محمد الأمين سعيدي تخرجُ الجثثُ من رفاتها تخرجُ من عويل الأرضِ من ليلٍ يجثم فوق رأس المدنِ الخرقاء تخرجُ في أعماقها أمسٌ كهذا الليلِ تحملُ رائحة الطينِ إذ تفنى وتذرو قبل آنِ البعث ريحا للقيامة تعودُ من كل الجهات متسلقة عقارب الوقتِ مقاومة زحف الثواني والساعاتِ صوب اللاعودة وإذْ تنسى أنها بلا حياةٍ تنتشر في المدينة تراعي حاجاتها كما كانتْ تفعل قبل أنْ تحترق مثلا:تجلس جثة عاشقة في مقهى "الموعد الجميل"/فينكرها النادل المتوقّفُ دمُه من الفزع/ومع هذا تمكث تنتظر حبيبا لا يأتي/تحسبه نسيَ العشقَ/وآيةَ حبهما في سفر الملتاعينَ/لكنه-المسكين-يفتش عن وجهِ حبيبته تحتَ جبالِ الخراب/وبين شظايا القذائف/وفي جيوبِ الموتِ البريء من دمها/ لكلِّ جثة مكانٌ يشاركها فجائعها/ لجثة العاشقِ الحديقة... للجائعِ مخبزة بلا طحين للجشع قبرٌ لشخصين للصادقِ السماءُ أما جثة الشاعر الحداثيِّ-مثلا-فتستفيقُ عند رصيف مسجد/مرميةً بلا لسان/تحاولُ الكلام فلا تجدُ بعض الحروف/وتفتقد جميعَ أدوات الرفض:"لا" على سبيل المثال/تتوجه إلى شارعٍ كاملٍ في المخيال/خرِبٍ في واقع حربٍ تعوي/تتوجّهُ مثقلةَ الخطى كقصيدة مثقلة بالزحافات/لا ريب أنها جثة شويعر كانتْ، ما علينا/تقف تنخرها الدهشة من هول الخراب الذي تراه/تحاولُ بكاءً على أطلال المكانِ/فتتعارض أفكارها التقدمية مع فكرة الوقوف على الطلل/تتذكر قولَ شاعر لا تذكره(أبو نواس، ربما) يقول: "قل لمن يبكي على رسم درسْ واقفا ما ضرّ لو كان جلسْ" تجلسُ/ تحاولُ شعرا حداثيا فلا تسعفها القريحة تحاول إنزال قصيدة من شجرة روحها اليابسة/فتخونها الجاذبية وفي الأخير تنزل من عينها المفقوءة حصى صغيرة/تتخيلها دموعا تبكي حتى ينهارَ الشاعرُ أمام الشارع المنهار وفي وسطِ ساحة عليها لبوسُ الحزن/ورائحة جيفٍ تنبحُ/ تستيقظ جثثان متعانقتان بقوة كأنما بينهما محبة/تسترجعان ببطء صورة العالم وصورتيهما/تنظران في ملامح بعضهما المهترئة/ثم تفزع كل واحدة بعيدة عن الأخرى/تفزعان كأنما بينهما عداوة صرخت الجثة الأولى:يا صنم الرجعية الثانية:يا داء الأمة وقالتْ الساحة:هاتان جثثا علماني وإسلاميّ/أجهشتْ عليهما مدفعية بقذيفة فتعانقا/دون تفكير في اختلاف الرؤى/دون احترامٍ لدونكيشوت الأيديولوجية/تعانقا لأنّ مأساة الإنسان واحدة/ولأنَّ القذيفة لا تفرّق بين العلمانيّ والإسلاميّ/ولا تعرف رصيد كلٍّ منهما من الحسنات/ وقبل أنْ تكملَ الجثث تسكعها الأخير/يعودُ الجند، وبأسلوب التوكيد اللفظي، يطلقون رصاصة في كل جثة/أو فيما تبقى منها/ هناك من فقد رأسه/وحين يتحسسه-على طريقة صلاح عبد الصبور-يحسبه موجودا هناكَ من لم يبقَ منه غير يده اليمنى/ وإصبع السبابة منتصبا/لكن رصاصة التوكيد اللفظية تأكل السبابة وتقف للشهادة أما الذين صاروا هباءً/فيتسكعون في المدينة يدونونَ شهاداتهم ليوم القيامة/يمتطون النسيم خفافا/ويراقبون دفاع الناس بعضهم ببعض. هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته هوامش الضوء دعني أتوارى خلف صباحك أيها الريان على هامش الضوء نمت، نهضت، بكيت ألقيت ثقل النواح المفرد على ضباب النبض على هامش الضوء و الوحدة رسمت بإصبعي ما يشبه دوار النملة رحيلك أيها الملون يا صيف البحيرات مثل شارة مسكونة بوشم عذري وأنا الأسير يا أيها القنص النحات سأمكث في حدة العناق ووحدتي المهجورة بين فريسة الحروف و حلكة الرحيل يجرفني ماء الطبع المقدس إلى تفاصيل الشموخ باحثا عن لغة اللحن و متعة الكائنات الأولى أراقص طقس اللظى منذور بأبراج النار و نفحة الوالدين على إيقاع الحبيبة مكلل بمواسم الحصار أعلثم تسابيح الذكريات، اعصف على خبايا الحصاد مزمل بسنبلة الذكريات ملثم بشرق ظله ثبير على هيئة المنحنى أنا الماء التراب عجينة الشموس قفص التهم الطلية اشتهي عوسج الكواكب أخشى سدف العزف على نبع الغياب أتيح للادخار الشقائق المنعمة وجهتي من ماء الفضة تتلاشى في مربع العتمة لكنها تمنحني عزفا على قشرة القمر الأحدب ينخلع الوهم عن رماد الأفئدة و بوتر مهووس اصعد هيكل الغفران ابتهل اسمع الماء يناجي عطش الصلاة انفض عراء الأمكنة بمكنسة الخشونة و ندف الحنان آثام خرساء ذهول طاهر خلاص المجيء إلى رئة الحناجر حاضر غائب كان روائي استغفارا يحيل إلى وفقط إذا كان دستور الهرم قشرة من شفة ضامئة لكنه الطبع و اللحن البطيء ينبعان من محراب أجاج وتد جأشه نيشان خنوع ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، أتراني استقيت شموسك و الغياب لتتلاشى معزوفة النبع المحصى متهجيا حنان العطش ابتهل إلى أعماق الأعماق أدنو أذوب من رمق الوتد الأخضر أناجيه ليعيدني إلى كفل الجليد علني من هناك ابدأ موسم الحصاد ومن حجب الأقنعة المكتشفة للنجوم العابرة الجم وطن الأمسيات ذلك الهراء شبيه مومس تمر مسرعة و على عجل احد من ماسة في حنجرة الأرض حتى صوتك المتهدج لا يؤنس بكرة الطلب المعلب لا يواري ثنايا الصداح غيما يمر على مهجة الانتظار موجة خلاسية تحرس الانتظار لكواكب العصر.