مجمع أرسيلور ميطال يرصد 763 مليون دولار للإستثمار في مركب الحجار و يوافق على تقليص حصته من الأسهم عرف التجمع الذي نظمه الفرع النقابي لمؤسسة أرسيلور ميطال عنابة صبيحة أمس مشاركة نحو 2500 عامل، سجلوا حضورهم أمام مقر النقابة لتزكية جناح كشيشي في الصراع القائم بخصوص " شرعية " الفرع النقابي الحالي، و هذا في غياب تام للمحسوبين على صف البرلماني السابق عيسى منادي، سيما و أن المركب إتخذ جملة من التدابير الإحتياطية تحسبا لأي إنزلاق في الأوضاع، و ذلك بتشديد المراقبة على مستوى البوابات الأربعة، لمنع الأشخاص الغرباء من التواجد داخل مركب الحجار طيلة الفترة الصباحية ليوم أمس، و هذا على خلفية الإتهامات التي كان كشيشي قد وجهها لمنادي، و التي مفادها تسخير مجموعة من المسبوقين قضائيا و إقحامهم وسط العمال في محاولة لتشكيل مجموعة عمالية معارضة. التجمع الذي دام نحو 45 دقيقة خصصه الأمين العام للنقابة داود كشيشي لسرد نتائج المفاوضات التي كانت قد دارت بين المديرية و الشريك الإجتماعي منتصف شهر سبتمبر الجاري، إثر تمسك الفرع النقابي بلائحة المطالب العمالية التي تبنتها الجمعية العامة، حيث إعتبرها بمثابة مكسب كبير، سيما بعد إعتماد زيادات في الأجور و المنح، و لو أن كشيشي عرج على الإشكال القائم مع الإتحاد المحلي لسيدي عمار، بتأكيده على أن القضية كانت من إفتعال الأمين العام السابق للنقابة عيسى منادي الذي حاول إحداث إنقسام داخل المجلس النقابي، بفرضهم ضغوطات على مجموعة من الأعضاء، بحثا عن توقيعات تمكنه من تحصيل النصاب القانوني، الذي يخول للمعارضة المطالبة بتنظيم جمعية عامة طارئة، و هنا جدد كشيشي التهجم على منادي و جماعته، واصفا إياهم بأصحاب المصالح الذين فتح مخطط الإستثمار المسطر أطماعهم للظفر بالكثير من الصفقات، مادام أنهم يمتلكون العديد من شركات المناولة بأسماء مختلفة. هذا و قد إعترف كشيشي في معرض حديثه عن الأزمة الراهنة التي تهز أركان النقابة بوجود مجموعة من النقابيين وقعوا فعلا على عريضة سحب الثقة التي كان منادي قد بادر إلى إعدادها، من دون أن يعلن عن العدد الرسمي، و إكتفى بالقول في هذا الإطار بأن النقابيين الذين وقعوا على العريضة لم يستوفوا بعد النصاب المطلوب، و قد وعد بكشف أسمائهم في قائمة رسمية ستوزع على جميع الورشات و الوحدات الإنتاجية، الأمر الذي جعله يطالب العمال بضرورة الإلتفاف حول النقابة الحالية، و قطع الطريق أمام منادي و جماعته، و الذين يريدون حسب قوله " تسجيل عودتهم إلى مركب الحجار عبر بوابة النقابة لخدمة مصالحهم الشخصية بعد تجسيد مخطط الإستثمار، دون مراعاة مصلحة العمال ". هذا و قد أفضى التجمع إلى حصول جناح كشيشي على تزكية بالأغلبية الساحقة من طرف العمال الذين كانوا حاضرين، و هي التزكية التي إعتبرها ردا صريحا على منادي، مع إدراج مطلب تجميد نشاط جميع أعضاء الإتحاد المحلي لسيدي عمار ضمن لائحة مطالب العمال المقدمة إلى المركزية النقابية، بحجة عدم توفرهم على شروط ممارسة النضال النقابي. بالموازاة مع ذلك فقد أصدرت المديرية العامة لمؤسسة أرسيلور ميطال عنابة أمس بيانا أكدت فيه على إستكمال الإتفاق الإستراتيجي الذي سيبرم مع الطرف الجزائري ممثلا في مجمع " سيدار " بخصوص برنامج الإستثمار المسطر على المديين القصير و المتوسط، و هو البرنامج الذي رصد له غلاف مالي بقيمة 763 مليون دولار، موجه بالأساس لتطوير مركب الحجار و كذا منجمي الونزة و بوخضرة بولاية تبسة، لأن هذه الوحدات تمون المركب بالمادة الخام. و أشارت المديرية في بيانها إلى أن برنامج الإستثمار المسطر سيشمل جميع الورشات و الوحدات الإنتاجية، في مقدمتها الفرن العالي الذي سيعرف عملية تجديد شاملة، مع إعادة تأهيل مختلف الأنظمة المرتبطة بسير العملية الإنتاجية، و تنصيب نظام كهربائي يساهم في ضمان النوعية الجيدة من الإنتاج، على إعتبار أن مجمع أرسيلور ميطال وضع خارطة طريق تواكب التصورات المستقبلية المقترنة بمخطط الإستثمار، و ذلك بالمراهنة على رفع الإنتاج من مليون طن سنويا إلى 2.2 طن من الفولاذ السائل سنويا. إلى ذلك فقد أرفق بيان المديرية بنسخة من الموافقة الرسمية لمجمع أرسيلور ميطال الكائن مقره بدولة لوكسمبورغ على برنامج الإستثمار المسطر، و ذلك بعد إقتناع مسؤوليه بضرورة مواصلة العمل في الجزائر، على أن يمول مخطط الإستثمار حسب مساهمة كل طرف، و هي أمور سيتم ضبطها عند التوقيع على العقد الرسمي في غضون الأيام القليلة القادمة. من جهة أخرى فقد تضمن البيان موافقة مجمع أرسيلور ميطال على التنازل عن حصة من أسهمه في مركب الحجار، و ذلك بتقليص حصة الشريك الأجنبي من 70 إلى 49 بالمئة، مقابل الرفع من نسبة مساهمة الطرف الجزائري ممثلا في مجمع " سيدار " من 30 بالمئة إلى 51 بالمئة، و بالتالي السماح بتأميم مركب الحجار وفق خارطة الطريق التي رسمتها الحكومة. و في هذا الإطار أكد المديرية العامة لمجمع " سيدار " أن إعادة النظر في حصة الأسهم و تأميم مركب الحجار قرار حتمي أمتله ظروف التسيير، لأن إشكالية تسيير الإنتاج ألقت بظلالها على الوضعية الراهنة للمؤسسة مادامت القدرة الإنتاجية قد تراجعت إلى عتبة 500 ألف طن سنويا، و هو ما يمثل سوى 0.5 بالمئة من إجمالي إنتاج مجمع أرسيلور ميطال في جميع دول العالم.