خبراء و مختصون يشرّحون واقع الجامعة الجزائرية زيادة في الهياكل، انفجار في عدد الطلبة وتراجع في المستوى شهدت الجامعة الجزائرية منذ الاستقلال إلى يومنا هذا تحولات كبيرة يراها البعض إيجابية من حيث الهياكل التي تم توفيرها والتطور العددي للطلبة بينما يكاد يحدث إجماع على أن الجامعة اليوم لم تعد جامعة الأمس وأن الطالب المتحصل على ليسانس فما فوق غير قادر حتى على تحرير طلب عمل ولا يعرف عن مجال تخصصه سوى عموميات، وإن كان البعض يرى بأن الأمر يتعلق بظاهرة عالمية فإن هذا لا يلغي حقيقة وجود اختلالات لها علاقة بمستوى التكوين في أطوار تسبق مرحلة الجامعة وبما أسماه الأستاذة و المسؤولون بنقص الانضباط. أعدت الملف: نرجس كرميش تصوير /ع. عمور / شريف قليب الرسوب يكاد يتحول إلى حالة نادرة ببعض التخصصات لكن المدرجات لم تعد تمتلئ في كل المحاضرات و الغيابات نادرا ما تكون سببا في الإقصاء على كثرتها بسبب مرونة لها ما يبررها احيانا لكنها في أغلب الحالات تساهلا كانت نتيجته استخفاف الطالب بالحضور، وقد لمسنا أثناء تحقيقنا أن الطلبة يفضلون مقاهي الأنترنت او شاشات أجهزتهم الخاصة بدل " تضييع الوقت في الجامعة" لكن اللافت عند القيام بجولة بسيطة بجامعات قسنطينة أن عدد من يتجولون أثناء وقت الدراسة يفوق بكثير من يلتحقون بالدروس، إلى درجة أن الجامعة المركزية مثلا أصبحت وجهة للتنزه حتى بالنسبة لمن لا علاقة لهم بالمكان. ومن المفارقات التي لا نجدها إلا في الجزائر أن الطالب اليوم لم يعد يكتفي بتخصص واحد، حيث يخلط بين الطب واللغات وبين التقني و الأدبي وقد نجده يدرس بقسنطينة و عنابة في نفس الوقت ويحصل على شهادتي ليسانس في وقت واحد بمعدلات متقاربة، ما يجعلنا نتساءل هل أصبح لدينا جيل جديد من الطلبة الخارقين للعادة أم ان الشهادة نفسها تحولت إلى أمر يتطلب فقط عملية حسابية وتوليفة قد تنتهي بطالب عادي إلى درجة أستاذ. هي أسئلة طرحناها ووجدنا أثناء تحقيقنا إجابات على بعض جوانبها بينما ظلت الكثير من الأشياء بلا تفسير حتى وان كنا قد لمسنا لدى الجهات المسؤولة محاولات لتبرير الوضع فإن أساتذة وطلبة اجمعوا على أن الجامعة ليست بخير. رئيس جامعة قسنطينة 2 محمد الهادي لطرش جامعاتنا تفتقد إلى الصرامة وتراجع المستوى ظاهرة عالمية رفض رئيس جامعة قسنطينة 2 نعت مستوى الجامعة الجزائرية بالرديء و اعتبر ذلك حكما جزافيا لكنه في نفس الوقت قال بأن بلادنا لا تتوفر على المقاييس الدولية المستخدمة لقياس المستوى، وقال أنه يجري وضع شبكات لهذا الغرض، مؤكدا بأن التراجع هاجسا دوليا لكنه اعترف بوجود مشكل لغات ونقص الثقافة العامة لدى الطالب الجزائري وغياب ما يسمى بمشروع لكل طالب، كما أنه انتقد لجوء طلبة إلى دراسة أكثر من تخصص في وقت واحد ويرى أنه أمر غير ممكن بيداغوجيا. الأستاذ لطرش دافع عن اختيار الجامعة الشعبية الذي انتهجته الجزائر وأفاد أن الكم يولد الكيف وأن الطالب الجزائري له مكانة في الجامعات الدولية وأن هناك طلبة عباقرة رغم ما يثار من جدل حول المستوى العام. يكاد يكون هناك إجماع على أن مستوى الجامعة الجزائرية في تراجع مستمر؟ عندما نتحدث عن المستوى لابد من وضع مقاييس للحكم هناك مقاييس دولية يعمل بها و نحن لا يمكننا أن نبقى معزولين عن العالم ، تلك المقاييس الغرض منها تحسين المستوى والحصول على اعتراف.. ببلادنا هناك اتجاه نحو الاهتمام بالجودة ووضع مقاييس للتقييم. وإلى أن يتم وضع تلك المقاييس ما هو تشخيصكم كأستاذ ورئيس جامعة للمستوى الحالي؟ الجامعة الجزائرية مبنية على اختيار أساسي وهو جامعة جماهيرية لعامة الشعب ما جعل عدد طلبتنا يفوق أربع مرات عدد طلبة دولة شقيقة ومتقاربة مع الجزائر من حيث المعطيات الديموغرافية وهي المغرب، أعداد المسجلين في الدكتوراه عندنا يقدر ب60 ألف طالب، وهو رقم قريب من المعدل الفرنسي ، هذا الاختيار عمره الآن 50 سنة. لكن هناك من يرى بأن الجانب العددي يطغى ويؤثر على المستوى العام للجامعة؟ الوزارة تحاول منذ سنوات أن تخلق أقطاب امتياز باستحداث مدارس عليا، هناك مجهودات جبارة لاستقطاب النخبة، لا يمكننا أن نطلق أحكاما عامة وجزافية ونعتبر مشكل المستوى استثناء جزائريا، لأن الانشغال مطروح في كل مكان لان دول العالم تهتم بالمنظومة التربوية، فأمريكا طرح بها ما يطرح حاليا بالجزائر من جدل في الثمانينات و قد أعدت نخبة من السيناتورات تقريرا تحت عنوان أمريكا في خطر و فوجئوا بأن هناك من تلاميذ الثانويات من لا يحسنون كتابة أسماءهم، لذلك في الجزائر لا يمكننا الحكم قبل وضع مؤشرات قياس حقيقية. ألا ترى أن الجامعة الجزائرية لم تعد تصنع طلبة عباقرة أو متميزين؟ حاليا الأشياء تغيرت والأستاذ ما هو سوى موصل للمعلومة، الوسائل تغيرت والطرق كذلك وحتى الدهنيات، لكن فرديا لا يزال هناك "عباقرة" ، في كل الشعوب توجد مواهب ومن لديهم جدية، مثلا 99 بالمئة من الطلبة يفضلون النوم يوم السبت لكن هناك فئة تتنقل إلى الجامعة وتدرس بالمكتبة وهناك من يشاركون في مقابلات دولية. ألم يقضي مفهوم الجماهيرية على الجامعة؟ في رأي بعض المنظرين الكم يخلق النوع. لكن سلبياته أكثر من إيجابياته؟ لا يمكننا أن نغامر و نقول أن جامعتنا في المستوى العالمي حتى وان كان التصنيف يضع بعض الجامعات الجزائرية في مراتب أحسن من جامعات أوروبية . إذا أين تتموقع جامعتنا بالضبط؟ عندما نتكلم عن الجودة هناك من يقصد الطريق إلى الجودة، وهو أن يكون لكل طالب مشروع خاص ونتحدث عن الجودة مهما كان التخصص ، لو أننا نصل إلى نسبة 30 بالمائة من هذا الهدف تصبح الشمس تشرق من الجامعة. وما صحة ما يقال حول الوضع الكارثي وما هي عيوب التعليم العالي ببلادنا؟ لا أعتقد أن الوضع كارثي على الأقل أنا كأستاذ لم ألاحظ ذلك ، لكننا بحاجة إلى صرامة و التزام بيداغوجي نفقدهما بجامعاتنا لدينا تدهور في هذا الجانب كما أن ظاهرة الاحتجاجات أثرت على السير العادي للدراسة. هناك من يتخذ من نسب النجاح مؤشرا للحكم هل يمكن تطبيق هذه القاعدة عندنا؟ نسبة النجاح تختلف حسب الشعب والتخصصات وتكون كارثية في بعض تخصصات العلوم والتكنولوجيا مثلا أو ممتازة في تخصصات أخرى هل هذا يعني أن المستوى سيء في هذا التخصص ورديء في الآخر.. لا بد من مرجعيات لتحديد ذلك وحاليا نحن لا نتوفر على هذه المرجعيات ونحن بصدد وضعها حتى نتمكن من تقييم أنفسنا . لكن الطالب الجزائري اليوم يبدو غير ملم بتخصصه ولا تتوفر لديه ثقافة عامة؟ صحيح في السنوات الماضية كانت اهتمامات الطالب بالثقافة العامة أكبر وهذا ليس مشكل الجامعة بل المجمتع ككل لذلك نحن بحاجة إلى سياسة وطنية وصرامة بيداغوجية. نلاحظ أن الجامعة الجزائرية يغلب عليها الطابع الاجتماعي كما يغلب على مختلف مناحي الحياة عندنا؟ الجامعة بمثابة المدينة أو البلد نجد فيها كل شيء، هناك الأستاذ الذي يتعامل بالعاطفة والعلاقات الخاصة لكن التعميم لا يجوز والطريقة الوحيدة التي تمكننا من تأكيد الأمر أو نفيه هي خلق شبكات للتقييم ونحن بصدد وضعها. تشهد الجزائر تراجعا كبيرا في التحكم في اللغات بالنسبة لخريجي الجامعات ما سببه؟ الانشغال مطروح في العالم بأكمله، حتى فرنسا لديها مشكلة تحكم في اللغة الفرنسية وحتى هنا لا يمكننا ان نحكم للأسباب التي سبق وأن طرحتها، توجد دول لديها مرصد لمتابعة خريجي الجامعات، ومادامت بلادنا لا تتوفر على هكذا هيئات لا يمكننا أن نحكم إلا أن هذا لا يلغي حقيقة أن لدينا مشكلة تحكم في اللغات يدخل ضمن سياق عالمي بسبب التوقف عن الكتابة العادية والتواصل بواسطة جملة متقطعة ورموز وأرقام تقلب إلى حروف وغيرها حقيقة هناك تراجع في اللغات لان ممارسات اللغة تغيرت، لكن اللغة إرث يبدأ من المدرسة ، الجامعة تدفع الكثير لتعليم اللغات في كل التخصصات لكن لو قمنا بتقييم أو حصيلة حول مدى تحكم الطالب في اللغة نجده منعدما كما أن الابتعاد عن ممارسة اللغة في الحياة اليومية ومراحل مختلفة من الحياة اثر. هناك حديث عن تراجع أخلاقي داخل الجامعة لدينا مشاكل تأديبية تطرح في السنوات الأولى للطالب تتعلق بالغش والتهور في المعاملة ونوع من العنف لكنها تتلاشى تدريجيا بمجرد اندماج الطالب في نسق الجامعة . لماذا يبرز الطالب الجزائري بالجامعات الأجنبية ولا يحقق ذاته بالجامعة الجزائرية. صحيح أن طلبتنا يبرزون بالخارج ومنهم من يتحصلون على جوائز وتقدير أساتذة وباحثين ، الطالب الممتاز هنا يجد مكانته هناك بسهولة وهذا يؤكد أنه يكون جاهزا وان تفوقه حقيقي وان الجامعة الجزائرية لديها إمكانيات لتوفير شروط تدريس تتيح التميز وإبراز القدرات. حاولنا في بعض الجامعات أن نضع مشروعا شخصيا ومهنيا للطالب وهي فكرة بدأنا في الحديث عنها العام الماضي، وكما أن هناك متفوقين هناك طلبة مكانهم خارج الجامعة. في السنوات الأخيرة برزت ظاهرة الدراسة في أكثر من تخصص بالنسبة للطالب الواحد هل يمكن تحقق ذلك بيداغوجيا؟ غير معقول بيداغوجيا أن يستطيع الطالب دراسة أكثر من تخصص في وقت واحد ، هو أمر مستحيل حتى مع الطالب العبقري فما بالك بالعادي أكثر من ذلك هناك من يدرسون في جامعتين بولايتي مختلفتين في آن واحد و يتحصلون على شهادتين أو أكثر في نفس الوقت، الأمر يتطلب إخضاع قوائم الحاصلين على بكالوريا أحرار للرقابة لمنع المحاولات لأن ذلك غير منطقي ولا يتقبله أي عقل كما أنه أمر منهك للطالب. عادة ما يكون توجه الطالب نحو تخصص ما اختيار خارج عن إرادته ويخضع لرغبات الأولياء؟ الفرد الجزائري لديه نقص فضول في المعلومات التي تخص حياته العملية والمهنية لذلك نجد أنه يخضع لرغبة الولي عند الحصول على البكالوريا لقلة معلوماته حول الفروع أو ما يريد أن يفعله في حياته وهذا راجع لانعدام مشروع شخصي للشباب. الباحث في علم الاجتماع عبد المجيد مرداسي التعريب استخدم كآلية للسلطة على حساب اللغة كل الاختلالات السياسية تنعكس على تسيير الجامعات يقول الباحث في عمل الاجتماع الدكتورعبد المجيد مرداسي أن الجامعة الجزائرية كارثة من كل الجوانب ويحمل مسؤولية التراجع إلى الجيل الذي أشرف على عملية التعريب والذي كان حسبه منشغلا بخدمة المصالح الخاصة، كما انتقد هيمنة السياسي على البيداغوجي و سجل تراجعا في اهتمامات الطالب ونظرته للجامعة على أنها مجرد محطة للحصول على شهادة. حيث يقول أن الجامعة أكبر كارثة منذ استقلال الجزائر وفي كل الجوانب تنظيمية بيداغوجية وأخلاقية، مضيفا أن كل الإختلالات التي عرفها الجانب السياسي تتجسد في تسيير الجامعات، وبالنسبة لظروف التكوين فإن الجامعة تخضع، حسبه، إلى قوانين وظروف متعلقة بالتسجيل وسير التدريس ومن ضمنها أيضا الغيابات . الجامعة لن تتحسن إن لم يعد النظر في المنظومة التربوية لذلك فإن المشكل في مسار التكوين من البداية أي من المدرسة، قائلا "أنا في بداية الأمر كنت من دعاة تعريب الجامعة" لأنه، وحسب تصوره، اللغة العربية لها شرعية، كانت موجودة في برنامج الحركة الوطنية، ، ولا يمكن أن نحمل العربية مسؤولية الإختلالات كون القضية لا علاقة لها باللغة العربية وبقدرة اللغة على استيعاب الحركة الفكرية بل لها علاقة مباشرة بسوسيولوجية الجزائر، ويرى أن المعربين أنفسهم لم يدافعوا عن العربية ، وأن الذين استفادوا من التعريب فعلوا ذلك على حساب اللغة نفسها أي أنهم استعملوا اللغة وما يحيط بها كمصدر لترقية مداخيلهم وحتى يتحصلون على مناصب، أي أن التعريب بالنسبة للبعض كان مجرد آلية للسلطة . الأستاذ مرداسي عاد بنا إلى فترة السبعينات أين كانت الجامعة الجزائرية، برأيه، في حالة جيدة كونها كانت تجربة جديدة و تم دعمها آنذاك بالمتعاونين الأجانب في عدة مجالات كبلدان أوروبا الشرقية وروسيا ما جعل الأمور تسير في الاتجاه الصحيح وبرحيل الأجانب تم سد الفراغ بإطارات جزائرية قليلة العدد والتجربة في وقت حدث فيه نمو ديموغرافي كبير للطلبة، ويعتبر المتحدث ملمح الكم الحاصل ببلادنا غير منطقي لان أحسن الجامعات في العالم لا يزيد عدد طلبتها عن 25 ألف وبالجزائر نجد بالجامعة الواحدة كقسنطينة مثلا الرقم وصل إلى 90 ألف طالب، مشيرا أنه في فترة ما وجه البروفيسور أبركان تقريرا تقيميا لكلية الطب وخلصت لجنة من الخبراء بعد خبراء تحليلها للتكوين الطبي الجزائر وحددوا سقف 800 طالب سنويا فقط الآن الرقم يتعدى 1200 طالب. الأمر أيضا له علاقة، حسب الباحث في علم الاجتماع، بعوامل سياسية كون الجزائر شهدت أزمة سياسية انتقلت إلى الجامعة لكنه في نفس الوقت يرى ان الجزائر لا تعد استثناء لأن هناك بلدان أخرى عاشت نفس الوضع. الأستاذ مرداسي يؤكد أن الاعتماد التام على الطاقات الجزائرية لا يجب النظر إلى نقائصه عدديا بل من زاوية مستوى تكوينهم وقدرتهم على التدريس والبحث التي كانت ضئيلة، زيادة على ما يقول عنه طغيان السياسة على الجامعة من حركات يسارية وإسلامية، وحاليا الجامعة كما يراها محدثنا مجرد "ديبلوم" في نظر الطالب لكنه لا يلغي تأثير ظروف معيشة الطالب كعوائق النقل والإطعام ما يجعل الجامعة الجزائرية تدخل في حالة جمود بداية من الساعة الثالثة لأن الحافلة لا تنتظر الطالب بل هو من يبرمج نفسه على أوقاتها، زيادة على تراجع دائرة اهتمامات الطالب وتغير العادات حيث كان الطلبة سابقا يشكلون جيلا واعيا له قناعات وله أثر في المجمتع ولهم أماكن يلتقون بها مثل "كافي ريش" بقسنطينة أما اليوم فالولاية بها 100 ألف طالب لا يوجد فضاء واحد يجتمعون به منذ 30 سنة ولا يوجد نقاش علمي جاد. محدثنا يطرح أيضا إشكالية التخطيط والتكوين مستدلا بنظام ألمدي مثلا الذي يقول أنه لم يناقش وهو عبارة فقط عن نموذج نقل من أوروبا لا ينسجم والمعطيات الجزائرية مؤكدا أن" الجزائر تشهد تراجعا كبيرا في مستوى التكوين" زيادة على عدم التكيف مع المعطيات الاقتصادية وما يتطلبه سوق العمل. ملخصا كلامه أن الجامعة هي الحل وهي المشكل. عبد المالك بن مخلوف مدير مخبر أمراض الحيوانات وتسيير التكاثر بجامعة قسنطينة الجامعة تحولت إلى دار حضانة و الامتحانات الاستدراكية طريقة تحايلية لرفع المعدلات وصف الأستاذ عبد المالك بن مخلوف الجامعة بأنها مجرد دار حضانة لكائنات غير مجتهدة مكتفية بالحضور الجسماني ومتفننة في أساليب الغش والتواطؤ في شكل مجموعات لضمان حد أدنى من الحضور، معتبرا الإنقاذ بمثابة تزوير غير مباشر تكون نتيجته نجاح جماعي، وسجل المتحدث حالة من اللاجدية في التعامل مع العقوبات و الغيابات، وهو وضع أنتج جيلا من الطلبة لا يتقنون سوى الحفظ ويتخرجون رغم عدم توفرهم على الحد الأدنى في مجال تخصصهم. يرى الباحث والأستاذ بن مخلوف أن إشكالية تراجع مستوى الطالب الجزائري لها عدة جوانب وأنها تبدأ بصدمة أولى عندما يحصل الطالب على البكالوريا حيث يجد نفسه في التسجيلات أمام اختيارات لا تدخل ضمن دائرة اهتماماته ليبدأ في البحث عن دائرة معارف وعلاقات تقربه إلى تخصص يلامس طموحاته مشيرا بأن هناك تركيز على تخصصات معينة كان يختار أغلبية الحاصلين على بكالوريا علوم تخصصي طب وجراحة أسنان وصيدلة تكيفا مع سوق العمل. و"من لم يسعفه الحظ في تحقيق ذلك يسجل بالجامعة ويعيد البكالوريا ثم يسجل في اختصاصين أو ثلاثة في نفس الوقت" وهو أمر برأي الأستاذ غير منطقي أرجعه إلى كون الأولياء غالبا ما يكونون عامل تأثير على الاختيار وبنسب تتعدى 80 بالمائة مضيفا أن وضع الحاصل على البكالوريا أمام عشرة اختيارات أمر غير منطقي ومشتت للطالب. وبعد الاستقرار على تخصص طوعيا أو إجباريا يطرح أثناء الدراسة مشكل الحجم الساعي ويبدو من أول سنة، وفق تحليل الأستاذ بن مخلوف، أن لدى الأغلبية مشكل لغة لأنهم درسوا بالعربية ، كما أن ظاهرة الحفظ مؤثرة على المستوى حسب ما سجله طيلة سنوات من مساره التدريسي، لكن المتحدث يشدد على ضرورة أخذ بعين الاعتبار طبيعة الحياة الاجتماعية للطالب المثقلة بالطوابير و ظروف إيواء صعبة تؤثر كما يقول على مردوده. بالنسبة للعلاقات ما بين الطلبة قال الباحث في مجال البيطرة أنها عبارة عن مجموعات صغيرة تحكمها الألوان و الجهوية تتعاون في ما بينها بتصوير الدروس ووضع خارطة طريق وعمل تشاركي حول كيفيات الحضور وما لا يجب حضوره مشيرا بأن المستوى لم يعد يهمهم. كأستاذ درس لسنوات طويلة في تخصص علمي، لاحظ مصدرنا، أن الطلبة غير المقيمين أقل جدية في الحضور و المواظبة وكشف بأن هناك طرق مبتكرة للغش، كالكتابة على الماصة وهو روق شفاف يلف فيه التبغ إضافة إلى تقنيات جديدة، كالمحمول وسماعات الهاتف والبلوثوث مسجلا تطور وسائل الغش وفق التطور التكنولوجي لكنه أيضا يحمل مسؤولية الأمر إلى ما أسماه بنقص الصرامة في العقاب قائلا" أن من تصدر بحقهم عقوبات يتم العفو" مقدما مثالا حدث بمعهد البيطرة لطالبة تعاملت بعصبية مع أستاذ ٌقال أنها عوقبت بعام في حين أن طالبا ضبط متلبسا بالغش تحصل على إنذار فقط. ويستغرب الأستاذ ظاهرة بعض نتائج المداولات حيث نادرا ما يوجد راسبون معلقا" السنة الرابعة والخامسة للموسم الماضي لم يرسب أحد إلى درجة أن طالبة كانت متأكدة بأنها راسبة تبين أنها نجحت فأغمي عليها. و يعتبر المتحدث الإنقاذ بمثابة تزوير غير مباشر لأنه يشمل فئات لا يمكنها أن تنجح كون الامتحان الشمولي و الاستدراكي يستعمل كطريقة تحايلية لرفع المعدلات ويرى أن مؤشرات النجاح غير متجانسة طيلة السنة حيث تكون في جوان 10 بالمائة ثم 50 بالمائة ف100 بالمائة نهاية السنة. مشكل اللغات عويص على حد تعبير رئيس مخبر أمراض الحيوانات و"يجب إعادة النظر في المصطلحات وطريقة تدريس اللغات وطرق التقييم" معتقدا أن نظام التقييم يؤثر على الحضور ومعتبرا الأسئلة الاختيارية أسلوبا غير أكاديمي كما أن "حفظ الإجابات النموذجية لأسئلة تتكرر كل سنة مطروح بحدة في مختلف التخصصات". الحل في وجهة نظر الأستاذ يكمن في لا بد من فتح نقاش حول التقييم وفتح قوس جديد حول احترام الرتب التدريسية عند إسناد منح المحاضرات والدروس مع احترام التخصص الذي لا نجده فعليا في منح الحصص مع تسجيل حالة من اللاتجانس بين المحاضرات والدروس، الغيابات أيضا يتم التعامل معها باستخفاف على حد قول الأستاذ مخلوف الذي أكد أنها حيث تسجل ثم تحذف نهاية السنة وكأن الجامعة عبارة عن حاضنة أطفال والنتيجة أن من يتخرجون ليسوا جاهزين لان تكوينهم غير مكتمل ويعتمدون في إعداد البحوث والمذكرات على الغش والسرقة و الاستنساخ وسلخ الكتب ما جعل فئة قليلة جدا من الطلبة تجتهد، مشيرا أنه سابقا كنا نجد أذكياء جدا و عباقرة "الآن لا يوجد متفوقون، نادرا ما يكون لدينا طلبة خارقون للعادة رغم أن العصر يوفر كافة الإمكانيات". محدثنا لخص وضع الطلبة بأنهم يحفظون عن ظهر قلب ولا يدرسون بطريقة منهجية زيادة على انعدام التربصات الجادة كما أن الهيئات الجامعية لا تقوم بدورها في تحليل المعطيات و النتائج وتحديد الإختلالات وفهم أسباب عزوف الطلبة عن الدروس و اكتفائهم بالحضور الجسماني فقط أيام الامتحانات. قطاع التعليم العالي بالجزائر خلال خمسين سنة 92 مؤسسة جامعية و عدد الطلبة يتضاعف بألف مرة وفق وثيقة صدرت عن وزارة التعليم العالي بمناسبة خمسينية الاستقلال في شكل كتاب فإن تعداد الطلب الذي كان سنة 1961 محصورا في 1317 طالبا مسجلا بجامعة الجزائر وملحقتيها في كل من وهران و قسنطينة قد تضاعف ب1000 مرة ليصبح بذلك العدد الإجمالي للطلبة أكثر من مليون طالب موزعين على 92 مؤسسة للتعليم العالي من جامعات و مراكز جامعية و مدارس عبر 48 ولاية، وأكثر من 1000 مخبر بحث و30 مركز بحث و47 ألف أستاذ. وكان عدد المسجلين في مرحلة ما بعد التدرج سنة 1962 ،156 طالب ليقفز إلى 60617 طالب سنة 2011 ،وتضاعف عدد الأساتذة المؤطرين ب 48 مرة من سنة 1962 إلى 2011 ، وبدا من خلال الدراسة التطور الكبير لعدد الإناث إذ لم تكن تتجاوز نسبتهن سنة 1971، 23 بالمائة لتصل سنة 2011 59 بالمائة. و قد مرت منظومة التعليم العالي بالجزائر بثلاثة مراحل أساسية أولها خلق جامعة جزائرية مباشرة بعد الاستقلال ليتم سنة 1971 إقرار إصلاحات جذرية ،وجاءت آخر مرحلة من الإصلاحات بعد فتح نقاش وطني سنتي 2001 و2002 وإقرار ما يسمى بإستراتيجية عشرية للإصلاحات شرع فيها سنة 2004، على ضوئها تم إقرار نظام الألمدي الذي رفضه الكثير من الأكاديميين وتقول تنظيمات طلابية أن الجامعة الجزائرية لا تتوفر على ما يتطلبه من وسائل. وكانت وزارة التعليم العالي قد اعترفت في تقرير صدر سنة 2007 أن النظام التوجيهي الممركز خلف إختلالات وتطرقت إلى ضعف المردود و انتقدت الوثيقة الأحجام الساعية التي وصفتها بالضاغطة وفي نفس الوقت تحدثت عن قصر الزمن البيداغوجي مقارنة بالمعايير الدولية، الهيكلة تم نعتها بالمعقدة، ووصفت النصوص بالغموض مع التطرق إلى غياب تام للمعايير نتج عنه انغلاق الفروع ، وتم الاعتراف بضعف مردودية التكوين وغياب التناغم بين البحث والتكوين. اشتكوا من مشكلة اللغة وأعلنوا عن استبدال الأستاذ بالأنترنت طلبة ينددون بالمحاباة والتوريث والدروس المتكررة أساتذة يقضون الوقت في الحديث عن الأكل وحياتهم الخاصة ! يعترف العديد من الطلبة بأنهم لا يتعلمون الكثير في الجامعة وأن الأنترنت قد تحول إلى بديل عن أستاذة اتهموا بعضهم بالعجز والبعض الآخر بالتقصير وقال لنا كثيرون أن الجامعة لا تخلو من مظاهر المحسوبية والمحاباة وأن التوريث حقيقة. الحديث مع الطلبة يعطي صورة مغايرة تماما عن الجامعة التي نراها من بعيد ونحكم على ما هو ظاهر منها فقط، فقد بدا الكثير ممن تحدثنا إليهم على وعي كبير بأن مستواهم في تراجع ومنهم من اعترفوا بأنهم لا يبدلون الكثير من المجهودات تجانسا مع حالة من انعدام الصرامة ونقص الجدية، حتى أن البعض أكدوا بأن الصورة المثالية للجامعة تبددت بمجرد دخول أولى المحاضرات. حيث قال لنا طلبة يدرسون تخصص أدب عربي، أن مشكلتهم بدأت مع التوجيه ، حيث أنهم لم يختاروا التخصص ، بل أن منهم من لا علاقة له بالعربية، و علق أحدهم "أنه وجه خطأ وأن الأدب العربي أبعد ما يكون عن دائرة اهتماماته ومع ذلك حاول أن يدرس لكنه وجد نفسه أمام أساتذة يتعاملون مع الطالب بعقدة التفوق وينسون انهم كانوا طلبة، بل ولا يبذلون أي جهد كي يجعلونه يحب التخصص"، وأضافت أخرى أنها كانت تميل للأدب لكن طريقة التلقين و إجبارية الحفظ وفرض مراجع من تأليف الأستاذ حولت الدراسة إلى عبء ثقيل، وراحت أخرى إلى أبعد من ذلك بالقول أن هناك أساتذة يقضون الوقت في الحديث عن الأكل وحياتهم الخاصة بدل التدريس وعند منح النقاط يتعاملون بسياسة المحاباة ومنهم من لا يكلف نفسه حتى عناء التصحيح. طلبة الإنجليزية لم يكن رأيهم مختلفا لكن الإشكالية في نظرهم تكمن في أن منهم من لم يتحدث بالإنجليزية مرة واحدة طيلة مساره الدراسي حتى بعد بلوغ بعضهم مرحلة الماستر، حيث اعترفت طالبة بالقول" أنا إلى اليوم استحي من التحدث بالإنجليزية لأن الأستاذ يتهكم ويفسح المجال لبقية الطلبة للسخرية ممن لديهم ضعف"، والغريب، حسب ما جمعناه من تصريحات، أن دروس الإنجليزية تشرح بالفرنسية والكلام عادة ما يكون بالدارجة داخل القسم، وما لفت انتباهنا أثناء الحديث مع طلبة اللغات أن الكثيرين منهم قد سجلوا في مراكز خاصة لتحسين اللغة لأنهم كما يؤكدون" غير قادرين على تعلمها داخل الجامعة، والأكثر غرابة أن طلبة لغة فرنسية لم يخفوا حقيقة قضاء وقت أطول بالمركز الثقافي الفرنسي على حساب الحصص التدريسية وقالوا أن أساتذة الفرنسية يتعاملون بقسوة مع ضعفهم رغم أن المشكل ناتج عن عدم تلقيهم للقاعدة المطلوبة أثناء الأطوار التعليمية الأولى وقال لنا طلبة غير مقيمين أنهم أكثر ضحايا مشكلة اللغة. طلبة الحقوق كانوا أكثر صراحة بالقول أنهم يعتمدون قاعدة الحفظ وفقط لأن الأستاذ يطلب ذلك ومنهم من أكد أن التوجيه كان إجباريا لضعف المعدل وفقط وهو نفس ما قاله طلبة التاريخ الذين فوجئنا أن أغلبهم كانوا يحتقرون التخصص، وقد بدا طلبة الإعلام والعلوم السياسية الذين اقتربنا منهم أكثر حبا لمجال تخصصهم لكن لمسنا أنهم يفتقرون إلى الثقافة العامة، حيث أن منهم من يجهل ما يجري في الحياة السياسية وبرر صحفيو المستقبل عدم إطلاعهم على الإخبار بضيق الوقت . التخصصات العلمية أيضا تطرح بها مشكلة لغة قالت لنا طالبات بيو كيمياء أنها أصبحت عائقا كبيرا أمامهم لأنهم وقبل دخول الجامعة درسوا بالعربية ودفعة واحدة يطلب منهم استعمال الفرنسية التي يتقنها عدد قليل منهم، حيث قالت لنا طالبة ماستر أنها من منطقة ريفية وان الفرنسية تكاد أن تشكل عقدة لها ولزملاء لهم نفس الظروف، حيث انها تمنعهم من النقاش وطرح أسئلة او حتى عرض أفكارهم على أساتذة مؤطرين أثناء إعداد البحوث، وقالت زميلة لها أن كثافة البرنامج حالت دون تلقي دروس مكثفة لتحسين اللغة زيادة على طرح مشكل نقص الجانب التطبيق في التخصصات المخبرية. اللغة أيضا أصبحت تطرح بكلية الطب التي ظلت لاحظنا أن اغلب طلبتها نادرا ما يستخدمون اللغة الفرنسية في حديثهم لكن جدية الموجهين لهذا الفرع تجعلهم يبدلون مجهودات أكبر حتى وان طرح عدد ممن اقتربنا منهم مطلب التعريب. ولم يخف الطلبة كونهم غير ملمين بالتخصصات لضعف وسائل التدريس وأشار عدد منهم أن المشكل في الأساتذة الذين لا يحسنون إيصال المعلومة بينما تكتفي فئة أخرى بمطبوعات أو رؤوس أقلام، وهناك من قال لنا أن بعض الأساتذة يطلبون إخراج الدروس من الأنترنت مباشرة. وعن الغيابات أكدوا انها تسجل للبعض دون البعض الآخر وان هناك طلبة لا يرونهم إلا أيام الامتحانات ونددوا بما أسموه بظاهرة التوريث ويرون انه ليس من باب الصدفة ان يكون أبناء الأستاذة من الأوائل والمحظوظين في مسابقات الماجستير. الطلابي الحر يتحدث عن تحول الطالب إلى آلة للحفظ ويكشف الصراع السياسي اختفى من الجامعة بعد تلاشي اليسار مديرون جلبوا مغنيات ملاهي والسلفية خطر على الجامعة يرى الأمين العام للإتحاد العام الطلابي الحر نواسة عبد الله أن الجامعة الجزائرية لا تزال فتية وقد حققت مكاسب يجب أن تثمن لكنها عرفت بعض السقطات و الإختلالات وهذا راجع إلى أسباب كثيرة. الأسباب تتمثل، حسب رأيه، في الأزمات التي عاشتها الجزائر والتي أدت إلى أن لا تكون الجامعة أولوية وطنية بحيث كان الاهتمام الأكبر موجها نحو الأمن الوطني، ومع ذلك يقول أن الجامعة قد حققت مكاسب في بعض النواحي، عدديا الجزائر بها 56 جامعة و28 مدرسة وطنية وهذا شيء إيجابي واصفا الهياكل المنجزة بأنها في المستوى ويمكن أن تواكب التحولات ليبقى العنصر البشري هو المشكل وفق وجهة نظره ، حيث يرى أن التسيير يجب أن يطور بتكوين كل العاملين في القطاع حتى يتسنى لهم التعامل بطريقة حضارية ومثلى مع الطلبة. المتحدث يفضل عدم التهور في الحكم على مستوى الجامعة ويقول أن الأمر نسبي لوجود مناهج في المستوى وإمكانيات بشرية والتحسن يتطلب تظافر جهود الجميع من طلبة وأساتذة وإداريين، ويعتبر أن أكبر تحدي للجامعة هو توجهها إلى تحقيق الجودة في التكوين، لأن "الكفاءات متوفرة وما يجب إعادة النظر فيه هو كيفية استغلالها لأن الجودة مبنية أساسا على الرؤية" مضيفا أنه يجب ان تكون هناك هيئة تقيم للجامعة يجب مع نهاية كل سنة أو فصل تقدم تصورا وتقييما يرتب الجامعات، ووفق هذا الترتيب تقدم الإمكانيات، ويعتبر الطلابي الحر منح نفس الإمكانيات لجامعات ذات مستويات متفاوتة أمر غير منطقي مؤكدا أن هناك جامعات لا تكتمل البرامج لكنها تحصل على الميزانيات وهي حالة من اللاعدل، لذلك يجب التعامل ، حسب طرحه، مع الجامعات التي تنتج ولها أثر إيجابي لتثمين المجهودات ولخلق التنافس في ما يتعلق بالجودة والتعامل مع المسؤولين. تراجع مستوى الطالب الجزائري أرجعه "نواسة عبد الله" إلى تراجع عام في سلم القيم بالمجتمع الجزائري مشيرا بأن الطالب أصبح يبحث عن الحد الأدنى و لا يسعى للتفوق و هذا راجع ،حسبه، إلى طريقة التدريس لان المنظومة العلمية عندنا مبنية على التلقين تحت قاعدة "بضاعتكم ترد إليكم" وهو "خطأ منهجي حول الطالب إلى آلة حفظ يفتقد إلى الثقافة العامة" ، مشيرا بأن الطلابي الحر لطالما طالب بالجودة وبخلق جامعة إلكترونية تمهيدا لحكومة إلكترونية لترقية مستوى الجامعة ، وفسر المتحدث الاختلالات الحاصلة بكون الأستاذ في النظم السابقة لا يراقب مع الدعوى إلى خلق نظام تفتيش في الجامعة لمراقبة الأداء وكيفية إلقاء الدروس وطرق التلقين. تقييم الجامعة، حسب محدثنا، يكون في زمانه ومكانه ولا يمكن الإبقاء على نظم سابقة "لا بد من التجدد وإجراء إصلاحات كل خمس سنوات" مع التأكيد على أن لكل منظومة عيوبها ومحاسنها في زمانها الذي طبقت فيه، وعن المستوى قال أنه أمر نسبي لكن أكد أن هناك طلبة جزائريون لهم مكانة في الخارج والمؤسسات التي يشتغلون فيها بعد التخرج ، ويرى أن ما يروج حول الجامعة مضخم معترفا بوجود اختلالات يرى أن حلها يكون بطرحها ومناقشتها لكن القول بأن الجامعة خطر على المجتمع خطأ تقديري، وفق تصوره، لأن هناك جامعات في المستوى وأخرى ضعيفة . وتبقى الجامعة معرضة لتأثيرات المجتمع، حسب ما صرح لنا به الأمين العام للتنظيم الطلابي الأكثر انتقادا لوضع الجامعة، ومعترفا بأن جامعاتنا طالتها ظواهر غريبة تخص الطلبة والأساتذة ، وعن مشكلة اللغات يرى الطلابي الحر أن حلها يكون بإتمام التعريب على إن لا يكون ذلك بطريقة عشوائية بل أكاديمية منظمة مع التفتح على اللغات، مفسرا مشكل صعوبة التحكم في اللغات بالتأطير ومؤكدا أن هناك أساتذة لغة فرنسية وإنجليزية دائما غائبون وهو مشكل يطرح في الجنوب خصوصا أين يجد الطلبة صعوبات كبيرة. اختفاء الصراعات الإيديولوجية من المشهد العام بالجامعة فسره المتحدث بتلاشي التيار اليساري وتوافق التيارين الوطني والإسلامي اللذين لا يعتبران متناحرين بل متكاملين ومتعايشين لعدم وجود تصادم بينهما و اختلافات جذرية ، ويرى أنه من غير المنطقي أن تبقى الجامعة بعيدة عن السياسة لكنه يرفض خضوعها لسيطرة الأحزاب لأن على الطالب أن يلعب دوره السياسي، لكنه يرى أن ضعف الطبقة السياسية انعكس على الجامعة وجعل الطالب منشغلا بأموره الخاصة فقط، وينفي بأن يكون الجدل القائم حول الحفلات الصاخبة في الجامعة والمطروح بحدة من طرف تنظيمه ايديلوجيا بل يراه حرصا على حرمة الجامعة بعد أن لجأ مديرون إلى جلب مغنيات من الملاهي لتنشيط حفلات جامعية، ويرى أن الطلابي الحر قد تحرك من منطلق مرجعيات تتقاطع مع مرجعيات المجتمع الجزائري في مختلف الاحتفاليات، وهو موقف لا يتعارض مع توجهات الوزارة الوصية. ويرفض محدثنا موقف بعض المسؤولين برفض فتح مصليات لأنه "لا يمكن تصور مجتمع به آلاف الطلبة لا يتوفر على مكان للعبادة" ، وهي مرافق متوفرة بنسبة 90 بالمائة وفق تقييمه بينما تبقى النسبة الأخرى خاضعة لمواقف خاصة فقط على حد تعبير المتحدث الذي قال بشأن الخلافات التي تطرأ ببعض المصليات أن سلفيون يحركونها محذرا من انتشار السلفية بالجامعة الجزائرية كونها مذهب غريب عن المجتمع الجزائري ومذهبه المالكي .