مصور العيد لم يعد يستهوي الجزائريين يعرف المجتمع الجزائري تغيرات كثيرة و بوتيرة متسارعة خلال السنوات الأخيرة، غيرت معاني مناسبات عدة نتيجة التكنولوجيا التي ألغت الزيارات و أفقدت الأعياد نكهتها بسبب كاميرات التصوير الصغيرة و الهواتف النقالة المصورة التي أزاحت مصور العيد عن الطريق. فبعد أن استبدلت الزيارات العائلية برسائل الهاتف القصيرة أو الفايسبوك و التويتر و غيرت معنى العيد بعد أن أصبح لقاء الأقارب منحصرا في الأعراس أو مناسبات أخرى، وصل الدور إلى أشياء أخرى كانت تميز العيد و تمنحه نكهة رائعة، مثل أن تشاهد الأطفال بثياب العيد الجديدة و هم يشكلون قوافل متجهين إلى المصور لالتقاط صورة تذكارية تخلد المناسبة، و يهرولون في اليوم الموالي من أجل الحصول عليها. تلاشت صورة العيد، و تلاشت معها نكهة أخرى، لتدخل الكاميرات الخاصة الصغيرة التي أصبح لا يخلو منها أي بيت، بحيث يلتقط الفرد صورا له و لأفراد عائلته بنفسه دون حاجته للتنقل إلى استوديو التصوير، لتتطور الأوضاع بشكل أكبر بظهور موجة الهواتف النقالة الحديثة المصورة ك"الغلاكسي" و" الآيفون" التي تمكنت خلال السنتين الأخيرة حتى من احتلال مكانة آلة التصوير الخاصة، و أصبح كل فرد يملك هاتفا مصورا يحفظ العشرات من الصور الخاصة التي لم يلتقطها المصور. و في جولة قصيرة لنا بشوارع بلدية بودواو بولاية بومرداس، تقربنا من محل للتصوير كان يبدو في وضعية غير لائقة، دخلنا فلم نجد سوى رجلا متقدما في السن، سألناه عن عدد زبائنه خلال الأيام العادية و حتى في أيام العيد، فرد بحسرة قائلا بأنه نادرا ما يدخل شخص من أجل التقاط صور كتلك التي كانت تستهوي الكثيرين لتبقى ذكرى تحفظ المناسبة، مضيفا بأن التصوير ينحصر حاليا في البورتريهات الخاصة بالوثائق و الملفات لا غير. و يقول صاحب المحل بأن التطور التكنولوجي قد تسبب في تراجع مدخول كل المصورين، و أدى إلى تغيير عدد كبير منهم للنشاط بسبب حالة البطالة التي أحيلوا عليها اجباريا ، و لم يعد التصوير ضروريا إلا بالنسبة للصور الخاصة ببطاقة الشفاء التي تستجوب تقنيات خاصة، و حتى هي غير متوفرة بكافة محلات التصوير، لينحصر بذلك دور صاحب المحل في استخراج الصور للزبائن التي تصله يوميا بالعشرات عبر بطاقات الذاكرة الخاصة بالهواتف أو آلات التصوير، أو عبر الحافظ "فلاش ديسك"، لتتحول المهنة من التصوير إلى الاستخراج بما يشبه مجرد آلة ناسخة. و تبقى التكنولوجيا التي قدمت الكثير للبشرية تؤثر سلبا على المجتمع الجزائري، فبد إلغاء الزيارات، و إزاحة مصور العيد من الطريق، فيا ترى لمن الدور العيد المقبل بعد أن بتنا نفتقد نكهته التي تتراجع عاما بعد عام؟