" معجم أعلام بسكرة " يتتبع سير 170 شخصية من أعلام منطقة الزيبان صدر مؤخرا عن محافظة المهرجان الثقافي المحلي للفنون والثقافة الشعبية لولاية بسكرة كتاب "معجم أعلام بسكرة" لمؤلفه الأستاذ المحقق عبد الحليم صيد . وهو كتاب جاء تبعا للسياق المعروف في كتابة المعاجم والسير ووفقا لمنهجية المعاجم المؤلفة في تاريخ أعلام الجزائر.غير أن مؤلفه كما جاء في تصدير مدير الثقافة بالولاية الأستاذ عمر كبور أراد تخصيص بحثه لجزء واحد من أجزاء الوطن العزيز وهو مدينة بسكرة وضواحيها بكل ما تحتويه هذه المنطقة من زخم ثقافي كبير ومتنوع من فكر وأدب وقصص وشعر وفن . يقول الشيخ الإمام عبد القادر عثماني شيخ الزاوية العثمانية بطولقة في تقريظ للكتاب ورد في صفحاته الأولى متوجها بخطاب لصاحبه "... تلقيت كتابك معجم أعلام الزيبان "حسب تسميته الأولى باهتمام وتقدير، وتصفحت صفحاته النيّرة المشرقة التي سال عليها قلمك ، وهو يجري كأنه في سباق لإلتقاط ما تعثر عليه من مآثر أسلافنا الأمجاد لترجمة حياتهم العلمية والإيمانية والإصلاحية والوطنية والفكرية والاجتماعية والعملية .. وحديثك عن أولئك الأعلام إحياء لهم ولمآثرهم فقد قيل : من أرّخ مؤمنا فكأنما أحياه". ويضيف الشيخ عثماني متحدثا عن فضل هذا الكتاب وصاحبه " حديثك عنهم شرفت به منطقة الزيبان وأهلها وما حولها وعلى امتداد شهرتهم كما شرفوها هم في حياتهم المباركة بأعمالهم الصالحة ومواقفهم الخيرة وعلومهم النافعة ". في وقت تطرق الأستاذ المؤرخ سليمان الصيد في تقريظ ثان للكتاب إلى صعوبة الكتابة عن التراجم وفي المواضيع التاريخية وذلك بالنظر لقلة المصادر وشحها وبالأخص المخطوطة منها . وذكر الأستاذ الصيد أنه أشار إلى هذه النقطة في مؤلفه "صالح بن مهنا القسنطيني حياته وتراثه" حيث جاء في مقدمته أن أصعب مشكل يلاقيه الباحث عن التراث الجزائري سواء أكان مخطوطا أو مطبوعا هو من هو الشخص الذي يدلك على أن البحث الذي تريد الكتابة فيه يوجد في المصدر الفلاني وفي أي مكان ومن هو الشخص الخبير بذلك في عصرنا الحاضر . باستثناء العلماء المخلصين المختصين في التراث الوطني من جميع جوانبه. أما مؤلف الكتاب الأستاذ "عبد الحليم صيد " فيقول في المقدمة عن فكرة تأليفه : "كانت الكتابة عن أعلام الزيبان فكرة قديمة راودتني منذ أمد بعيد ، إلا أنني أحجمت عن إخراجها لأرض الواقع لأسباب عدة منها كثرة الأشغال وقلة المراجع وثقل هذا العبء الذي يقضي التقصي مع المتابعة والاستيعاب. ويعترف الأستاذ صيد أنه اتبع منهجية المؤرخ " عادل نويهض " في كتابه "معجم أعلام الجزائر" مع مخالفته في بعض الجوانب كما قال . وأشار إلى أنه اصطنع مصطلحات في تراجم العلماء والمثقفين فقد نسب كل شخصية إلى العلم أو الميدان الثقافي أو العملي الذي برزت فيه ، فمن تمرس في الفقه سماه فقيها ومن جاهد نعته بالمجاهد ومن درس نسبه إلى التدريس .كما لم ينس تعيين الاتجاه الديني الذي يتصف به العالم ، ثم دعم الترجمة ببعض النصوص التي تشهد للمترجم له بسعة العلم واستقامة السلوك وحسن الخلق . كما لفت الكاتب الانتباه إلى تعمده إتباع منهج الاختصار عن عمد وليس عن عجز ، وذلك لأن الإطالة في كل ترجمة كما قال تجعل الكتاب سفرا ضخما ، وهذه الضخامة توهن ذهن القارئ العادي ، كما أن منهج الاختصار متبع في أغلب المعاجم المؤلفة في فن التراجم في العصر الحاضر. أما منهج "معجم أعلام بسكرة" فهو الترجمة لكل علم (شخصية) متوفي له صلة بالزاب من حيث المولد والنشأة ، أو الإقامة إلى عهد الوفاة ثم الدفن . يقول الكاتب " بهذا الشرط يخرج كل من له صلة بالمنطقة بأصل ، أو بإقامة غير دائمة ، ولا مقرونة بدفن . ولهذا السبب - كما أضاف - لم أترجم أعلاما كبارا انتسبوا إلي المنطقة بالأصل فقط مثل العلامة الشهير محمد المكي بن عزوز ، والأستاذ الكبير محمد الخضر حسين. فالأول أصله من بلدة برج بن عزوز لكن مولده ونشأته في تونس وهجرته ومدفنه في تركيا. والثاني أصله من طولقة ومولده ونشأته في تونس ، وهجرته ومدفنه في مصر . وقد ترجم هذا الكتاب لحياة 170 علما من أعلام منطقة الزيبان نذكر من بينهم هنا على سبيل المثال لا علي سبيل الحصر العلامة عبد الرحمان الأخضري ، والعالم علي بن محمد بن عمارة البرجي ، الشاعر عمر البرناوي ، والعلامة عبد المجيد حبة ، الشهيد حمودة أحمد بن عبد الرزاق (سي الحواس) وغيرهم. واعتمد الكاتب في عمله هذا علي ما يقارب 122 مرجع ومصدر بين مخطوط ومطبوع بالإضافة إلى مجموعة من الأبحاث والمقالات والمحاضرات . وخلص صاحب هذا الكتاب للقول بأن أعلام الزيبان رجال أفذاذ شغفوا بالعلم أخذا وبذلا نهلوه من معينه الصافي وبذلوه لمن يستحق ، فأفادوا البلاد أيما إفادة وشرفوا الوطن في الداخل والخارج.