم اللعب حولها أو بالقرب منها لأنهم يجلهون ما قد تخفيه من جرذان أو سموم قد تقع خطأ في أيدي صغارهم، كما باتوا يخشونها أكثر بعد حادثة اختطاف الطفلين ابراهيم و هارون، معتبرين مثل هذه الأماكن بمصدر مهم لتنامي الجريمة. أحياء سكنية تتحوّل إلى ورشات مفتوحة لتصليح الحافلات القديمة كما تعرف عديد الأحياء السكنية بقسنطينة ظاهرة انتشار الورشات المفتوحة لتصليح الحافلات القديمة و ما ينجم عن ذلك من تشويه و توسيخ للمحيط، و هو ما اشتكى منه الكثير من السكان بمختلف الأحياء نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر جبل الوحش، لابوم...و غيرها. و تساءل البعض عن تأخر تدخل الجهات المعنية لسحب هذه المركبات من الوسط العمراني و نقلها إلى الفضاءات المخصصة للخردة "فيراي". و قد حاولنا الاتصال بالبلدية لنقل انشغالات المواطنين لكن بعض المسؤولين هناك أكدوا لنا بأن ذلك من مهام أمن الطرقات الذي تعذّر علينا الاتصال بهم.