قلصت التكنولوجيا الحديثة من هواتف نقالة وكاميرا محمولة عدد المصورين المتجولين الذين كانوا في السابق يملؤون الساحات العمومية والشواطئ بحثا عن عائلات او أصدقاء أو سياح بغرض تصويرهم والتقاط صور تذكارية لهم مسددة بذلك ضربة موجعة لمهنة عريقة. لم يكن البحث عن مصورين متجولين في الشواطئ أمرا سهلا، فمع دخول التكنولوجيا الحديثة أصبح وجودهم مرتبط بمواسم ومناسبات معينة. كفصل الصيف والمعارض التي تقام بين الحين والآخر، ويحتل اغلب المصورين على قلتهم الشواطئ المختلفة ويقومون بعرض خدماتهم على المصطافين، خاصة وان العديد منهم يقومون بجلب حيوانات مثل الأحصنة والجمال ويفرضون على من يريد أخذ صورة بجانبها مبالغ معينة تتراوح بين 200دج و300دج التقينا بالسيد ''عبد الحميد .ب '' مصور متجول يعمل في هذه المهنة منذ ما يقارب الثلاثين سنة، الذي ذكر أن عمل التصوير قد تقلص بشكل كبير جدا، وهو في طريقه للانقراض مع دخول كاميرات الديجيتال والهواتف ذات الكاميرا التي انتشرت بشكل مكثف لدى الأفراد من مختلف الفئات والطبقات الاجتماعية، وعلى بعد أمتار من عبد الحميد يتحسر '' عمي مبارك '' الذي لم تفارق الكاميرا يديه منذ عشرين عاماً إلاّ لمرات قليلة، على الأيام الخوالي التي كانت كاميراته لا تهدأ في التقاط الصور للزوار و العابرين والراغبين في التقاط صورة تذكارية أسفل مقام الشهيد، وفي رياض الفتح، وغيرها من الأماكن بالعاصمة، التي كانت لا تهدأ فيها حركة الزوار مثل حديقة الحيوانات ببن عكنون وحديقة الحامة بالعاصمة وكحال ''عمي مبارك ''فإن العديد من المصورين الجوالين، يتحسرون على تلك الأيام، ويقول'' عمي مبارك '': أنا اعمل في هذه المهنة (الهواية) منذ عام ,1975 وكنت أصور في اليوم الواحد حوالي 60 صورة للأشخاص والمجموعات السياحية، التي تتجول في شوارع العاصمة ، وقد تأقلمنا على مدى سنوات خلال عملنا مع كل تطور يحصل في عالم التصوير، من خلال استخدام الزوم العالي الدقة، ومن ثم استخدمنا كاميرات التصوير الفوري، رغم ارتفاع أسعار أفلامها ولكن كنا نبيع الصور الملتقطة بها بأسعار أعلى من مثيلتها العادية، ومع دخول مخابر التحميض الديجيتال الفورية في منتصف تسعينيات القرن الماضي، تأقلمنا معها أيضاً وصرنا نصوّر جزءا من الفيلم ونظهره فوراً في المخابر القريبة من أماكن وجودنا، ونقدم الصور للزبون فوراً وفي زمن قياسي لا يتعدى خمس دقائق. الهواتف النقالة قضت على مهن عريقة يؤكد ''عمي مبارك'' ان بداية التهديد الذي تعرض له عملنا كان في أواخر تسعينات القرن الماضي، حيث بدأ عملنا يتدهور مع انتشار الكاميرات والأفلام الرخيصة الثمن، والتي تستخدم لمرة واحدة فقط. مع ذلك ظل الأمر مقبولاً إلى حد ما، حيث ظل العديد من السياح يقبلون على الاستفادة من خدماتنا في تصويرهم، ويقولون لنا إنهم يرغبون في صور حرفية جميلة لتبقى ذكرى لديهم، إلا أنه مع انتشار كاميرات الديجيتال الرقمية، انخفض عملنا كثيراً، أما ما عصف بعملنا ودفعه دفعا الى الانقراض فهو انتشار أجهزة الهاتف الجوال المزودة بكاميرات، حيث شكلت الضربة القاضية لمهنتنا، وحالياً لم يبق في هذه المهنة سوى عدد قليل جداً من المصورين، ومعظمهم لديهم أعمال أخرى حتى يتمكنوا من تأمين متطلبات العيش لهم ولأسرهم، ولم نتخل عن هذه المهنة حتى اليوم، بسبب تعلقنا بها، واعتبارها هواية أكثر منها عملا دائما''. وحول مواسم التصوير يقول'' عمي مبارك'' : ننشط أحياناً في المناسبات الاجتماعية والمهرجانات والمعارض التي تقام سنوياً،حيث يرغب البعض من الرواد والزوار أن نلتقط صوراً لهم بكاميراتنا فنفعل، حيث يكونون إما هواة لأخذ مثل هذه الصور، أو لأنهم لا يمتلكون جوالا بكاميرا، وفي هذه المناسبات يعود البعض من زملائنا للعمل، ولكن لأيام محدودة تنتهي مع نهاية المعرض وموسم الاصطياف .