نقابة أرسيلور ميطال ترفض مقترح الإدارة و تتمسك بخيار الإضراب الشامل تعطلت المفاوضات التي دارت أمس بين المديرية العامة لأرسيلور ميطال عنابة و الفرع النقابي للمؤسسة بسبب تمسك كل طرف بموقفه بخصوص قضية الزيادة في الأجور. حيث أن التباين الصارخ في وجهات النظر بين ممثلي الطرفين كان كافيا لوقف جلسة العمل بعد 3 ساعات من النقاش، لكن مسؤولي مفتشية العمل لولاية عنابة لعبوا دور الوسيط و حاولوا إحتواء الخلاف القائم، من خلال النجاح في برمجة جلسة مفاوضات ثانية يوم الإثنين القادم لتمكين الإدارة من الرد بصفة رسمية على مطلب النقابة، سيما و أن الفرع النقابي يبقى متمسكا بخيار الإضراب و لوّح بشن حركة إحتجاجية عارمة يتم فيها شل مركب الحجار و توقيف النشاط على مستوى جميع الورشات و الوحدات الإنتاجية، مما يعني بأن الأسبوع القادم سيعرف تطورات كبيرة، مادام الإختلاف بين الجانبين واسع في قضية الزيادة في الأجور. و أكد الأمين العام لنقابة أرسيلور ميطال داود كشيشي للنصر مساء أمس أن المديرية العامة حاولت خلال هذه الجلسة التليين من موقفها، و ذلك بموافقتها على إعتماد زيادة في الأجور بنسبة 10 بالمئة دون شرط أو قيد، بعدما كانت قبل أسبوع قد وافقت على إعتماد زيادة بنفس النسبة، و وضعتها كسقف لا يمكن تجاوزه في جلسة المفاوضات، كما أنها كانت قد بادرت إلى إدراج بند يقضي بإعتماد زيادة أولية بنسبة 7 بالمئة تكون دون شروط، في حين أن نسبة 3 بالمئة المتبقية كانت مرهونة برفع مستوى الإنتاج إلى سقف 300 ألف طن من الفولاذ السائل خلال السداسي الثاني من السنة الجارية، و هي الورقة التي حاولت المديرية لعبها على حد قول ذات المتحدث ، لفض النزاع القائم و إمتصاص الغليان العمالي، بإلغاء الشروط التي كانت مدرجة، و بالتالي تبني زيادة إجمالية و فورية بنسبة 10 بالمئة لجميع مستخدمي المؤسسة، دون أن يتم ربط الزيادة المقترحة بمدى نجاعة العملية الإنتاجية. من الجهة المقابلة فقد أعرب الفرع النقابي عن رفضه التام لهذا المقترح و تمسك بمطلب إعتماد زيادة فورية بنسبة 24 بالمئة، على أن تكون زيادة ثانية بنسبة 6 بالمئة خلال الثلاثي الأول من السنة القادمة، الأمر الذي كان كافيا لوقف المحادثات بين الطرفين، لأن الإدارة و التي كانت ممثلة بالثنائي كحل اللسان و عكاشة لم تكن تملك سلطة إتخاذ القرار، لأن مثل هذه القرارات لا بد أن تطرح للدراسة على طاولة مديرية الموارد البشرية لمجمع " أرسيلور ميطال " بدولة لوكسمبورغ، و عليه فقد تعهد ممثلا الإدارة بإشعار مسؤولي المجمع بتطورات جلسة المفاوضات في تقرير مفصل و شامل، على إعتبار أن المديرية الوصية كانت قد حددت نسبة 10 بالمئة كخط أحمر لا يجب تجاوزه عند التفاوض بشأن الزيادة في الأجور، مما إستدعى تدخل ممثلي مفتشية العمل و إقناع أعضاء الفرع النقابي بعدم الإسراع في إيداع الإشعار بالإضراب و التوقيع على محضر عدم الصلح، و طلب منح مهلة إضافية لإدارة مركب الحجار من أجلب دراسة مطالب النقابة قبل الرد بصفة رسمية في إجتماع حدد يوم الإثنين المقبل كموعد لعقده، و هو الإجتماع الذي سيكون بمثابة فرصة الحظ الأخير. إلى ذلك فقد تمسك الفرع النقابي في لائحة مطالبه برفع منحة القفة من 300 دج إلى 550 دج، مقابل مضاعفة منحة المرأة الماكثة بالبيت، إلا أن توقف المحادثات بين الطرفين عند مطلب الزيادة في الأجور حال دون مناقشة هذه المطالب، لأن ممثلي النقابة أصروا على ضرورة التوقيع الفوري على محضر عدم الصلح تمهيدا للخطوة الموالية، و بالتالي تجسيد خيار الإضراب الشامل الذي كان الفرع النقابي قد هدد به، غير أن الموافقة على منح مهلة إضافية للمديرية جعل النقابة ترمي بالكرة في المعسكر الآخر، رغم أن كل المؤشرات توحي بان إدارة أرسيلور ميطال لن توافق على إعتماد زيادة بنسبة 24 بالمئة في أجور العمال، كونها بررت موقفها بالأزمة التي يعيش على وقعها المركب منذ سنة 2008، و لو أن كشيشي أشار في معرض حديثه للنصر بأن باب المحادثات يبقى مفتوحا على مصراعيه، لكن الإشعار بالإضراب سيكون الخطوة الواجب اللجوء إليها مباشرة في حال التوقيع على محضر عدم الصلح، لأن النقابة تعتبر المطالب المطروحة شرعية، كونها لها علاقة مباشرة الجانبين الإجتماعي و المهني للعمال. من هذا المنطلق أوضح كشيشي بأن الشريك الأجنبي لم يعد متحمسا للإستثمار في مركب الحجار، و إصراره على مواصلة القبضة الحديدية مع النقابة يعتبر حسبه تمهيدا للرد على قرار الحكومة الجزائرية القاضي بتأميم المركب، و تقليص حصة مجمع أرسيلور ميطال من 70 إلى 79 بالمئة من الأسهم، هذا فضلا عن عدم الشروع في تجسيد مخطط الإستثمار المسطر على المديين القصير و المتوسط، كون الشريك الأجنبي ربط ذلك بضرورة الحصول على قروض من البنوك الجزائرية، و مخطط الاستثمار رصد له غلاف مالي بقيمة 500 مليون أورو، لكن جميع العمليات التي كانت مسجلة في هذا الإطار لم تنطلق ميدانيا، و البرنامج يقضي بتجديد وإعادة تأهيل الوحدات و الورشات الإنتاجية الموجودة بمركب الحديد بالحجار ومناجم تبسة، خاصة المفحمة و الفرن العالي ، لأن هذه الورشات أصبحت تعرف في الفترة الأخيرة توقفات غير مبررة بسبب عدم توفر قطع الغيار، الأمر الذي أثار حفيظة النقابة التي شككت في وجود نوايا لتسريح نصف العمال و تقليص الكتلة العمالية للمؤسسة إلى 2200 موظف. صالح فرطاس